قراءة في خطاب حاكم اقليم كردستان ( 1 )
نعيم ياسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
اثر التراشق الاعلامي الذي اثارته تصريحات حاكم اقليم كردستان مسعود بارزاني والتي اكد فيها عدم تسليمه المتهم الهاشمي وانه سيسهل هروبه من العراق علنا , دعا التحالف الكردستاني الى ايقاف هذا التراشق والابتعاد عنه من جميع الاطراف , وقبل ان تبلغ دعوة التحالف أي مسمع اطلق حاكم اقليم كردستان وفي خطاب رسمي في اعياد نوروز سلسة من الشتائم موجهة للحكومة الاتحادية التي يشارك فيها الكرد بقوة معلنا اصطفافه في خندق الذين يحاولون تخريب العملية السياسية بعد ان قطعت شوطا مهما على طريق النجاح وبعد ان صار انعقاد قمة الدول العربية في بغداد حقيقة , ومما اتهم به السيد بارزاني الحكومة المركزية , بل مما اتهم به رئيس الحكومة شخصيا - وان لم يسمه - انها حكومة فاشلة ويقودها دكتاتور , ودعا لتوكيد اتهاماته انه مستعد لوضع الحسابات باجمعها على الطاولة حسب تعبيره . ونحن كمراقبين نقول مرحبا بكل من يريد وضع الحسابات على الطاولة .
1- اتهم حاكم اقليم كردستان السيد رئيس الوزراء بتشكيل " جيش مليوني في البلاد يدين بالولاء لشخص واحد جمع السلطة بيديه " ، وشدد على انه " كفى " لذلك الشخص الذي يحمل صفة القائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع والداخلية ورئيس المخابرات وغيرها من المناصب " .
يعرف جيدا السيد بارزاني ان الجيش العراقي الجديد لم يشكله رئيس الوزراء بل تشكل قبل توليه رئاسة الحكومة الاولى, لكن رئيس الوزراء عمل بكل ما يستطيع على تقوية الجيش العراقي ورفده بكل ما يحتاجه كجيش حديث ومتطور , ولا نعلم لماذا ينقم السيد حاكم اقليم كردستان على الجيش العراقي بعد ان عمل بكل مايستطيع مع الحاكم الامريكي بريمر على حل القوات المسلحة العراقية ؟ . يبدو السيد بارزاني من تصريحه وامتعاضه من الجيش العراقي وقوته وانضباطه وتسارع العراقيين الى التطوع في صفوفه انه يريد العراق بلا جيش وبلا قوات مسلحة , وكان الاولى بحاكم اقليم كردستان حل مليشيات ( البيش مركه ) لانها ليست قوات نظامية وانما مجموعات مسلحة حملت السلاح بوجه نظام صدام في مرحلة ما وقد انتهت تلك المرحلة . ومن العجب والمخزي ان يعد حاكم اقليم كردستان تسلح الجيش العراقي موجها ضد الشعب الكردي , وهذا الافتراء لا يستحق الرد لانه موجه الى تخويف الشعب الكردي ووضعه في خندق التشكيك بالعراق الجديد .
اما قضية ولاء الجيش لشخص السيد رئيس الوزراء فهي ايضا من الكذب المفضوح ومن الاتهامات الرخيصة لان رئيس الوزراء ولايته محدودة بدورات انتخابية وهو مغادر للسلطة لامحالة اما الجيش العراقي فهو مؤسسة ثابتة عمرها اطول من عمر الحكام , ثم ماهي عقيدة الجيش العراقي اليوم ؟ هل في ثقافته وفي اعلامه ما يشير الى ارتباطه بشخص السيد رئيس الوزراء ؟ اما كان الاجدر بحاكم اقليم كردستان ان يسال رئيس اركان الجيش با بكر زيباري وهو كردي عن حقيقة ولاء المؤسسة العسكرية العراقية الجديدة ؟ واما صفة القائد العام للقوات المسلحة فهي صفة يحملها كل من يتبوأ منصب رئاسة الوزراء وقد اقرها الدستور الذي اشترك الكرد في وضعه والتصويت عليه , وكان احرى بالسيد بارزاني ان يلوم نفسه فهو يتولى القيادة العليا ( للبيش مركه ) قبل ان يكون المالكي قائدا عاما للقوات المسلحة , وفيما يتعلق بالوزارات الامنية فقضيتها ترجع الى مواقف سياسية وازمة لايريد الاخرون حلها , ولم يقدم الكرد أي حل لها لان حاكم اقليم كردستان ومن يماثله في توجهاته لايريدون للعراق ان يتعافى من ازماته الداخلية . وازمة الوزارات الامنية يعرف السيد بارزاني حقيقتها لكنه يقف منها على طريقة " كفروا بها واستيقنتها انفسهم " . ان رفض رئيس الوزراء لمرشحي القائمة العراقية لوزارة الدفاع جاء بسبب خلفيتهم البعثية الصدامية وشمولهم بقانون المساءلة والعدالة , فهل يريد بارزاني تسليم مفاتيح قوة العراق الامنية بيد قتله الشعب الكردي على الاقل ؟ اليس رفض ترشيح مثل تلك العناصر مكسبا للكرد انفسهم ؟ .
2 - وتابع البارزاني قائلا "لقد حان الوقت الذي نقول فيه كفى، لأن العراق يتجه نحو الهاوية ، وأن فئة قليلة على وشك جرّ العراق باتجاه الدكتاتورية ، فالعراق يشهد أزمة جدية، وإن دوام وضع كهذا غير مقبول بالنسبة إلينا على الإطلاق". " إننا سنلجأ الى شعبنا، وآنذاك سيتخذ شعبنا قراره النهائي، وهذا لكي لا تلقوا علينا باللائمة بعد الآن".
من أي شيء كفى يا سيد بارزاني ؟ لستم انتم من يقول كفى لانكم تنعمون بشبه دولة مستقلة , وتعيشون في وضع لا يحلم بجزء منه أي كردي في العالم اليوم , ونحن نبارك لكم ذلك لكنكم تكفرون بنعمة ربكم كقيادات كردية وليس كشعب , من أي شيء كفى وانتم تاخذون من اموال نفط الجنوب اكثر مما تاخذه محافظات الجنوب نفسه , من أي شيء كفى وانتم وضعتم دستورا لاقليمكم فوق الدستور الاتحادي , اذ منعتم بموجبه أي جندي عراقي من دخول محافظات كردستان , واذا كان العراق يتجه نحو الهاوية – وقاه الله منها – الا تتحملون جزءا من ذلك , اليس رئيس العراق منكم ؟ اليس نائب رئيس الوزراء ونائب رئيس البرلمان وعدد من الوزراء في الحكومة منكم ؟ الستم ثالث كتلة في مجلس النواب الحالي ؟ اذن كيف تتملص من المسؤولية عما يجري في العراق وعما ينتظره في المستقبل يا سيد بارازاني ؟ . من هي الفئة القليلة التي تجر العراق نحو الدكتاتورية ؟ لماذا اعوزتك الشجاعة لتقولها صريحة ؟ فان كنت تعني التحالف الوطني او دولة القانون او حزب الدعوة الاسلامية فكل ما عند هؤلاء هو استحقاق انتخابي , بل هو اقل من استحقاقهم الانتخابي فهم آثروا على انفسهم فشكلوا حكومة شراكة وطنية للحفاظ على اللحمة الوطنية فيما انت وغيرك يا سيد برزاني تجنحون الى الدكتاتورية , وهذا انت تحكم في اقليم كردستان منذ تسعينيات القرن الماضي عندما فرضت الطائرات الامريكية منطقة الحظر الجوي شمال العراق , وعندما انتقدت الحركات الكردية طريقتك في الحكم احرقت مقراتهم واقتيد الكثير منهم الى السجون .
لماذا لا تصارح الشعب الكردي بما تسعى اليه , وهو اعلان الدولة الكردية المستقلة ؟ سنكون اول المباركين اذا كان الشعب الكردي راغبا بذلك فنحن لاننكر عليه تاريخه ونضاله وجغرافيته وثقافته وكل هذه مقومات دولة , فلماذا تتردد ياسيد بارزاني في ذلك ؟ ان ما يؤخر اعلان الدولة الكردية هو انتظار ضم محافظة كركوك للاقليم وهذا مرتبط بالمادة ( 140 ) وعندما تضم كركوك صباحا ستعلن الدولة الكردية مساءا وستملأ الدولة الجديدة بالقواعد الامريكية والاسرائيلية علنا , وربما ستكون دولة كردستان جزءا من حلف الناتو على غرار تركيا . هذا ما نتوقعه من مسار الاحداث , فالازمة التي افتعلها حاكم الاقليم , هذا هو المسار المراد لها ان تسلكه , ولذا فان بارزاني عندما يهاجم رئيس الوزراء ويتهمه بتعطيل تطبيق المادة (140) انما يستعجل في الحقيقة ضم كركوك الى الاقليم واعلان الدولة الكردية المستقلة .
" يتبع "
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
نعيم ياسين

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat