المسبحة
رشا سمير الكاهجي/ لندن
رشا سمير الكاهجي/ لندن
إنه وقت الزوال, تهيأت لأداء فريضة الصلاة بعد أن أسبغت وضوءها، وافترشت سجادتها، وارتدت إحرامها، سلمت على إمامها وتوجهت الى بارئها، أحسّت بعطر لم تشمه من قبل، وكلما اقتربت الى الأرض أكثر ازدادت نفحات هذا العطر اكثر، أتمّت صلاتها باستغراب، وعلقت تلك الرائحة بيديها، وما إن جاء موعد الصلاة المغرب ذهبت مسرعةً لسجادتها لتفترشها، وإذا بها تشمّ عطراً في ارجاء المكان، لكن هذه المرة أصرت على ان تعرف ما هو مصدر تلك الرائحة، وأيضاً تكرر معا الأمر ذاته، اذ كلما اهوت الى السجود ازداد العطر، وما ان اتمت صلاتها حتى اسرعت بالتقاط التربة التي تسجد عليها، ولكن لم تكن هي مصدر الرائحة، ثم انحنت لترجعها مكانها وتأخذ مسبحتها واذا بها مسبحة مصنوعة من تراب أبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، قربتها الى انفها ويديها ترتجفان واذا بالدموع تنهال من عينيها، وبدأت تنادي: يا سيدي يا مولاي يا ابا عبد الله، ضمتها الى صدرها واغمضت عينيها وفي قلبها صوت يقول: من انا لأملك مثل هذه المسبحة؟!
وتمنت أن تفتح عينيها لتجد نفسها في ضريح مولاها الحسين(عليه السلام)، لكن هيهات هيهات لم تستطع النوم في تلك الليلة، قضتها جالسة في محرابها ممسكة بتلك المسبحة، وما ان حان موعد صلاة الفجر حتى قامت وكبّرت ودخلت في صلاتها، وما إن أتمتها امسكت بمسبحتها وارخت عينيها بالدموع، وهي تنادي من اعماقها: مولاي يا ابا عبد الله خذني اليك، فليس لي طاقة على فراقك، فالألم يعتصر صدري وروحي مشتاقة الى فنائك، أغمضت عينيها وأخذت نفساً عميقاً لتفيض روحها لتحلق عالياً فوق ضريح يحوي جسداً مضرجاً بالجراح لتسجد قربه وتزور.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat