مصفحات وقمة.. وغيبوبة الجشع !
كلنار صالح
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
صوت مجلس النواب الخميس الماضي وبموافقة أغلبية أعضائه، على شراء ثلاثمائة وخمسين سيارة مصفحة للنواب بقيمة ستين مليار دينار، ضمن موازنة عام 2012 (1).
الخبر أثار موجة من السخط العام، ذلك أن التصويت على شراء المصفحات جاء عشية تفجيرات الخميس التي استهدفت مناطق متعددة من بغداد وبعض المحافظات وراح ضحيتها عدد كبير من الشهداء والجرحى، ولما يظهر من سعي من اجل المصالح الشخصية وتجاهل سافر من قبل ممثلي الشعب لمعاناة الناس وما يتعرضون له كل يوم من أخطار، إضافة لمعاناتهم بسبب الكهرباء وضعف الخدمات والبطالة، وضرورة أن تخصص هذه الأموال لحل مشاكل الأرامل والأيتام والمتقاعدين أو لبناء مدارس أو بيوت سكنية وغيرها.
لكن آلا يدعونا خبر المصفحات للتساؤل عن السبب الذي يدعو أعضاء البرلمان ومن ورائهم كتلهم وأحزابهم المشتركة في تشكيل الحكومة، إلى إقرار فقرة السيارات المصفحة في الوقت الذي أكد ويؤكد أكثر من مسؤول حكومي على تحسن الوضع الأمني، وانضمام المزيد من الفصائل المسلحة إلى المصالحة الوطنية (2) ؟!
ولماذا الآن وبعد خروج قوات الاحتلال- بافتراض أنها السبب الأول لوجود العنف في العراق- ، الم يكن الوضع الأمني خلال السنوات السابقة اشد خطورة ؟؟ .. ومع هذا لم يجري تخصيص مبالغ ضمن الموازنة العامة لشراء السيارات المصفحة لنواب البرلمان. أم إن هذه الخطوة هي نذير سوء لأبناء الشعب العراقي بأن الوضع الأمني سيصبح أسوء مما كان عليه خلال السنوات الماضية، وبما إن السياسيين والمسؤولين عموماً تعودوا أن يوفروا لأنفسهم ( من أموال الشعب !) أفضل الامتيازات لذا فكروا في شراء السيارات المصفحة !... لكن ماذا عن رواتب العشرين حارس شخصي التي يستلمها كل برلماني، وهل سيتم استقطاع نصفها على الأقل بعد التحول للمصفحات ؟؟!
أو ربما لم يعد هناك غضاضة من الإعلان ولو بطريقة غير مباشرة، بأن ما يجري في العراق من أعمال عنف وتفجيرات وتصفية جسدية إنما هو بتدبير وتنفيذ أطراف مشتركة في الحكومة والبرلمان والعملية السياسية، وأنهم جميعا على علم بذلك ومتيقنين ، ولهذا وجب أن يحموا أنفسهم من بأس بعضهم .. لكن هل يعني هذا انه سيتم إخراج الناس الأبرياء من دائرة هذا الصراع وإعفائهم من مسلسل الموت المجاني المستمر؟!!
لكن بتقديري أن أسوء ما في خبر السيارات المصفحة، هو تهافت أعضاء البرلمان على إقرار مبالغها ضمن موازنة هذا العام، وجشعهم الذي وصل حد التعامي عن الحدث السياسي المرتقب والاهم وهو قمة بغداد المزمع عقدها نهاية آذار القادم. فهل يظن السادة النواب أن خبرا كهذا يمكن أن يخفى على حكومات الدول العربية المترقبة والمتابعة للمشهد العراقي خصوصا مع اقتراب موعد اجتماع القمة؟ وهل سألوا أنفسهم قبل التصويت على المصفحات، عن ردود أفعال الدول التي تنوي المشاركة، بعد خبر يدل بوضوح أن الأمن في العراق تدهور للأسوأ بعد خروج الاحتلال، بدليل أن أعضاء برلمانه أصبحوا " مضطرين " لشراء مصفحات ترهق ميزانية الدولة، لحمايتهم من الأخطار الأمنية ؟! .. الم يبقى بينكم – سياسي أو كتلة أو حزب - ينبهكم من غيبوبة الجشع فيدعوكم لا للتراجع بل الانتظار حتى العام القادم لشراء هذه المصفحات ..!، وهل سيصدقكم العالم بعد الآن عندما تؤكدون أن الوضع الأمني في العراق قد تحسن وان " أعداء العملية السياسية" و " المتربصين " بالعراق لا ينقلون الصورة الحقيقية ؟؟!!
kullanarsaleh@yahoo.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
كلنار صالح

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat