صفحة الكاتب : حسن الحضري

الإعلام؛ بين المصداقية والتخريب
حسن الحضري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    يُعتبر الإعلام من أهم أسلحة الحروب قديمًا وحديثًا، لكن لا بد أن تكون له استراتيجية جيدة توضح مصداقيَّته؛ حتى يؤدي النتائج المطلوبة، ويمكن لأيٍّ من الخصوم أن يستغل سلاح الإعلام في التظاهر بقوته ونظامه، واستعداده التام والدائم للتصدي لأي خطر؛ وإن كان واقع الأمر غير ذلك، بل ويمكن له أيضًا استغلال الإعلام في التقليل من شأن خصومه، فهذا كله أمرٌ مطلوب وإيجابي النتائج، والله سبحانه وتعالى يقول: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللهِ وَعَدُوَّكُمْ) [الأنفال: 60]؛ وسلاح الإعلام من وسائل القوة بلا شك، وهو -كأي سلاح آخر- يعود بالنتيجة المطلوبة في حال حُسن التعامل معه؛ وقد أمر النبي -صلى عليه وسلم- أصحابه -رضي الله عنهم- وهم في غاية ضعفهم؛ بالتظاهر بالقوة أمام المشـركين، في عمرة القضاء؛ حتى يتعامل معهم المشـركون من منطلق شعورهم بقوتهم؛ وهذا نموذج مثالي في التعامل الإعلامي مع العدو.

    غير أن هذا السلاح الخطير إذا فقد مصداقيته؛ انقلب على صاحبه، كما يحدث في عصرنا الحاضر؛ إذْ تطالعنا وسائل الإعلام بمواد إعلامية كاذبة، سواء أكانت مرئية أم مسموعة أم مقروءة؛ حيث تقوم بتزييف الحقائق والثوابت، واختلاق أوهام واضحة الكذب؛ وهذا استخفاف واضحٌ لا يقبله عاقل على نفسه، ويضع القائمين على الإعلام في خصومة مع المتلقِّي، كما أنه يمثل مِعولًا لهدم المجتمع؛ لأنه يساعد على انتشار صفات المنافقين، وتقليد سفهاء الناس لهم.

   وحين يكون الإعلام سلاحًا لدى الدولة؛ يجب أن يكون أكثر التزامًا بالصدق، وبُعدًا عن الكذب، وثمثُّلًا للأمانة في أدائه واجبه؛ لأن إعلام الدولة مِلكٌ لأفرادها على السواء، وليس للقائمين عليه أن يتوجهوا به توجُّهًا يضر بمصالح الناس، ومن أكبر الضرر في هذا الصدد الاستخفاف بعقولهم في أثناء التعامل مع القضايا التي تهمهم؛ ومن مظاهر هذا الاستخفاف: الكذب البيِّن، والتدليس الواضح، والتعتيم على السلبيات، وتهميش آراء المخالفين، ووضع المدح والذم في غير موضعهما.

    إن النظام السياسي الواعي هو الذي يدرك خطورة الإعلام، كجانبٍ من الجوانب الحيوية التي يجب عليه الاهتمام بها، والتعامل معها بطريقة صحيحة، يؤدي من خلالها ما حُمِّل من أمانةٍ، فالدولة ليست في حالة حرب مع أبنائها، وبالتالي فالإعلام ليس إعلام حرب؛ وإنما هو إعلام توعية وتبصرة بحقائق الأمور، وجمعٍ بين الآراء، وتوفيقٍ بين الأطراف؛  ولكي يكون الإعلام سلاحًا فعَّالًا ومؤثِّرًا؛ يجب أن ينطلق من بؤرة ارتكاز قوية وصادقة؛ حتى يتمكن من إقناع المتلقي، فالمتلقي قادر على تفنيد الأكاذيب والرد عليها.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الحضري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/01/22



كتابة تعليق لموضوع : الإعلام؛ بين المصداقية والتخريب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net