وهل يستوي الذين يعلمون ....؟
نوار الاسدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نوار الاسدي

مَنْ عَلََمَني حَرْفاً مَلَّكني عَبْداً، وما أجمله! قول النبي الكريم (ﷺ)، إذ يمكثُ حبا بين طيات القلوب وحنايا الصدور! يفيض تضحيات، ويزخر عنفواناً في ضمير كلّ حيّ، وكيف يكون الإنسانُ إنساناً؟ أليس بالذي يحملُ من جنائن معلقات في أضرحة العلوم والآداب؟! قد لّونتهُ الأيام والليالي في أحداق العيون يتطاول بالشموخ وبالتواضع، فذلك الذي يكتب الكتاب، وذاك الذي سهّر السهاد وأعيّاهُ بحثاً عن حرف ينير طريق النفوس؟! أو ذلك طرّز الكلمات فكانتْ بلسماً لجروح المعذبين أو جسراً من الحياة إلى الآخرة! وأنحنتْ كلّ الظهور حتى ملّتْ أصابع الزمن كتابة الألواح والأرقام! .. وهل يستوون؟ فلتتحدثْ القرون فقد ضاقتِ الصدور والصفحات بما في الكرم من صفات، وما في الشجاعة من ثبات! وتهدّلت أغصان الحنان ثماراً يانعات وما أنحنى علمٌ ولا أدبٌ، ولكن ظل شامخاً على مرّ العصور يهزأ بكلّ الجاهلين المتأرجحين!
وأستلُ خيوط الفجر من عيون طفحتْ بالشوق الذي طالما رعتهُ القلوب، أهدهد فيه كلّ البسمات .. وأني ذلك؟ انه في علومِ كتاب! وفي صفحات أوراق! وهل يستوون؟ هذا يحمل الحبّ والخير والشرف والحلم والعلم وذاك فارغ يتطاول في كل اتجاه ويشمخ في كلّ سماء! ولكن هيهات! إنما تفيض الأنهار بقدرها! وتتعطرّ الأجواء بما في أرضها من زهور! وأين عطور المعارف والعلوم والآداب من فقاعات أسرع بها الخيال فانفجرت! وأين شذى الكتاب إذا فاح في كل الزوايا والضلوع وراحت الكلماتُ تتماوج في كلّ المنحنيات؟! فصبراً،صبراً، إنما العلوم کواکب لامعات وأصحابها أنوار ساطعات وأصحاب العلم مدينة الرشاد أهل الهداية والكرامة والشرف كلامهم نور وفعلهم الخير وسجيتهم التقوى وعاداتهم الإحسان .. فكيف يستوون؟ وهناك ظلام، والظلام كثيف وعقل سخيف! هذا جاهلٌ لا يميز بين الحقّ والباطل أو يعرفون نعمة الله وينكرونها؟ وذاك عالمٌ وأيّ عالم! ضاقت به الشياطين يحمل في كل كف مشاعل للأباء والعفاف والأمانة والصدق والحلم والعلم وهؤلاء يتعثرون في فضول الجهل والانحراف الفساد والرذيلة! وهؤلاء صراطٌ مستقيم تنظرُ نحوهم السّماء مشرقةً زاهية تضيء لهم كما يضيئون! فهل يستوون؟ فهذا أخي وأخوك متعلم على سبيل نجاة! وذاك قرية كاملة للعلم جامع وللدين فازع تراه في العلماء خير المتواضعين وشرف الطيبين تراه بالعقل مملوءاً وبالعلم يمشي وينام، فهو لسان الشريعة وحصن الأمة ولسان الأدب ومجمع الدراية! وإذا رأيت ثم رأيتَ لتجدن في غيره ظلاماً دامساً ونفوسأ كئيبةً لئيمةً ضرب الجهل فيه ضربته فأين هذا من ذاك؟ وهل يستوون؟!
فيا أيها الفرح المتألق في عيون العلماء، سنجعل المداد شموعا يستضيء بها كلّ من ذاق حلاوة العلوم والآداب..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat