الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 12 ) يوسف (عليه السلام) وابتلاء الذات والامة والمجتمع البشري1
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
السيد عبد الستار الجابري

منذ دعوة النبي ابراهيم (عليه السلام) الى التوحيد والى يومنا هذا لم يخب نشاط الموحدين على الارض، وعلى وجه الكرة الارضية عاش مجتمع الموحدين ومجتمع المشركين جنبا الى جنب مع ادامة الصراع الفكري بل والعسكري بين الفريقين على مدى التاريخ.
وفي تلك الحقبة الزمنية كانت ذرية النبي ابراهيم (عليه السلام) الرمز الواضح في معادلة الصراع الفكري بين التوحيد والوثنية وكانوا اعلام الدعوة الى القيم الروحية والاخلاقية وبسط العدل ونبذ الظلم.
وقد امتد نشاط ذرية النبي ابراهيم (عليه السلام) في الفترة بين عهده (عليه السلام) وحتى عهد حفيده يعقوب، ففي جزيرة العرب انتشر بنو اسماعيل (عليه السلام)، وفي العراق وبلاد الشام انتشر بنو اسحق (عليه السلام).
اما مصر فان اثر دعوة النبي ابراهيم (عليه السلام) في فترة هجرته الى مصر ولدت مجتمعا موحدا محدودا ضعيفا عرفوا بعباد الاله اتون قبال الوثنيين الذي كانوا يعبدون امون وكانت الوثنية هي الدين الرسمي للدولة المصرية.
في تلك الحقبة الزمنية من تاريخ البشرية ولد للنبي يعقوب (عليه السلام) اثنا عشر ولدا، كان احبهم اليه واقربهم الى نفسه النبي يوسف (عليه السلام) واخوه بنيامين.
اثار تقريب النبي يعقوب لولده يوسف (عليهما السلام) حفيظة اخوته العشرة، الذين دبت في قلوبهم مشاعر الحسد الشديد الذي اثاره شعورهم ان مستقبل زعامة العائلة سيكون ليوسف (عليه السلام) واخيه بنيامين.
تحول الحسد في نفوسهم الى حقد دفين على يوسف (عليه السلام) نزع من قلوبهم قيم الانسانية فضلا عن قيم الدين التي نشأوا عليها في بيت النبي يعقوب (عليه السلام) وقيم الاخوة التي يهتم بها كثيرا الوسط الاجتماعي البدوي الذي نشأوا فيه.
في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ ال يعقوب (عليه السلام) من الضروري ان نستقرأ الحدث لنقف على حركة الابتلاء التي رسمت تاريخ المنطقة في تلك المرحلة الزمنية الحساسة، ولنقف عند الاعداد الالهي للظروف التي ترسم مستقبل الافراد والامم والمجتمع البشري برمته كما اشار الى ذلك قوله تعالى:
﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ لِكَيْ لَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آَتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat