صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

الإحتياط أفضل من الأساسي.. أحيانا
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   حين تتوقف المياه عن الحركة؛ فإنها تصبح آسنة لا تصلح للشرب والزارعة، وكذلك بعض الاسماك فانها تموت ولا تستطيع التنفس إذا توقفت عن السباحة، والإنسان يعد ميتا سريريا حين تتوقف أعضاءه الحيوية عن العمل.

  كذلك الأفكار والمشاريع فإنها تولد ميتة، إذا لم يتم تبنيها وتطويرها والعمل على تطبيقها، وإيجاد السبل الكفيلة بإنجاحها، وتهيئة المستلزمات والأدوات التي تديم العمل، وإيجاد أشخاص حريصين على إنجاحها، ممن يمتلكون المؤهلات اللازمة للنهوض بالواجبات الموكلة إليهم وإلا فإن مصيرهم الفشل ومشروعهم للإندثار.

    عام 1990 أصر الرئيس الكاميروني الأسبق بول بيا على أشراك اللاعب روجيه ميلا، الذي يبلغ من العمر 38 عاما مع منتخب بلاده في بطولة كأس العالم، مما أثار إستغراب وإستياء كثيرين، كونه عد تدخلا سياسا، لكن ميلا كان على مستوى الحدث، وحقق مع فريقه نتائج باهرة مسجلا أهدافا رائعة، جعلت منتخب الكاميرون يصل لربع النهائي، وأصبح رمزا لقارة بأكملها.

  في نفس البطولة كان هناك لاعب مغمور آخر، بلا تاريخ ولم يلعب للأندية الكبرى، ولكن قناعة مدرب المنتخب الايطالي فيه جعلته يستدعيه للعب في كأس العالم، رغم الإنتقادات الشديدة من المختصين والجماهير الإيطالية، ولكن سكيلاتشي كان في الموعد، فلم يدخل مباراة إلا وسجل هدفا، فكان السبب الرئيسي في وصول ايطاليا لربع النهائي الذي خسرته أمام الأرجنتين، وحصل اللاعب على لقب هداف بطولة العالم وأفضل لاعب فيها.

   في السياسة هناك الثابت وهناك المتحرك، وغالبا الثابت هو ما يفترض أن يكون منهاج عمل وطني تلتزم به جميع المكونات والأحزاب السياسية، فالمصالح العليا للبلاد والإلتزام بالدستور وعدم التبعية لأحد على حساب الوطن، والمحافظة على ثرواته وحياة وحرية أبنائه وتوفير وسائل العيش الرغيد لهم، هي ثوابت على الجميع الإلتزام بها والتسابق في صيانتها وتدعيمها، وعدم السماح لأحد المساس بها.

  أما المتغيرات فهي كثيرة؛ منها الشعارات والخطابات وطبيعة التحالفات السياسية، والأهداف التي يبغيها كل كيان سياسي، من خلال إيمانه بالطبيعة الديمقرطية التي وفرت له الأجواء للعمل الحزبي، وكلما كان النظام الديمقراطي مستقرا وأكثر رصانة، كلما شهدنا إستقرارا في التداول السلمي للسلطة، التي توفر للمجتمع الرفاهية والعيش الكريم وتحقق غاياته المنشودة، في الحرية والإستقرار الإجتماعي والإقتصادي.

   منذ التحول الديمقراطي في العراق الحديث بعد عام 2003، لم تشهد العملية السياسية فيه إستقرارا، لعوامل عدة منها داخلية وأخرى خارجية، والتركيبة السياسية التي بنيت على ثلاثة أعمدة تمثل المكونات العراقية الثلاثة الرئيسية ولدت مشاكل كبيرة، كادت أن تودي بوجود العراق كبلد عمره أكثر من سبعة آلاف سنة، نتيجة الصراعات الطائفية والإستقواء بالخارج، والتكالب على المغانم والصراع على السلطة، وخرق القوانين والدستور الذي تعهد الجميع بالإلتزام فيه.

    تطورت هذه المشاكل والصراعات البعيدة عن مصلحة البلاد وهموم المواطن، حتى غابت كثير من المفاهيم  والاتفاقات السياسية التي تعاهد الجميع بالحفاظ عليها، فأوجدت لنا جوا من الفوضى السياسية، وجعلتنا لا نعلم رئيس الوزراء مرشح أي كتلة سياسية، والبرلمان يرفض المرشحين لرئاسة الوزراء تباعا، دون معرفة الكتلة الأكبر التي رشحته، فأصبح العراق مستباحا أرضا وسماء للتدخلات الخارجية، ومسرحا للصراعات الدولية، وغابت المعالجات الحكومية الحقيقية وسط تفشي وباء كورونا والأزمة الإقتصادية.

    ما نحتاجه الآن دخول لاعب إحتياط، يملك اللياقة والمهارة الفنية، ويكون هدافا بارعا يعيد العملية السياسية الى المسار الصحيح، بعيدا عن الأهداف الفئوية والحزبية، يمتلك مشروعا سياسيا واضحا ويلملم شتات ما تبعثر من الأوضاع الامنية والإقتصادية المتدهورة، ويجعل الشعب يحصل على جائزته المنشودة من إقرار قانون جديد للإنتخابات، ومفوضية مستقلة بمعناها الحقيقي بعيدا عن المحاصصة الحزبية.

    لن يتحقق ذلك إلا بوجود مدرب بارع يدخل هذا اللاعب الذي سيكون حصانه الأسود لأرض الملعب، ويتحمل سهام الخصوم السياسيين، وسياط الجماهير الغاضبة، فمن يملك تلك الجرأة؟.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/06/15



كتابة تعليق لموضوع : الإحتياط أفضل من الأساسي.. أحيانا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net