الاثر المادي والمعنوي الذي يحققة السلاح هو المعيار الذي تُقاس من خلاله قيمة هذا السلاح او ذاك... وطبيعة المعركة واتجاهها المادي او المعنوي يعتبر العامل الاخر الذي يحدد نوع السلاح المؤثر. فقد لاتنفع قنبلة نووية في رد هجمة فكرية او نفسية بسيطة... والعامل الاخر المهم هو الطبيعة الجغرافية لأرض المعركة، فكلما اتسعت احتاجت الى وسائل جديدة ومتطورة للمقاومة اولا.. وللانتصار ثانيا.. وللغزو ثالثا.. وفيما تقدم كان في حدود طبيعة السلاح وارض المعركة.. والشيء الآخر المهم هو اهداف المحاربين وغايتهم من هذه المعركة من جهة... ومن اخرى اخلاقية وفكر وشريعة المحارب والتي تملي عليه المنهج الاخلاقي والشرعي الذي يجب ان يكون حاضرا في ساحة النزال، وان لايستخدم الاسلحة غير الشرعية وغير الاخلاقية او (الاسلحة المحرمة دوليا) طبعا لابد من استخدام السلاح المحقق للانتصار مهما كان مادام في اطار الشريعة.
والمعركة التي تدور رحاها في هذا العصر والمتوقع استمراها الى الظهور المقدس هي معركة الاعلام... حرب نفسية وفكرية توظف من اجلها وسائل هائلة وعديدة من قنوات الاعلام والنشر والدعاية والبث... والانترنت واحد من هذه الوسائل المهمة بل لعله اهمها على الاطلاق فلا يخفى على احد حجم التطور الحاصل في وسائل الاتصال الذي وصل اليه العالم وهذا التطور يعد قفزه نوعيه كبيره في مجال ايصال المعلومات وتبادلها وانتشارها، وبفضل هذه التقنية تغيّر شكل العالم واصبح قرية صغيرة... فنظام العولمة كان الانترنت سببا مباشرا في وجوده... وهكذا تداخلت الثقافات والحضارات والديانات في ما بينها.
نعم في هذه المرحلة يوجد صراع بينها لكن على المدى البعيد ولعله القريب وكحالة طبيعية سيزول هذا الصراع لتحل محله ثقافة وحضارة ولون حياتي وسلوك اخلاقي ناتج من المزيج الفكري والثقافي لتلك الحضارات والديانات... وعلى هذا فطبيعة المعركة الان هي طبيعة فكرية ونفسية واذا اردنا ان نقيِّم دور المسلمين في هذه المعركة، فسنجدهم في جبهة تلقي الضربات بعد ان انجرف ابناؤهم في سيول الانحراف الاخلاقي والفكري او وقعوا فريسة في وادي التعصب والتطرف المذهبي، وهكذا استطاع الاعلام الغربي ان يضع في جبهته اسلحة خطرة يقاتل بها الاسلام. والاخطر من ذلك هو ان هذه الاسلحة استمدها ممن يدعي الاسلام (كالتطرف الارهابي) لكن مع ذلك مازالت المعركة قائمة وما زال الامل موجودا في تحقيق النصر. والخطوه الاولى في ذلك انفتاح المجتمعات المسلمة على نفسها للقضاء على اسباب الفرقة والانحراف، ولا يتأتى ذلك إلا عبر الوسائل غير الخاضعة لجهة سياسية او رسمية بعينها لأن هذا الخضوع يضيق سعه الانفتاح ويبرمج اهدافه وفق ميول تلك الجهات. ومن هنا ظهرت الحاجة الى انفتاح غير مقيد، والى حوار شخصي بين المتحاورين قد يمهد الى حوار اجتماعي في مابعد.
والوسيلة الوحيدة المتاحة الآن للتحرر من قيود الاعلام الموجه الذي ملأ الاثير، ومن اجل الدخول في حوار مباشر وفعّال هي الانترنت لأنه يهيء المساحة الواسعة لكل العقائد والافكار والاديان لتتبادل فيما بينها الشكوك والاتهامات والعقد التاريخية والعقلية بصورة مباشرة وواقعية وكاشفة في ذات الوقت لكل ما يطرح وما طرح تاريخيا وحاليا... وبذلك وضع الانترنت كل العقائد على المحك ليعاد في ضوء الحوار الحاصل الان تقييمها من ناحية احقيتها، فكل عقيدة لا تملك الخزين الفكري والقوه الايمانية ولا تملك هدفا محددا ستزول بصورة تدريجية من واقع الحياة، لتبقى فقط العقائد التي تملك قوة الاستدلال ورجاحة البيان وقوة الحجة والغاية الواضحة والاخلاق الفاضلة. فمعركة اليوم الكترونية تؤسس لمستقبل كبير في حال الانتصار، وكبير كذلك في حال الانهزام، لكن بالاتجاه السلبي. انها معركة قاسية ومريرة وتحتاج الى عناصر الصبر والتحدي والفكر الشرعي والاخلاقي. بلاشك ان الدعوة الاسلامية المستمرة من صدر الاسلام إلى ان يشاء الله تعالى هي اليوم تمر بمرحلة تتطلب فيها من الدعاة الحقيقيين استخدام الانترنت كوسيلة اساسية في الدعوة الى الله تعالى. وعودا الى بدء نقول ان معركة الظهور المقدس في واقعها العام معركة نفسية وفكرية تريد اخضاع العقل البشري الى الاعتراف والقبول بقضية الامام الموعود (عليه السلام) وبذلك فان الاسلحة المعرفية هي السلاح الاول في هذه المعركة.. وبطبيعة الحال وكما مر فان الوسيلة المتاحة لايصال هذة المعرفة بصورة مباشرة الى المتلقي هي الانترنت (ودعونا لاننسى بأن وسائل الاعلام الاخرى ستكون مملوكة لجهات معادية لامام او غير قادرة على ممارسة دورها بفعل ضغوط سياسية او غيرها). والامر الآخر هو ان دعوة الامام (ع) لاتستثني اي جزء من المجتمع الانساني ولذلك فهي مفتوحة على كافة الشعوب البشرية لأنها تريد ان تدعو كل الانسانية إليها وان تحقق انتصارا بل لابد من الانتصار. والعدو الاول لهذه الدعوة هو الجهل والتخلف الفكري والانحراف وتشويه الحقائق التاريخية والحالية والشرعية... وهذا العدو لايُقاوم إلا بالعلم ونشرة اضافة الى ان هذه الدعوة تريد مد جسور الانفتاح ورفع الالتباس والتبشير بمشروعها واهدافها ونشر افكارها .
ان السلاح النووي لا يؤدي الى اي نتيجة او انتصار ومن هنا لا يوجد امام هذا الدعوة في هذا العصر عصر المعلومات سوى الانترنت كوسيلة وسلاح وساحة معركة (ليس ضد الانسان) لانه هدفها وغايتها ولايمكن ان تقتله او تدمره فأسلحة الدعوة المباركة تستخدم للقضاء على الجهل والتخلف ورفع الفتنة والفرقة وكذلك مواجهة عمليات المسخ العقلي الذي تمارسه الجهات الظلامية والاستكبارية.
اعتقد ان الانترنت ترك اثره في ساحة النزال العلمي ليهب المحارب من اجل قضية الامام عناية الله تعالى ورعايته ويهبه الفيض الالهي والارتباط بالامام عليه السلام على المستوى الروحي والمعنوي. واذا تحقق هذا الارتباط فان طريقا في اتجاه نصرة الامام قد وجد وتعلقا بولايته قد تم.
بقي شيء مهم وهو زمان هذة المعركة التي ابتدأت مع هذا العصر المعلوماتي عصر ماقبل الظهور بعبارة اخرى ان الانترنت من اهم عناصر التمهيد وستظهر نتائجه مع اول يوم من ايام الظهور المقدس.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat