حقيقةُ الإِمامِ الحُسَينِ (عليهِ السلامُ) ، كيف نقرؤُه ؟
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . علي عبدالفتاح الحاج فرهود

الإِمامُ الحُسَينُ (عليهِ السلامُ) ليس موسِمًا ، الإِمامُ الحُسَينُ رؤيةُ حياةٍ رسمها القرآنُ وانتهجها النبيُّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) ؛ إِنَّه الإِصلاحُ.
إِنَّنا في تِيهٍ عجيبٍ ؛ فالإِمامُ الحسينُ (عليهِ السلامُ) هو المضحِّي بأَنفَسِ ما يملِكُ وهو نفسُه ومَنْ جاد بها معه من آلِ بيتِه وأَصحابِه (صلواتُ اللٰهِ وسلامُه عليهم أَجمعين) لأَجلِ الإِصلاحِ والأَمرِ بالمعروفِ والنهيِ عنِ المُنكَرِ.
نحن اليومَ - عمومًا - نُفسِدُ ، ونأمرُ بالمُنكَرِ ، ونَنهَى عنِ المعروفِ ، ونقتُلُ النفسَ لأَجلِ العاداتِ التي نشأنا عليها.
هو (عليهِ السلامُ) نذر نفسَه ووافقه مَنْ معه من الأَشرافِ ؛ فلماذا نقلِبُ موازينَ مُرادِه (عليهِ السلامُ) إِلى موازينِ مُرادِنا نحن؟!
الطقوسُ العقلانيةُ المقبولةُ كالمجالسِ البنَّاءةِ ، والقصيدِ الهادفِ ، والمسيرِ المؤيدِ للموقفِ الأَبيِّ الحقِّ ، والإِطعامِ لوجهِ اللٰهِ تعالى ، والدمعةِ الصادقةِ (أَلمًا على شدةِ المصابِ ليس إِلَّا) كلُّها وسائلُ مبدئيةٌ مستحبةٌ مطلوبةٌ لغايةٍ أَسمى وأَعنى وهي (انتهاجُ مُقوِّماتِ الإِصلاحِ الإِنسانيِّ بمنهجٍ نبويٍّ خالصٍ جسَّده وصيُّ النبيِّ على أَرضِ التبليغِ والأَداءِ اللازمِ الذي لا بديلَ عنه من رفضِ الظلمِ وعدمِ موافقةِ الظالمين).
الذي يَتبعُ الإِمامَ الحُسينَ (عليهِ السلامُ) بحقٍّ هو الذي يقرؤُه مذ ولادتِه واحتضانِ النبيِّ (صلَّى اللٰـهُ عليه وآلِه) له ورعايتِه إِيَّاهُ وتبليغِه عن قدْرِه وشأنِه ، ثم نشأتِه الإِيمانيةِ الإِصلاحيةِ في كنَفِ النبوةِ والقرآنِ والعبادةِ والزُّهدِ والصدقِ والمحبةِ والإِيثارِ والنصيحةِ والتواضعِ والخشيةِ المطلقةِ حدَّ الموتِ حياءً من اللٰهِ تعالى ، ثم رعايتِه في جامعةِ الإِمامةِ الحقِّ بين تربيةِ أَميرِ المؤمنين عليٍّ (عليهِ السلامُ) وتربيةِ سيدةِ نساءِ العالمين الزهراءِ (عليها السلامُ) ، ثم طاعتِه أَخاهُ سيدَ شبابِ أَهلِ الجنةِ الإِمامَ الحسنَ (عليهِ السلامُ) وانتهالِه من فيضِ حكمتِه القرآنيةِ الإِسلاميةِ البيضاءِ.
وهذه الحياةُ الإِيمانيةُ الكريمةُ للإِمامِ الحسينِ (عليهِ السلامُ) هي التي رفض منهجَها الحُكَّامُ المجرمون المشركون ورعيتُهمُ العمياءُ ذاتُ الإِمَّعةِ والانبطاحِ ؛ فضاقتِ الأَرضُ على الإِمامِ ومَن التحق له بما رحُبت حتى رأَوا أَلَّا جدوى من حياةِ الذلِّ والخنوعِ للظالمين وأَنَّ رفض الخنوعِ والتصاغرِ لهم هو الأَولى ؛ فسمت نفوسُهم بالشهادةِ بعد الدفاعِ المُرِّ عن مبادئِهم ونفوسِهم ؛ لأَنَّ الشهادةَ هي التي بقيتِ الملاذَ الوحيدَ لحفظِ معطياتِ تلك المسيرةِ الربانيةِ الكريمةِ.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat