تعزيةُ سماحة الحجة السيد منير الخباز القطيفي دام تأييده ، في رحيل العلامة الجليل السيد صالح الحكيم رحمه الله

 {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ} *{الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}* [البقرة : ١٥٦]

أحزنني جدا نبأُ رحيل أخي العزيز المخلص سماحة العلامة حجة الإسلام والمسلمين *السيد صالح نجل الفقيه الكبير السيد محمد حسين الحكيم* طاب ثراه ، وإنّي إذ أعزي نفسي وأعزي أسرته المفجوعة والأسرة العظيمة أسرة آل الحكيم في هذا المصاب الجلل يعود بي شريط الذاكرة إلى أكثر من أربعين سنة عامرة بطيب علاقة وطيدة وثيقة بيننا ، فكان أول لقاء في منزل العلامة التقي *الشيخ منصور البيات* قدس سره في النجف الأشرف في جمادى الأول عام ١٣٩٨ﻫ ق ، حيث كان العلامة البيات يواظب على حضور درس *السيد محمد حسين الحكيم* في كتاب المستمسك صباحاً ، وكان السيد الصالح يواظب على الحضور عند الشيخ البيات عصراً ، ويقوم بقراءة مطالب المستمسك له لفقد بصره مع ملاحظة بعض روايات البحار أو غيره في مطلب عقائدي أو تاريخي ، وكانت الجلسة لا تخلو من مسألة نحوية أو فقهية أو منطقية لذا كنتُ ابتهج بالحضور والإستفادة .
ولمستُ حينها في شخصية السيد الصالح عدة سمات مُضيئة منها : 
تواضعه لمن هو أدنى منه علماً أو أصغر منه سناً .
ومنها : تقواه وتثبته في الأمور ، ومنها : ولَعه بالمطالب العلمية وحرصه على فهمها . 
ومنها : كما قال الشيخ البيات رحمه الله *سيد صالح عنده خوش عقيدة في أهل البيت* صلوات الله وسلامه عليهم . 

ثم افترقنا في شوال عام ١٣٩٩ ﻫ ق حيث سافرتُ أنا إلى إيران بعد الأحداث المخيفة في النجف الأشرف ، ثم التقينا من جديد في قم المقدسة في دار التبليغ الإسلامي التابع لآية الله العظمى *السيد محمد كاظم شريعتمداري* قدس سره عام ١٤٠١ ﻫ ق ، في درس الحجة الفقيه *الشيخ محمد علي المراغي* طاب ثراه ، مع الأخ العلامة *الشيخ علي الزواد* دام فضله ، وكان درساً في  شرح التجريد ، ثم امتدّ إلى بحث في علم الكلام الجديد حول الحاجة للدين والإشكالات المثارة حولها ، وكان السيد الصالح كثير المناقشة والتدقيق مما يجعل أجواء الدرس أجواء حيوية مثمرة. 

ثم خرجتُ من قم ورجعتُ إلى النجف الأشرف ورأيته بعدها مرة واحدة في سوريا في منزل عمه والد زوجته سماحة الأستاذ العلامة الحجة *السيد علي مكي* دامت أيام إفاداته ، ولم نلتقي بعدها إلا في قم عام ١٤١٤ ﻫ ق شهر جمادى الأولى ، حيث زارني وحثّني على الحضور في بحث العلمين العظيمين *الشيخ التبريزي والشيخ الوحيد الخراساني* ، وصرنا نجتمع كل يوم في أجواء من المسائل العلمية والقضايا المتنوعة المفيدة .

وبمرور الوقت قوي ارتباطنا بالمقدس التبريزي طاب ثراه واستمر لمدة ١٢ عاماً كنا فيها نجتمع يومياً في مجلس الدرس أو مجلس  الإستفتاء بعد تصدي الشيخ المقدس للمرجعية بما يتضمن المجلس من نكات علمية وإشارات استدلالية متينة ، كنتُ حريصاً حينها على تدوين ما أسمعه من الأستاذ التبريزي في مجلسه فقهاً أو أصولاً ، وكان السيد الصالح يُراجعني بين فترة وأخرى في بعض الكتابات التي اقتنصتها من ذلك المحضر العلمي الشامخ .

كما كان بين الأخوين العلامتين الجليلين *الشيخ الشهيدي والشيخ الكنجي* دام مجدهما ، مباحثة جادة في باب الحج على وسائل الشيعة فاشتركتُ في المباحثة ودعوتُ السيد الصالح للحضور فحضر برهة شهور معنا ، وكان ذا ذوق لطيف في فهم الروايات .

ومن جميل الذكريات لقاؤنا المتكرر أيام الصيف في قرية فردوا في المزرعة التي كان يقيم فيها شيخنا التبريزي قدس سره ، وذات يوم قال لي سوف أسأل الأستاذ عن من هو الأعلم السيد الحكيم قدس سره أم السيد الخوئي قدس سره ؟  
فقلت له : إن رأي الأستاذ معلوم فهو خوئيٌ لحماً ودما ، فلما جلس الشيخ قال له السيد أنا قلدتُ السيد الحكيم في حياته على أنه هو الأعلم ، وبقيتُ بعده على تقليده مع أن البعض يقول أن السيد الخوئي أعلم .
فقال له الشيخ الأستاذ : بقاؤك على تقليده صحيح فسألني السيد الصالح على جانب هل ثبت المطلوب ؟
فقلتُ له كلام الشيخ لازمٌ أعم لا يُعيّن ما تريده أنتَ .

وسوف أكتب المزيد من الذكريات إن سنحت الفرصة  في الأيام القادمة إن شاء الله تعالى .

*السيد منير السيد عدنان الخباز*


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/03/01



كتابة تعليق لموضوع : تعزيةُ سماحة الحجة السيد منير الخباز القطيفي دام تأييده ، في رحيل العلامة الجليل السيد صالح الحكيم رحمه الله
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net