بين فلسفتَين
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

عندما أَصبح الحُسَينُ ضائقًا صدرُه من دُنيا يَحكمُها الطلقاءُ وأَبناءُ الطلقاءِ المحفوفون تأييدًا من أَغلبِ رعيتِها الأَدعياءِ ومرتزَقةِ الأَدعياء ؛ فإِنَّه فارق مرابعَ جدِّه وأُمِّه وأَبيه وأَخيه في مهبِطَيِ الوَحْيَ ومعْقِدَيِ التبليغِ الرساليِّ (مكةَ ، والمدينةِ) بعد غُربتِه فيهما متوجِّهًا قصدًا تعيينيًّا إِلى أَرضِ (كربلاءَ) التي له فيها من التمليكِ الإِلهيِّ ما جعلها محلًّا مقدَّسًا لعبادتِه ومَبعثًا لتوحيدِه ؛ فهي (كَرْبَ إِيلَا=قُرْبُ اللٰهِ) ، وله فيها من المِلْكِ الشرعيِّ مُذ كان في كَنَفِ أَبيه أَميرِ المؤمنين (عليهِ السلامُ) يومَ استوطنَ الكوفةَ مَدارًا لقيادةِ الدولةِ الإِسلاميةِ المتراميةِ أَطرافُها ؛ فإِنَّ لليَدِ الإِلهيةِ تقديرًا مُذَّاكَ العهدِ القياديِّ العلويِّ أَن تُهَـيَّأَ كربلاءُ لصاحبِ العهدِ الإِصلاحيِّ الحُسَينيِّ ، ولكنَّ الأَدعياءَ أَدعياءُ والطُّلقاءَ طُلَقاءُ ؛ لذا أَراد الحاكمون الطُّلقاءُ ومرتزَقتُهمُ الأَدعياءُ استمرارَ غُربتِه معزولًا عن أَن تأخُذَ نهضتُه الإِصلاحيةُ في الرعيةِ مأخذَها الإِلهيَّ ، ومُعاقَبًا لانعدامِ (نعم) البيعةِ منه لـ(يزيدَ) الفاجرِ الكافرِ ؛ فامتدَّت دائرةُ تضييقِ الخِناقِ عليه إِلى ثلاثِ بقاعٍ معهودةٍ للٰهِ عبادةً وهدايةً هي (مكةُ ، والمدينةُ ، وكربلاءُ) ؛ لتُنشَرَ رسالةُ (يزيدَ): ((لا مكانَ للرَّبَّانيين في دولتي)) التي احترقت مُسوَدَّةً بنورِ اليقينِ الإِلهيِّ الماثلِ الآنَ من (مكةَ ، والمدينةِ ، وكربلاءَ) باسمِ الربَّانيِّين أَصحابِ الكساءِ النبيِّ محمدٍ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) وأَخيه ووصيِّه أَميرِ المؤمنين وابنتِه فاطمةَ الزهراءِ وسِبْطَيه الإِمامَين الحسنِ والحُسين (عليهِمُ السلامُ) الذين نذروا نفوسَهم وأَبدانَهم للٰهِ طوعَ أَمرِه ، وهدايةَ عبادِه ، وكرامةَ خلقِه ؛ لتُنشَرَ رسالتُهم: ((لا مكانَ للفاسدين في دولتِنا)).
جعلكمُ اللٰهُ من أَنصارِ الحُسينِ (عليهِ السلامُ) بانتهاجِ الحقِّ والإِصلاحِ ورفضِ الباطلِ الفسادِ قولًا وعملًا ، وتقبَّل اللٰهُ عنكم ، وحرسكم بالأَجرِ والأَمنِ والأَمانِ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat