صفحة الكاتب : زينب العارضي

وبعث المصطفى
زينب العارضي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 من قلب غار حراء، أشرقت رسالة السماء، وهبط الوحي بأمر الملك العلام، حاملًا بشرى ميلاد الإسلام، الذي ستشمل أنواره دنيا الأنام، فقد بعث الله تعالى محمدًا (صلى الله عليه وآله) فكان لكل أنبيائه مسك الختام.

جاء الرسول صادعًا بالحق، ومربيًا للخلق، أقبل كالنور الساطع، والضياء اللامع، يحمل الهدى للبشرية، ويدعوهم إلى الله (سبحانه وتعالى) والاقتراب من ساحة عطائه القدسية، والتحرر من أسر الدنيا الدنية، ونبذ الخرافة والعصبية التي فرضتها الجاهلية.
فما أجمل أن نشد الرحال بقلوبنا اللهفى، لنرتوي من سلسبيل البعثة الأصفى، ونستلهم من هذه الذكرى زادًا يعيننا على اتباع نهج النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله)؛ علّنا نحظى برضاه وننال شرف الارتواء من كأس شربه الأوفى.
هيا لنحتفل بذكرى بعثته بالشكل الذي يحيينا، ويبعث الروح في تفاصيل حياتنا، ويؤهلنا للنصرة الحقيقية لديننا وعقيدتنا وإمام زماننا فدته نفوسنا، ولنركز عند إحياء هذه الذكرى العطرة على بعض الأمور:
١- إنّ المشيئة الإلهية اقتضت أن تختم النبوة بسيد الكائنات، محمد المصطفى (عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين أفضل الصلاة والسلام والتحيات)، فصارت رسالته خاتمة الرسالات، مما يعني قدرتها على استيعاب لغة الزمن ومختلف التطورات، وبقاءها غضة طرية متى ما فُهمت على النحو الصحيح بعيدًا عن الخزعبلات، وهذا يدعونا الى الاعتصام برسالة الإسلام، ووعي أهدافها واستيعاب مضامينها والدفاع عنها والدعوة إليها على الدوام. 
٢- إنّ أول آية نزلت في هذا اليوم هي قوله (سبحانه وتعالى): "اقرأ باسم ربك الذي خلق"، وكأنها تقول لنا: إن بداية السير إليه (عز وجل) تبدأ من الاهتمام بالعلم والمعرفة الكفيلة بإخراج المرء من أنفاق الظلام إلى آفاق الضياء والسلام، فلا بد أن نعقد العزم على جعل هذه الذكرى منطلقاً لوعي الإسلام، والاقتراب الصادق من رحاب أولياء الله العظام أئمتنا (عليهم السلام)، والاهتمام بالعلم والمعرفة الموجبة للارتقاء، والقرب من رب الأرض والسماء.
٣- لابد أن تكون الذكرى مبعثًا للتعرف على الرسول الكريم (عليه وعلى آله الاطهار سلام الرب الرحيم)، ومحاولة جادة للاقتراب من ساحة لطفه العميم، والتأمل في سيرته وخلقه العظيم؛ ليكون لنا في طريقنا إلى ربنا خير اسوة، وفي تحدي صعوباتنا وآلامنا أعظم مثل وقدوة، وأفضل سبيل للتعرف عليه، هو أن نتأمل فيما قاله القرآن الكريم وأئمتنا (عليهم السلام) بحقه، فما ورد فيه عن لسان القرآن الكريم وأهل البيت (عليهم السلام) كفيل بأن يضع أقدامنا على طريق معرفته، ويرسم لنا سبيل الاقتراب من ساحته، ومن ثم السعي الحثيث للتخلق بأخلاقه والاهتداء بسيرته، والبرهنة عن طريق اتّباعه على صدق محبته، كما لا بدّ أن نعلم أنّ ديننا إنما انتشر بخلق النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) وتضحيته، فقد كان يجهد نفسه لإيصال نور رسالته، متحديًا القسوة والحصار الذي جوبهت به دعوته، صابرًا على مختلف أنواع الظلم الذي مورس ضده وضد أتباعه وشيعته، فلقد آذوه واحتشدوا لمحاربته، فلم يزدد إلا ثباتًا وتمسكًا بشريعته، هددوه وتفننوا في عرقلة مشروعه الإلهي فلم يعبأ حتى نشر في الآفاق رايته، وفي هذا درس للمؤمنين الرساليين، إذ ينبغي أن يرفعوا شعار الثبات على الحق المبين، ويناضلوا حتى ظهور الإمام الموعود (عليه السلام) وإن طالت الأعوام والسنون.
٤- لا بد أن نعلم ونحن نحيي هذه الذكرى المباركة أنّ الإسلام بدأ غريبًا وما كان مع النبي (صلى الله عليه وآله) أول الأمر إلا عمه وابن عمه وزوجته (صلوات الله عليهم أجمعين)، ولكل من هؤلاء الثلاثة دوره في إسناد الرسول والرسالة حتى تحقق بفضل بذلهم ودعمهم وتضحياتهم النصر للإسلام والمسلمين، وإن أقل الوفاء لمن يمر عليه هذا اليوم المبارك أن يعظمهم، ويطلع على سيرتهم، ويتلمس من خلال مواقفهم التي تنم عن أصالة إيمانهم وعظم عقيدتهم وذوبانهم في مرضاة خالقهم كيف السبيل إلى اقتفاء أثرهم، وحمل الإسلام نهجًا ووعيًا في القلب والروح والفكر والعمل كما حملته أرواحهم، وترجمته أفعالهم التي خلدها التاريخ رغم أنوف أعدائهم.
* وأخيرًا لا بد أن نعلم أن نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله) كان قد جاء بعد أن عكف الناس على عبادة الأوثان، وتلاشت تعاليم الأنبياء السابقين وغابت آنذاك عن حياة الإنسان، هناك سطع نور النبي العدنان، وأقبل كالشمس حاملًا معه ضياء الإيمان، فجلى عن الأبصار الغمم، وكشف عن القلوب البُهم، وقام في الناس يدعوهم للهداية، ويبصرهم بنور رسالته فيحميهم من الضلالة والغواية، فهداهم إلى الدين القويم، وسار بهم نحو الصراط المستقيم، وهذا ما ينبغي أن يجعلنا نعيش التفاؤل والأمل، إذ إننا مهما اكتوينا بنار الابتعاد عن إمام زماننا (فدته أرواحنا) فإنه سيظهر، وهذا وعد الله (عزّ وجل).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينب العارضي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/04/09



كتابة تعليق لموضوع : وبعث المصطفى
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net