مناقشة حرة مع طلحة بن عبيد الله التميمي
علي حسين الخباز
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي حسين الخباز

في إحدى زياراتي لربوات التواريخ، التقيت عن طريق الصدفة بطلحة بن عبيد الله التميمي، قلت له: ألم تكن يا طلحة مع القوم الذين قالوا للخليفة: ((ما تقول لربك اذا وليت علينا علياً هذا الغض الغليظ، وإنا لم نكن نطيقه وهو رعية لك، فكيف اذا ولي الأمر؟ فاتقِ الله في الإسلام وأهله، لا تسلطه على الناس..!)) أطرق الرأس.. فقلت له: ألم يرفض مولاي أبو الحسن الخلافة، وقال للناس: عليكم بطلحة والزبير..؟ ألم يقل لكم مولاي أبو الحسن: ((ابسط يدك حتى يبايعك الناس))..؟ فقلت له: أنت أحق.. وأنت أمير المؤمنين فابسط يدك فبايعته؟ ألم يقل لكم: إني لأسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه لأمركم؟ ألم يقل لكم يا طلحة:ـ ((أنا لكم وزير.. خير لكم من أمير))، فقال: كان يعلم بأني لا أرضى أن أبايعه، ويعلم تماماً أن لا أحد يرضاني خليفة مع وجوده، ويرى انثيال الناس عليه وملاحقتهم له من مكان الى مكان، وهو يأبى لمدة خمسة أيام، وكان يعلم تمام العلم أن لابد لي من مبايعته، وقبول هذا الأمر.. فلذلك تبرعت بتسجيل اعترافي بأحقية علي بالخلافة، فقلت له: انت أحق مني بالخلافة، وأنت أمير المؤمنين.
قلت:ـ لكنه قال لك:ـ والله ما أخشى غيرك على الأمة. أجابني:ـ وأنا طمأنته بأني لا أخون.. قلت: لكنك خنت يا طلحة، وبودي أن أسألك: اين مرتكز الخوف من خلافة امير المؤمنين عليه السلام؟ فأجاب:ـ إن الأوضاع متردية بشكل عام، والإمام لاشك انه لو استلم زمام الأمر، سيركز على شؤون الإدارة والاقتصاد، مثلاً أول عمل متوقع من الامام انه سيعزل ولاة عثمان الذي سخروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة، هؤلاء الحكام لهم توابع وأقارب وناس منتفعون، وسيهدم مصالحهم الخاصة، وعزل معاوية ورفض حين استلم زمام الامر حتى المداهنة الى حين التمكن، وكنا نخشى ان يصدر حكم بتأميم الأموال المختلسة، وفعلاً صدر الأمر، وبادرت السلطة التنفيذية بوضع اليد على الأراضي التي اقتطعها عثمان لذوي قرباه، فهم على يقين من مصادرة الأموال التي منحها لهم عثمان، قلت:ـ يعني انكم تخافون الإصلاح؟ أجابني:ـ ونخاف توزيع العطاء بالتساوي، ويعني أن الامتيازات التي منحها الخلفاء ستنتهي، قلت:ـ ولهذا رفضت أن تستلم استحقاقك مع جماعة من الذين ضربت مصالحهم مثل: عبد الله بن عمر، والزبير، وسعيد بن العاص، ومروان بن الحكم.. وقلتم لمولاي أمير المؤمنين بكل وقاحة: نبايع على أن تضع عنا ما أصبناه من المال أيام عثمان، وإلا تركناك والتحقنا بمعاوية في الشام..! أجابني:ـ أردنا أن نحاوره عسانا نقف على توافق بين المطلبين..! قلت: عجيب امركم يا طلحة، ألم تدعوا له الخلافة وهو كاره لها..؟ قال:ـ هذا صح، لكن لم يعترف بالفضل الذي لنا على غيرنا، فساوانا بالعطاء، وجعل حقنا كحق غيرنا.
قلت:ـ هل استأثر مولاي بالمال لنفسه بشيء؟ أجابني: انت تكرر ما قاله الامام لنا، قلت:ـ كلنا نكرر ما يقول؛ لأنه الحق.. فهو قال عنكما انت والزبير: استأذناني في العمرة، واستوثقت منهما الأيمان أن لا يغدرا ولا ينكثا ولا يحدثا فسادا.. والله ما قصدا إلا الفتنة..!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat