صراع بين نفسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

كان الإمام الحسين عليه السلام يردد هذه الآية الكريمة لمرات عديدة أثناء معركة الطف الخالدة: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً) {سوره الاحزاب الاية 23} وقف إمامُنا عليه السلام ذلك الموقف الشجاع لاتهزه المحن أمام جيش عمر بن سعد ذلك الجيش الجرار الذي تقدره المصادر بين 40 الى 70 الف مقاتل، في حين كان أنصار الإمام عليه السلام وأخوته وأولاده لايزيدون عن 77 مقاتلا أو أقل من ذلك العدد فلم يكن هنالك تكافؤ عددي بين المعسكرين ولكن تبقى هنالك روح الإباء والتحدي لذلك الجيش الضال المرتد عن الخط الاسلامي الصحيح.
فقد عرض عبيد الله بن زياد على عمر بن سعد قيادة ذلك الجيش مقابل منحه هدية ثمينة جزاء لموقفه الخسيس، تمثلت هذه الهديه بمنحه ملك الري وهي أرض شاسعة وخصبة وايرادها وفير وتقع في بلاد فارس فدخل عمر بن سعد في صراع مع نفسه الإمارة بالسوء وأخذ يردد هذه الابيات:
أأترك ملك الري والري منيتي أم أصبح مأثوماً بقتل حسينِ
حسين أبن عمي والحوادث جمة لعمري ولي في الري قرة عينِ
يقولون إن الله خالق جنة ونار وتعذيب وغل يدينِ
فأن صدقوا فيما يقولون إنني أتوب الى الرحمن من سنتينِ
فتغلبت في شخصه النفس الأمارة بالسوء على النفس المطمئنة؛ فالنفس المطمئنة هي التي تسكن الى ربها وترضى بقدره. أما النفس الامارة بالسوء تجعل الانسان متعلقا بالدنيا وزبرجها والطغيان والفساد والكفر وما أوعد من سوء المصير، وبالتالي قرر أن يقود ذلك الجيش الضال ضد حق وشرعية الإمام عليه السلام حتى إنه خاطب الإمام عليه السلام قائلاً: (إما ان تقتل وإما أن تنزل على طاعة أبن عمك يزيد) فقال له الإمام عليه السلام مقولته الشهيرة: (والله لا أعطيكم بيدي أعطاء الذليل ولا أقر لكم أقرار العبيد فبيني وبينكم السيف) وإذا انتقلنا الى شخصية الحر بن يزيد الرياحي (رض) حيث كان قائدا لذلك الجيش الذي جعجع بالحسين عليه السلام وأهل بيته. وعندما اصطف الجيشان للقتال التفت الحر (رض) الى عمر بن سعد قائلاً له ومستغرباً: (أمقاتل أنت هذا الرجل؟).
فأجابه: (نعم قتالا أيسره أن تطير به الرؤوس وتطيح الايدي).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat