مركز الرصد العقائدي/ العتبة الحسينيّة المقدّسة هلِ الشّذوذُ الجنسيُّ مبرّرٌ؟
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

مخلص/: الشّواذُّ او مثليّو الجنسِ (اِكتُشِفَت أنّهَا بسببِ جيناتٍ ويُخلقُ الإنسانُ بهذا الميلِ الشّاذِّ و بعضُ الحيواناتِ أيضاً تُخلقُ بهِ)
إمتهنَ الخطابُ الإلحاديُّ الكذبَ مِن أجلِ تخريبِ النّظمِ الأخلاقيّةِ للمُجتمعاتِ، فنجدُهُ تارةً يقومُ بتضخيمِ افتراضاتٍ علميّةٍ ما زالَت في مرحلةِ البحثِ والتّحقيقِ، وتارةً أُخرى يقومُ بتحريفِ العلومِ مِن أجلِ أهدافهِ الخاصّةِ، وتارةً يُمارسُ الخِداعَ والتّشويشَ على أبسطِ الحقائقِ العلميّةِ، ومِن هُنا لا يُمثّلُ الإلحادُ الجهةَ المأمونةَ لتعريفِنَا بمُنجزاتِ العلومِ الحديثةِ. وبمَا أنَّ الإلحادَ لا يَعترفُ بالقيمِ الأخلاقيّةِ كمُحدّداتٍ أساسيّةٍ للسلوكِ الإنسانيّ فمِنَ المُتوقّعِ أن يَعبثَ بمُنجزاتِ العلومِ مِن أجلِ زعزعةِ تلكَ القيمِ الأخلاقيّةِ.
ومِنَ الواضحِ عندَ الجميعِ بأنَّ الشّذوذَ الجنسيَّ ليسَ إلّا إنحرافاً عنِ الطّبيعةِ الإنسانيّةِ، ولِذا يُكافحُ الإلحادُ مِن أجلِ تغييرِ هذهِ النّظرةِ التي تُشكّلُ حالةَ إجماعٍ بشريٍّ، فيعملُ على إيجادِ تبريراتٍ لهذهِ المُمارسةِ المُنحرفةِ حتّى لو أدّتْ إلى التّضحيةِ بإرادةِ الإنسانِ وقُدرتِهِ على الإختيارِ، فالقولُ أنَّ الشّذوذَ نتاجُ جيناتٍ وراثيّةٍ يعنِي أنَّ الإنسانَ يُمارسُ الشّذوذَ بشكلٍ غيرِ إراديٍّ، وفي ذلكَ مُصادرةٌ لحُرّيّةِ الإنسانِ وضربٌ للإنسانيّةِ في أعزِّ مَا تملكُ، والعجيبُ أنَّ الإلحادَ لا يَستندُ في ذلكَ على أيّ حقيقةٍ علميّةٍ مُؤكّدةٍ وإنّما مُجرّدُ افتراضاتٍ لا يُمكنُ الوثوقُ فيها، فعلى سبيلِ المثالِ قامَ عالِمُ الوراثةِ الأميركيُّ الشّهيرُ والمُؤيّدُ للمثليّةِ الجنسيّةِ "دين هامر" بإجراءِ بحثٍ يَزعمُ فيهِ الرّبطَ بينَ علمِ الجيناتِ والمِثليّةِ الجنسيّةِ، حيثُ قامَت بعضُ الصّحفِ بنشرِ الخبرِ تحتَ عنوانِ (باحثٌ يكتشفُ جينَ الشّذوذِ الجنسيّ) إلّا أنَّ "دين هامر" نفسَهُ نفَى هذا الأمرَ، وصرّحَ قائِلاً: لَم نكتشِفِ الجينَ المسؤولَ عنِ التّوجّهِ الجنسيّ، بَل نعتقدُ أنّهُ ليسَ موجوداً أصلاً. وبذلكَ يُؤكّدُ أنَّ أيَّ محاولةٍ لإثباتِ وجودِ جينٍ يتحكّمُ في المِثليّةِ الجنسيّةِ هيَ مُحاولةٌ عبثيّةٌ. أو كمَا عبّرَ جون غريلي بقولِهِ: لا يُمكنُ ربطُ عواملَ كيميائيّةٍ بسلوكٍ مُعيّنٍ بشكلٍ ميكانيكيٍّ، فالإرتباطُ لا يعنِي السّببيّةَ.
وبعيدًا عن الدراسات التي يتمُّ الترويجُ لها إعلاميًا، أجرى فريقٌ منَ الباحثينَ بجامعةِ "نورث ويستيرن" الأميركيةِ دراسةً علميةً عام 2014 شملت فحصَ الحمضِ النووي لـ400 ذكر منَ المثليينَ الجنسيين. لم يتمكّنِ الباحثونَ من العثورِ على جينٍ واحدٍ مسؤولٍ عن توجّههم الجنسي، وقالوا بأنَّ الجيناتِ كانت إمّا غيرَ كافيةٍ، وإمّا غيرَ ضروريةٍ لجعلِ أيٍّ من الرجالِ شاذًّا جنسيًا.
ولو سلّمنَا بتأثيرِ جينٍ على ميولٍ سُلوكيّةٍ مُعيّنةٍ فإنَّ ذلكَ لا يعنِي حتميّةَ ذلكَ السّلوكِ، حيثُ يبقى السّلوكُ الإنسانيُّ رهيناً لإرادةِ الإنسانِ واختياراتِهِ التي تُمليهَا عليهِ قيَمُهُ الأخلاقيّةُ، وعليهِ لا يُمكنُ تفسيرُ السّلوكِ اعتماداً على الدّوافعِ البيولوجيّةِ فقَط، وإنّمَا هُناكَ إرادةٌ هيَ التي تُحدّدُ السّلوكَ الذي يَنسجمُ معَ النّظامِ الأخلاقيّ، يقولُ: أستاذُ الدّراساتِ العائليّةِ بجامعةِ نبراسكا "دوغلاس أبوت" عندمَا نقرأُ في عناوينِ الصّحفِ بأنَ الجينَ X يتسبّبُ في السّلوكِ Y فإنَّ هذهِ مُبالغةٌ يُصدّقُهَا البُسطاءُ منَ النّاسِ.
وعليهِ حتَّى لَو سلّمنَا جَدلاً بمثلِ هذا الجينِ لا يُمكنُ التّسليمُ بمسؤوليّتهِ عنِ الشّذوذِ الجنسيِّ بشكلٍ لا إراديٍّ، فوجودُ الرّغبةِ لا يعنِي حتميّةَ الفعلِ في الواقعِ الخارجيّ؛ وذلكَ لأنَّ السّلوكَ الإنسانيَّ ليسَ مُجرّدَ استجاباتٍ غيرِ واعيةٍ للدّوافعِ البيولوجيّةِ، وإنّما هوَ اختياراتٌ تتحكّمُ فيهَا إرادةُ الإنسانِ بمَا يَتوافقُ معَ الطّبيعةِ الإنسانيّةِ والقيمِ الإجتماعيّةِ والمبادئِ الأخلاقيّةِ، وهذا ما يُميّزُ الإنسانَ عَن بقيّةِ الكائناتِ، وأيُّ محاولةٍ لحرمانِ الإنسانِ مِن هذا الدّورِ فإنّهُ يُؤدّي إلى آثارٍ مُدمّرةٍ على مستوى الهويّةِ الإنسانيّةِ والإجتماعيّةِ، بَل حتّى الدّوافعُ الغرائزيّةُ لا تُصادِرُ حُرّيّةَ الإنسانِ ولا تُبرّرُ لهُ فعلَ ما يُريدُ، فالجوعُ مثلاً كإحساسٍ مُتأصّلٍ في الإنسانِ لا يُبرّرُ الأكلَ بأيّ شكلٍ كانَ، وإنّمَا هُناكَ قِيمٌ تُلزمُ الإنسانَ بعدمِ التّعدّي على طعامِ الآخرينِ أو باِختيارِ ما هوَ طاهرٌ أو غيرِ ذلكَ مِنَ المُحدّداتِ.
أمّا رصدُ بعضِ المُمارساتِ الشّاذّةِ في السّلوكِ الحيوانيّ ومُقايستُهَا بالإنسانِ فاِستدلالٌ غيرُ صحيحٍ، فهُناكَ بعضُ السّلوكيّاتِ الحيوانيّةِ لا يَصحُّ قياسُهَا بالإنسانِ فمثلاً تقومُ بعضُ القططِ بقتلِ القططِ الصّغيرةِ حتّى لَو كانَت أبناءَهَا فهَل يصحُّ تعميمُ هذهِ التّصرّفاتِ لتكونَ سُلوكاً للإنسانِ بدَعوى أنَّ هذا سلوكٌ طبيعيٌّ في الحيوانِ؟ فلِكلِّ كائنٍ حيٍّ تركيبتُهُ الوظيفيّةُ الخاصّةُ، مُضافاً إلى أنَّ الإنسانَ كائنٌ عاقلٌ يبنِي سلوكَهُ بمَا يتوافقُ معَ مُقتضياتِ التّفكيرِ المنطقيّ والأخلاقيّ.
وفي المُحصّلةِ: القولُ بوجودِ جينٍ يتحكّمُ في السّلوكِ الإنسانيّ بعيداً عَن إرادتِهِ ليسَ إلّا خُرافةٌ يُرادُ مِنهَا تحطيمُ إنسانيّةِ الإنسانِ، وتبقَى الأديانُ والقيمُ والمبادئُ الأخلاقيّةُ هيَ الحِصنُ الذي يُحافظُ على الإنسانِ فرداً أو جماعةً.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat