معاني اسماء الله الحسنى (2)
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الاحد
الله هو الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد .
الفرق بين الواحد والأحد أنَّ الواحدَ يُفيد وحدةَ الذَّات والأحد يفيده بالذَّات والصِّفات .
وقيل : إنَّ اسمَ (أحد) أَخَصُّ وأكملُ من (واحد)، وهو يأتي بمعنى أَوَّل العدد (أحد عشر) .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
أنَّ مَنْ نَسَبَ لله تعالى الولد فقد شتمه؛ تعالى الله عن ذلك؛ قال : «قَالَ اللهُ كَذَّبَني ابنُ آدمَ وَلمْ يَكُنْ لَهُ ذَلكَ، وَشَتمني وَلمْ يَكُنْ لَه ذَلكَ؛ فَأمَّا تَكْذيبهُ إيَّاي فَقوْلُهُ لَنْ يُعيدني كَما بَدَأَني؛ وَليسَ أولُ الْخلق بأهونَ عَلىَّ مِنْ إعادته، وَأَمَّا شَتْمُهُ إيَّاي فَقولُهُ : اتخذ اللهُ وَلدًا وَأنا الأَحدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلدْ وَلَمْ أُولَدْ وَلمْ يَكْنْ لي كُفْأً أَحَدٌ»
الصمد
السَّيِّدُ المصمود إليه في الحوائج الذي تصمد إليه الخلائق كُلُّها وتقصده في جميع أحوالها .
والصمد : هو المصمت الذي لا جوف له .
وصمد إليه : بمعنى قصده .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- ينبغي على العبد ألَّا يَقْصدَ غيرَه ولا يلجأ إلا إليه ولا يطلب إلا منه .
- سورة الإخلاص التي ورد فيها (الأحد) و(الصمد) تَعْدل ثُلُثَ القرآن، ومما قيل في أَنَّها عَدَلَتْ ثُلُثَ القرآن أنَّه لأجل اسمي (الصمد والأحد) اللَّذان لم يوجدا في غيرها من السور، ولما اشتملت عليه السورة من معرفة الذات المقدسة .
ذُكر هذان الاسمان (الأحد، الصمد) في أَصَحِّ الأحاديث عن الدُّعاء باسم الله الأعظم؛ حيث كان الدعاءُ تَوَسُّلٌ إلى الله بتوحيده .
الحي
مُتَضَمِّنٌ للحياة الكاملة التي لم تُسْبَقْ بعدم ولا يَلْحَقُها زَوَال؛ الحياة المستلزمة لكمال الصِّفات من العلم والقدرة والسَّمْع والبَصَر وغيرها .
وحياتُه مُنَزَّهَةٌ عن مشابهة حياة الخلق لا يجري عليها الموت أو الفناء، ولا تَعْتَريها السُّنَّةُ – أي النّعاس- ولا النَّوم .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- مَنْ عَرَفَ هذه الصِّفةَ في رَبِّه تَوَكَّلَ عليه وانقطع قلبُه إليه عن الخلق المحتاجين مثله إلى خالقهم؛ فكيف يرجوهم بعد ذلك ؟ ( وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ وَكَفَى بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا ) [الفرقان: 58] .
- الحياةُ الدُّنيا كالمنام، والحياةُ الآخرة كاليَقَظَة، والله – تعالى - يَهَبُ أهلَ الجنة الحياةَ الدَّائمة؛ ( وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآَخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ ) [العنكبوت: 64]، والكافر والمجرم والشَّقيُّ في نار جهنم ( لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَا ) [الأعلى: 13].
للعبد أن يَجْتهدَ في أنْ ينالَ من هذا الاسم القسم الأوفر؛ فَيَسْعَى للحياة الآخرة بالحياة الدُّنْيا مكتفيًا بمن يَهَبُه هذه الحياةَ الأبديَّةَ؛ فحقيقةُ الحياة هي الحياةُ بالرَّبِّ – تعالى - لا الحياةُ بالنَّفْس والفناء وأسباب العَيْش .
وقد حَثَّ الرَّسولُ صلى الله عليه وسلم على الدُّعاء بهذا الاسم في حال الكَرْب : «يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمتك أستغيثُ»(الترمذي) وكان شيخُ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - شديدَ اللَّهَج بهذين الاسمين مؤكِّدًا على ما يتركانه من تأثير عظيم في حياة القلب، وكان يشير إلى أنَّهما الاسمُ الأعظمُ .
القيوم
القائمُ بنفسه المقيمُ لغيره كاملُ القَيُّوميَّة؛ قام بنفسه وعظمت صفاته، واستغنى عن جميع مخلوقاته، وقامت به الأرض والسماوات وما فيهما من المخلوقات .
- ومن كمال قَيُّوميَّته أنَّه لا ينام؛ إذ هو مُخْتَصٌّ بعدم النُّعاس والنَّوم .
- اقترانُ اسم القَيُّوم بالحَيِّ في القرآن يَسْتَلْزمُ صفات الكمال ويَدُلُّ على دوامها؛ فالحيُّ الجامع لصفات الذَّات، والقيومُ الجامعُ لصفات الأفعال .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- الخلائقُ ليست قائمةً بنفسها؛ بل محتاجةً للحيِّ القيُّوم الذي يُحْييها ويقيمها؛ فهو – تعالى - القيوم لأهل السَّماوات والأرض القائم بتدبيرهم وأرزاقهم وجميع أحوالهم .
- القيوم على وزن "فيعول" من قام يقوم، وهو من قوله - تعالى : ( أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ) [الرعد: 33] أي يَحفظ عليها ويُجازيها ويُحاسبها .
- أعظم آية في القرآن هي آيةُ الكُرْسيِّ التي ورد فيها الاسمين معًا كما وردا في حديث اسم الله الأعظم وكما وردا في ذكر الاستغفار الذي يغفر لقائله وإن كان فَرَّ من الزَّحْف .
- مَنْ عَرَفَ معنى اسم القيوم لم يَجْعَلْ للدُّنيا في قَلْبه قيمةً كبيرةً، والله قائمٌ بأَمْره ووجب عليه أن يقوم ما كلَّفه مولاه القَيُّوم علمًا وعملاً .
بديع السماوات والارض
- المنفرد بخلق السماوات والأرض، وبدع الشيءَ أنشأه وبدأه، وقد ذُكر الاسم في أحد أحاديث الدُّعاء باسم الله الأعظم .
أَثَرُ الإيمان بالاسم :
- وَرَدَ الاسمُ في بيان قُدْرَة الله أمامَ ما نُسبَ إليه من الولد النَّبيِّ عيسى بن مريم، عليهما السَّلام .
- فقوله (كُن فَيكُونُ) من أَبْلَغ الحُجَج على استحالة نسبة الولد إليه، ( بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) [الأنعام: 101] .
- ثم قال تعالى تأكيدًا على أن خلق السموات والأرض أعظم من خلق بني آدم ( لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) [غافر: 57].
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat