الصوت المثقف والبقيع : هدم قبور البقيع من وجهة نظر انسانية
حيدر غالب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر غالب

في 8 شوال من عام1344 للهجرة الموافق للعام 1926 أبان قيام الدولة السعودية الحديثة,,بادر الوهابيون الى تهديم قبور البقيع ,التي تضم بضمنها قبور ائمة البقيع,الامام الحسن المجتبى والسجاد والباقر والصادق(صلوات الله عليهم اجمعين).
بالاضافة الى قبور العديد من الصحابة(رضوان الله تعالى عليهم) .
التهديم كان مسبوقا بفتوى اصدرها مفتي الوهابية سليمان بن بلهيد وعلماء من المدينة المنورة في 25 من شهر رمضان بالعام نفسه.
ولست هنا ابحث في ادلة فقهية على جواز البناء من عدمه,فالجوازفقهيا اشهر من نارا على علم ,ولعل في دفن الرسول الاعظم في حجرته وهي بناء قائم ومن ثم دفن الخليفة الاول والثاني معه,,ومحاولة اهل البيت (ع)دفن الامام الحسن المجتبى(ع)مع جده من اكبر واظهر الادلة على الجواز,فضلا عن كثير الادلة النقلية والعقلية.
كما ان البناء بمعنى التكريم والاعتزاز سنة في كل الشرائع السابقة للاسلام كما في حادثة اهل الكهف(عليهم السلام).
ان مجرد التهديم لقبر قائم يحتضن في جنبه اي انسان كان فضلا عن ان يكون ذو منزلة انسانية واسلامية يمثل عملا وحشيا لايعبر الا عن حقد شيطاني ومأرب نفسية مريضة لا دخل للشرع المقدس بها.
فالاسلام العظيم يضع حرمة للميت لاتضعها كل الاديان الاخرى,فاوجب دفن الميت كائنا من كان وحرم هتكه وهتك حرمة قبره ان اجتثاث الارتباط بالماضي وقطعه عن الحاضر يؤدي الى وجود فراغات وفجوات مستقبلية قد تكون قاتلة احيانا,تماما كا انتج الفكر الوهابي في الحاضر من وحشية وظلامية شوهت صورة الاسلام العظيم في عيون العالم. فالهدم لقبور السلف اصحاب النظرية ومؤسسوها بمرتبة من المراتب,تعني مؤشرا لعدم احترامها واحترام حتى ارائهم,والوقوف عندها واعتبارها ثوابت النظرية التي لايمكن تجاوزها.
وهذا الامر لن يقف عند حد معين او جيل بحد ذاته بل سيتحول الى واقع معاش يفقد النظرية أرثها الحضاري بل وحتى الارتباط العاطفي بين ماضي الامة وحاضرها لينتج واقعا مشوها.
ومستقبلا مجهولا يكن لعبة بيد الايادي الخارجية عن النظرية والمتأمرة عليها.
ولنفترض ان زيارة القبور والبناء عليها تشوبها بعض الاخطاء أفليس المنطق ان نعالج الاخطاء لا ان ننسف الموضوع من اصله؟؟؟.
وللنوايا في الاسلام العظيم الاثر الاكبر في تصحيح العمل او تخطئته,ولاتجد في بلاد المسلمين من يجعل لمن في القبور شراكة مع الله تعالى او استقلالية عنه.
في كل النظريات والحركات الاصلاحية فان للماضي فكرا او اشخاصا أثرا عظيما وتقديرا خاصا ونجد كل الامم تقدس قادتها وتعمل المزارات والنصب التذكارية لهم ,تخليدا لدورهم ونضالهم وتحفيزا للعاملين من خلفهم للحفاظ على ماحققه اولئك الاوائل,وفي الاسلام العظيم فان التكريم لايقف عند حد الاسلام بل هو يمتد لكل موحد فضلا عن كل انسان.
ان استهداف الرموز الاسلامية تعبير عن رغائب ودوافع للانحراف عن الخط الاصيل للاسلام بل وتسويف كل رمز الى الحد الذي اوصل ادعياء هذا الفكر للتصريح بان عصا احدهم انفع من الرسول الاعظم(ص),بل ان هذا الاستهداف سيصل بالنظرية الى تجاوز والغاء كل ماهو معنوي وغيبي والذوبان بالماديات ممايفقد الاسلام العظيم نضارته ورقته وانسانيته,, فضلا عن الاثار والابعاد العمرانية والفنية التي لهذه الاماكن ,والتي تصيرها ارثا حضاريا عالميا فضلا عن جوانبها المعنوية والاعتبارية الانسانية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat