الأيمو ...أختراق فاضح لهويتنا الثقافية الوطنية..!
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لاشك في أن للمواطن العراقي الهوية الثقافية الوطنية الأصيلة الخاصة به ، وهذه الهوية لهامقوماتها الحضارية ، والتي تمثل له مجموعة من المباديء والقيم والأعراف والتقاليد الأساسية التي يلتزم بها ، وهذه الهوية تجتمع فيها عناصر الهوية الثقافية للمواطن العراقي ، ومن الواجب علينا جميعاً أن نحافظ على هذه الهوية الثقافية الوطنية ، وذلك بالحفاظ على المباديء العامة وعدم الأخلال بهذه العادات ، وعدم الخدش بالحياء العام ، ونحن كما نعلم بأنه حتى الدول التي لاتدين بدين وليس لها إرث حضاري عريق نراها تحافظ على مستوى معين من الألتزام بالآداب والقواعد الإجتماعية العامة ، وعدم الخدش بالحياء العام ..
وقبل فترة ليست بالطويلة برزت على سطح الأحداث قضية (الأيمو) ، وهي ظاهرة دخيلة لاتمت إلى آداب وأخلاق الشعب العراقي بصلة ، ولكنها وجدت لها مناخاً مناسباً بين الشباب العراقي ،وذلك بسبب الظروف السياسية والإجتماعية والإقتصادية السيئة التي مرّ ولازال يمر بها المجتمع العراقي أبتداءاً من عهود الدكتاتورية ثم عهد الإحتلال الأمريكي وما جلبه لنا من مآسي ومحن ، ثم صفحة الأرهاب الأسود الذي دمر وعطّل كل شيء في البلاد ، ثم العملية السياسية المتعثرة منذ تسع سنوات مضت ، هذه كلها عوامل وأسباب أفرزت فراغاً في منظومة الهوية الثقافية الوطنية للشعب العراقي..!
لكن قبل التوغل في هذا الموضوع الخطير علينا أن نطل على الواقع التربوي العام في العراق ، ونرى هل أننا أعددنا العدة وتسلحنا بكل مانمتلك من ثقافة وقيم وأخلاق ومباديء كريمة لمواجهة هذه الأمواج العاتية المحملة بقاذورات الأنحلال والتفسخ التربوي والأخلاقي التي تستهدف مجتمعنا وتريد أن تضرب هويتنا الثقافية الوطنية بالصميم ..وهل هناك برامج ودراسات أعدت بهذه الخصوص ؟
أننا لانجد- مع الأسف- الأهتمام الجاد من قبل المؤسسات التعليمية بالجانب التربوي للطفل ، وحتى في ميدان الدراسات التطبيقية نجد أن أدارات المدارس والمعاهد والكليات والجامعات والمؤسسات المعنية تهتم بالجانب التعليمي أكثر من أهتمامها بالجانب التربوي ، ولاتعطي لهذا الجانب المهم من الأهمية مايعادل ماتعطيه من أهمية للجانب التعليمي ..!!
بينما من المفروض - وهذا هو مقتضى هدفنا - الوصول إلى المجتمع الصالح ،المجتمع القادر بالنهوض بأعباء المسؤولية ،بل حتى الكثير من مشاكلنا وحتى الفساد المالي والأدراي ، والكثير من الظواهر غير الحضارية ، والكثير من الظواهر غير التربوية ، والظواهر غير الأخلاقية التي نراها سائدة لدى بعض شباب مجتمعنا سببها عدم أعطاء الجانب التربوي الأهمية التي يستحقها سواء كان من الأسرة أو من إدارة المدرسة أو من أدرات المعاهد والكليات والجامعات والمؤسسات الأخرى .!
فعلينا جميعاً أن نستشعر أبتداءاّ من الأسرة والمدرسة والجامعة بالجانب التربوي ، لأن صلاح المجتمع وسعادة المجتمع وسعادة الفرد وسعادة الأسرة ووصول المجتمع إلى الأهداف المنشودة لايمكن أن يتحقق إلاّ من خلال ركنين أساسيين هما : التعليم والتربية معاً ، وهذا لايتحقق إلا من خلال أن نستشعر جميعاً أن هذا الجانب مهم ولايقل أهمية من الجانب التعليمي ، وتوضع المناهج التربوية والأخلاقية والوطنية والإجتماعية ، وتهتم كل إدارات المدارس بهذه الجوانب التربوية ..
لذلك من أجل أن نصل إلى المجتمع القادر على الوصول إلى أهدافه وتحقيق غاياته وحتى الكثير من المشاكل والأزمات تعصف ببلدنا وشعبنا لايمكن أن نتجاوزها إلاّ بأن نستشعر ونُشعر المسؤولين والآباء بأهمية هذا الجانب التربوي ، وكذلك علينا أن نُفعّل ذلك في مستوى الممارسات التطبيقية في الجامعات والمعاهد والمدارس ..
ولايمكن أن تُحّل هذه القضايا(كما حصل أخيراً مع جماعة ظاهرة الأيمو ) بشدخ وفضخ الرؤوس بالبلوك بعد تعذيبهم ثم إلقاء جثثهم وأوصالهم المشوهة بالمزابل والخرائب بطريقة وحشية ومرعبة فاقت أفلام هيتشكوك وتجاوزت سيناريو السفاح أبو طبر ..!!
فالذي نأمله من الجامعات ومن الكليات والمعاهد والمدارس والأسرة والمؤسسات التربوية أن تكون هناك إجراءات للحفاظ على هذه الهوية الثقافية الوطنية للمواطن العراقي ، لأنها تمثل له مجموعة من المباديء والقيم والآداب العامة ، وأن تكون هناك إجراءات يتم من خلالها الحفاظ على الحشمة والوقار والآداب التي يعتقد بأهميتها جميع أبناء الشعب العراقي مع قطع النظر عن أنتمائهم العرقي أوالديني أو المذهبي..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
عبد الهادي البابي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat