صفحة الكاتب : مصطفى منيغ

الأردن في فَمِ الفُرْن
مصطفى منيغ

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

ظلَّ لما يُقال له بأدب جَمِّ سامِع ، وفي صمتٍ بأدب مشهودٍ يُصارِع ، مادام لواقعٍ يحافظ على مصالحه لا يُمانِع ، لمعرفته الدقيقة بإمكاناته الجاعلة منه لا يُبالِغ ، موقفه موقفان أحدهما جَهراً شائِع ، وثانيهما سِراً رائِع ، ذكاء مخلوط بدهاءٍ لأي حلٍّ صانِع ، ولِما لا يعجبه عنه الطريق قاطِع ، ومَن يرضيه للسموّ رافع . وهكذا تزحف الأوصاف لتمنح ما يستحقه من منظرٍ سطحه كالجوهر ساطِع ، عن موازين تقدر لكنها مع الحق لا تعبأ بأي رادع ، إذ الكتابة عن الأردن مسؤولية أسلوب المجاملة معها غير نافع . الشعب الأردني عظيم بشيمه العربية الأصيلة ، وكرم أخلاقه الجليلة ، ومواقف عزته النبيلة ، وجوهر سلوكياته الجميلة، وصبره ذي الأبعاد المثالية ، ينأى عن المهالك الداخلية بشجاعة زادت مقامه شرفاً ، ويقترب من تصريف شؤونه بنفسه في مواجهة الضغوط الخارجية ،ممَّا أضاف لوطنيته هيبة لا تمنح منَّة بل تُكتَسب اعتماداً على قوة إيمان ، وتفهّم عميق لما يجول كل آن ، وعِلمٍ مُدرَكٍ عن اجتهاد لا يُقارَن ، ونضال مشروع مُدوَّن في وثيقة حقوق الإنسان ، وانتماء لتاريخ جامع جذور أمم في َجَذرٍ أردني واحد همام ، موصوف عبر القرون فالأعوام ، لسائر القادمة من الأيام ، بكامل الاطمئنان ، واستقرار ما زعزعته نكبة عابرة ، لا مَفسَدة مُُفزعة ، ولا انحرافات بقيت أيادي بها ممدودة لما لا تستحق طامعة .

الأردن بموقعه بين بؤر لا يؤتمن مساؤها بما يؤشّر إليه صباحها لتدخلات آخرها مصيبة تضاف لسابقاتها جريا لإرضاء مخطط يحرم المنطقة من هدوء مهما كان طفيفَ الوَقْعِ قصير الوقت لسبب أضحى الشغل الشاغل لجهات قررت أن ينهار الشرق العربي بأي ثمن ، جهات رأس حربتها إسرائيل القريبة جدا من تحول قد يحصل داخل المملكة الأردنية، إن سمحت بذلك المملكة المتحدة الإنجليزية. طبعاً الأردن واعي تماماً بما ينتظره من أطماع جاهزة الزحف على كيانه متى استمرَّ على مواقفه تعلقاً بنسَبِهِ الشريف ، وأخلاقه التي تمنعه الطعن من الخلف ، لعهد مقدَّس طوَّق به ضميره يُحَمّله مسؤولية الحفاظ على المسجد الأقصى انطلاقا لما هو مبارك حوله القدس قلب فلسطين . وما القمة الثلاثية المنعقدة بينه والامارات والبحرين سوى جسّ للنّبض وتوطئة لتبني سياسة "إن لم تقبل فلا تتدخَّل" ، إذ إسرائيل ولجت مرحلة تسخير الكل لمواجهة أخطر احتكاك قد يواجهها في أي لحظة أقصاها دخول الرئيس الأمريكي المنتخَب البيت الأبيض (إن لم يقع أي تراجع ممكن لسببٍ مُبَرَّر) تتزعم شرارته المٌحرقة إيران بتحالف وطيد مع أجنحتها الثورية المستعدَّة من زمان ، لانجاز ما يجعلها تستمر لآخر أهدافها في لبنان والعراق واليمن ، أو تنزوي في ركن يطويه النسيان ، بعامل مرور الزمن .

... تدَخّل الدولة بحزم لدرء صدع انفلات أمني بعد الإعلان عن نتائج انتخاب أعضاء مجلس النواب المتبوع بتقديم وزير الداخلية استقالته من الحكومة ، وإجراءات استثنائية أخرى ، حصل ما انتهت إليه بضبط الأمور من جديد ، لم يكن سوى رسالة موجهة لمن يرغب في اختبار جو إن أصبح يسمح بزرع فتنة يشعل بها الأردن لغاية تمرير مقتضيات المخطّط المذكور سالفا . وما دام الموضوع بخلفياته توقَّف هذه المرة أيضاً عند تفهّم موضوعي من طرف الجميع ، والتفت العشائر برجال الأعمال بباقي مكونات تلك المؤسسة الدستورية المحترمة لضمان هدوء يخدم الاستقرار للتغلّب على فُرنٍ يقترب فمه من الأردن الصخرة الباقية المانعة النكبة المُجْهِزَة بقسوة لتفتيت العالم العربي في جناحه الشرقي أولاً .

aladalamm@yahoo.fr


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى منيغ
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/12/04



كتابة تعليق لموضوع : الأردن في فَمِ الفُرْن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net