ظاهرة الغش.. وتعارضها مع الثوابت الأخلاقية..!
ازهار محمد كاظم
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
ازهار محمد كاظم

قال رسول الله: (ص): ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)) صدق رسول الله.
إن بناء أمة واعية مثقفة متعلمة، لها بنيان مرصوص، لا يمكن إقامته إلا بالقضاء على المعوقات التي تقف دون تحقيق هذا الهدف, وان الغش من أخطر هذه المعوقات التي يواجهها التعليم، وأوسعها تأثيراً على حياة الطالب والمجتمع, وحتى لا نبالغ في الحديث عن هذه الظاهرة، فهي ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل تفاقمت واستفحلت وبدأت آثارها تنخر جذور المجتمع، وهذه الجذور ما هي إلا عبارة عن قيم وأخلاق ومبادئ ومثل سامية تأصل بها المجتمع العراقي، والتي أصبحت اليوم مثل سحاب الصيف, والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يكون ذلك؟
ظاهره الغش تتكون من حلقة متكاملة من (كذب، واحتيال، وسرقة، وخيانة الأمانة.. والخ)، حيث اصبح الغش اليوم الهمّ الأكبر لدى التربويين، بدءاً من التعليم الابتدائي وانتهاء بالتعليم الجامعي.
ولنقف عند هذه النقطة وهي التعليم الجامعي، بل قد نتفق معاً بانه مستمر ومستمر ما بعد التعليم الجامعي ليدخل في كل مجالات الحياة الاخرى، انطلاقاً من الأسرة والى اعلى مؤسسة في المجتمع, حيث إن اولئك الذين يتعودون أو يمارسون الغش في الامتحانات، تصبح لديهم عادة الغش من الثوابت التي لا يمكن الاستغناء عنها؛ لأنها الوسيلة التي لا تحتاج الى جهد أو وقت أو تفكير بهدف النجاح وبدرجات عالية, حيث أصبح هذا السلوك المنحرف هو أقصر الأساليب وافضلها في تحقيق ما يريد, باستخدام أساليب ووسائل مختلفة، رافقت التطور التكنولوجي ووسائل الاتصال الحديثة والتي أصبحت لا تعد ولا تحصى ونحن في غنى عن ذكرها, فهذه ليست لها انعكاسات فقط على عملية التقييم، وما يتبعه من تضليل للنتائج, وكشف مواطن القوة ومواطن الضعف في العملية التربوية, فالأفراد الذين حصلوا على النجاح والشهادة بهذا السلوك المنحرف هل يمكن أن يساهموا حقاً في بناء المجتمع وتطوره؟ وهل يمكن للمجتمع ومؤسساته أن يرتكز عليهم، وهم عديمو الكفاءة والمؤهلات الفكرية والخلقية والعلمية والتربوية, فما هو الدور الذي سيقوم به هؤلاء الأفراد في بناء الأمة لا شيء يذكر بالتأكيد؛ لأن همهم الوحيد الوصول الى النجاح فقط، وليس الابداع والتطور الفكري والتقدم مع تطور المجتمعات الاخرى, فالآلاف من الطلاب الذين يتخرجون سنوياً، من منهم فعّال وله دور يذكر أو بصمة في المجتمع (يكتشف أو يخترع أو يقوم بمشروع) أو يكون نافعاً للمجتمع..؟
بل إن هذه الظاهرة تنتج جيلاً غير مؤهل علمياً او ثقافياً, بل سلاح مدمر لمستقبل الأجيال، وما لها من آثار على تفشي مظاهر الجهل في المجتمع, وتنتج جيلاً يتسم بالتهاون الأخلاقي، والتهرب من المسؤولية، والتماس الطرق الملتوية والمنحرفة في قضاء الامور.
إن مسؤولية محاربة هذه الظاهرة التي تتطور من حيث فنونها وأساليبها، تقع على عاتق التربويين، وتتطلب منا جميعاً التكاتف والتعاضد من أجل دراستها دراسة وافية للوقوف على اسبابها الحقيقية، من أجل الوصول الى علاج جذري لها؛ لأنها لا تنسجم مع الثوابت الأخلاقية، ومن أهمها مبدأ تكافؤ الفرص بين افراد المجتمع.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat