الحياة الطيبة في القرآن الكريم ح1
اسعد عبد الرزاق فرج الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اسعد عبد الرزاق فرج الله

تكتنف الحياة آلام ومصائب، وصعوبات تحيط بكل كبيرة وصغيرة، وتشاطر كل مرحلة من مراحل الإنسان، ومن هذا المنطلق سعت البشرية عبر تاريخها إلى تحصيل الإطمئنان النفسي والسكون الأبدي، والراحة المنشودة والسعادة المجهولة.
وقبل أن تسعى البشرية وراء السعادة، كانت لها وقفات عند تفسير هذا المفهوم الخلاق، وحارت أمام مسارات مختلفة في تفسير السعادة، وطرق الوصول إليها، وكيفية البقاء تحت فيئها.
وظهرت منذ القدم مدارس فلسفية، واتجاهات فكرية، لتناول البحث على ما يرتبط بوجود الإنسان، وأصل الخليقة، والغاية منها، والمصير المنتظر، حتى قام الاختلاف بين اتجاهات متعددة، أخذت على عاتقها تفسير الحياة، والسنن الكونية، على حين بقي الفرد يعيش وسط هذه الاتجاهات التي منها الدينية والفلسفية، ومنها الروحية، وكل حسب رؤيته وأدلته.
ينطلق الدين في تفسيره من صميم النفس الإنسانية، ليقدم الأجوبة لتساؤلات النفس، فيدعو النفس إليها لتحصل على الجواب.
أما الفلسفات الوضعية، فقد حققت جزءاً من تلك الإجابات، وأخرى قد وقفت إلى جانب الدين، حتى ساهمت في ظهور صفحة واضحة للفلسفة الدينية.
ونحن الآن بصدد استلهام جزء مهم في منظومة الإسلام، ليوضح لنا تلك السعادة المنشودة، التي تتوافد إلى معرفتها أذهان الكثير في هذا العصر المليء بالمشاكل، حتى عكس تداعياته على الواقع النفسي للأمة، لتعيش حالة من الاضطراب في تدينها، فضلاً عن كونها تواجه تيارات فكرية خطيرة، تسعى إلى إقصاء الدين، مدعية فشله في إنقاذ البشرية من آلام الحياة، حيث وجهت اتهامات نحو الدين، تكرّس فكرة النعيم الأخروي بمعزل عن حياة كريمة وسعيدة، تستفيدها البشرية من الدين.
الحياة الطيبة... في الدنيا أم في الآخرة؟
والقرآن الكريم باعتباره دستور الإسلام، والصفحة الجامعة لأسسه ومفاهيمه، يقدم لنا حقيقة تلامس الواقع النفسي للفرد، من خلال عدة آيات أهمها قوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} النحل/97.
قيل أن الحياة الطيبة: الرزق الحلال، وقيل أنها الرضا بما قسم الله، وقيل أنها العبادة مع الرزق الحلال، وقيل هي التوفيق لطاعة الله، وآخر الأقوال هو أنها الحياة في الجنة، وجميع التفسيرات تقرب تحققها في الحياة الدنيا، سوى تفسيرها بحياة الجنة- ونستطيع أن نأخذ جميع التفسيرات لأن (الحياة الطيبة) لما كانت نتيجة للعمل الصالح، فهي تشمل كل مراحل وجود الإنسان سواء الدنيوية أم الأخروية.
ومن هذا ننتهي إلى شمولية الجزاء الإلهي لكلا المرحلتين الدنيا والآخرة، وإرجاع ما يصيب البشر إلى أعمالهم، فتكون الأعمال هي المحرك الأساس نحو ما يحيط الإنسان من مصائب وآلام أو نعيم واطمئنان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat