صفحة الكاتب : اوعاد الدسوقي

سعادة قصة قصيرة
اوعاد الدسوقي

ساعتها البيولوجية مبرمجة منذ سنوات علي الاستيقاظ في تمام الـ7
 صباح كل يوم , الا في ذلك اليوم من كل عام تتعمد تعطيل تلك الساعة وتخريب نظامها , تظل في سريرها تتقلب ,تهرب الي النوم ولكن النوم يأبي ان يطاوعها , فتتظاهر به تغلق جفنيها وكأنها تهرب من شيئ ما تخشي ان يقع عليه بصرها , تود لو لم يكن هذا اليوم موجود او أن يتم إلغائه من التقويم , حتي لا ينكأ جراحها .
انتصف النهار نهضت من علي سريرها لتلقي بنفسها علي كرسي في إحدي زوايا الغرفة , التقطت الجرائد لتتصفحها, الجريدة تلو الأخرى تمتعض, تلو شفاهها تحدث نفسها وكأنها تهذي لا جديد اخبار اليوم نفس اخبار الأمس , وستكون هي اخبار الغد, قتل هنا , دمار هناك ,نزاع بين دول, احقاد بين الشعوب , فقر مدقع يطحن الانسان, العالم غابة البقاء فيها لمن يمتلك المال والسلطة, قطع حبل افكارها و همهماتها طرقات خفيفة علي باب الغرفة. الخادمة :الفطور جاهز مدام
            ((سعــــــــادة))
كرّرت الخادمة النداء عدة مرات دون ان تتلقي رد ,خشيت ان يكون مس مخدومتها سوء , فتحت الباب برفق , اطمأنت ها هي السيدة تجلس بخير كرّرت الخادمة النداء مرة اخري الفطور جاهز مدام
            ((سعــــــــــــادة ))
نظرت السيدة نحو الخادمة بـ وجه يكسوه علامات الدهشة والاستغراب وكأنها اكتشفت شيئ ما للتو , ضحكت وعلي صوتها بالضحك اكثر وأكثر دخلت في نوبة ضحك هيستيرية , تحولت بعد دقائق الي بكاء , شعرت الخادمة بشيئ من الخوف التصقت بباب الغرفة وهي تتطلع الي مخدومتها بقلق وحذر, اعتقدت لوهلة ان سيدتها قد جُنت! هدأت السيدة قليلاً قالت لخادمتها: لا تخافي أنا لم افقد عقلي ,وان كنت علي اعتاب الجنون من هذا العالم القاسي والنفس البشرية التي فقدت اهم ما يميزها عن غيرها من الكائنات, صفة الرحمة!
صمَتت بُرْهَةً ثم واصلت حديثها : يقال أن لكل انسان نصيب وحظ من اسمه, هذا ليس صحيح , اليوم فقط اكتشفت ان اسمي ((سعادة )) واكتشفت ايضاً انني لا اعرف من السعادة او عن السعادة سوي هذا الاسم الذي احمله في بطاقة الهوية و أوراقي الرسمية .
  عشت عمراً امنح السعادة لكل من حولي ولم اتذوقها . معلمة خرجت اجيال ورجال , تحملت المسؤولية بعد أن فشل قلب الزوج علي تحمل اعباء الحياة وتوقف عن النبض فجأة و للأبد, اصبحت الأم و الأب سافرت احمل اولادي بين ضلوعي, الهث وراء رزق يؤمن مستقبلهم , تحرقني نار الغربة وتقتلني ساعات الوحدة, كبر الأبناء , ووهنت الصحة,ضعف السمع والبصر ,لتنتهي رحلة الحياة بي في تلك الدار الباردة , بعد ان نالني من الجزاء كما نال سمنار! حتي في يوم مثل هذا يحتفل العالم بعيد الأم و لا يتذكر احد _ ممن افنيت عليهم زهرة شبابي _ ربان السفينة الذي ابحر يصارع امواج الحياة ليصل بهم الي بر الأمان وشاطئ السلامة , منحتهم الحياة والسعادة , فامنحوني شقاء وتعاسة ونكران للجميل


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اوعاد الدسوقي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/03/11



كتابة تعليق لموضوع : سعادة قصة قصيرة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 3)


• (1) - كتب : اوعاد الدسوقي ، في 2012/03/19 .

الي الأستاذ سهل
من حقك التعلق او نقد العمل الأدبي ويسعدني سماع رأيك ومناقشتك فيه برحابة صدر .... اما الأشياء الخاصة بالزي لن اسمح لك او لغيرك ان يناقش ذلك فهي مسألة شخصية بحته لا تعنيك ولا تعني المتطفلين الذين يدخلون فيما لا يعنيهم فمن تدخل فيما لا يعنية سمع مالا يرضية......... اتمني ان تكون فهمت!!

الي الأستاذ محمد العراق
تحياتي لحضرتك ولكل اهل العراق حياكم الله وشكرا مليار لذوقك وادبك

• (2) - كتب : سهل الحمداني ، في 2012/03/18 .

تحية طيبة



• (3) - كتب : محمد ، في 2012/03/17 .

خاطرة رائعة وجميلة ابكتني وكسرت قلبي سلامي لك ايتها الاخت النبيلة محمد من العراق احييكم




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net