الجهل والجهل المركب
صلاح الهلالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

يعتبر الجهل من أهم أسباب المشاكل التي تواجهه حياة الإنسان في كافة مجالاتها الاجتماعية والثقافية والصحية والسياسية ولما كان للاستقرار السياسي دور مهم ومؤثر على بقية الجوانب أجد من الضروري تسليط الضوء من خلال وقفة على أهم الأسباب التي أدت إلى عدم الاستقرار هذا , يصنف علماء المنطق الجهل إلى صنفين هما الجهل والجهل المركب أما الجهل فيعرف بأنه عدم المعرفة وهو أمر طبيعي ينشأ من التطور والدوران المستمر لعجلة الحياة عندها يجهل البعض أمر ما في مجال ما والمعالجة هنا ممكنه من خلال السؤال وإيجاد الحل أو من خلال اكتساب المعارف باختلاف أنواعها , أما الجهل المركب فيوصف بأنه عدم المعرفة مع عدم إدراك الإنسان انه لا يعرف فيقود هذا إلى الجمود عندها تنشأ التداعيات الإفرازات والنتائج السيئة والتأخر بل الرجوع إلى عهود التخلف وأستطيع من خلال التجربة أن أضيف وصف آخر للجهل المركب هو عدم المعرفة يصاحبه شعور أو إدعاء بمعرفة وإدراك كل شيء ففي الوقت الذي عُرف فيه عن العقلية العراقية إبداعها وتفوقها في كل مجال تتاح فيه فرصة وتتوفر فيه إمكانات , نجد أننا قد أبتلينا بمن جاءوا بغفلة من الزمن أو الذين ركبوا الموجة وللأسف قد أصبح مثل هؤلاء  كثر وأن تصدرهم المشهد في كل المجالات شوه ملامح تلك الصورة الجميلة , ولما كان الجهل يُغيب الثقافة بمعناها الحقيقي جدير بالذكر إن الثقافة لا تعني بالضرورة قدرة الإنسان على التحدث واختيار وترتيب الكلمات بقدر ما تعنيه من حس مرهف وذوبان بالمجتمع والشعور بما يعانيه وبالتالي سلوك أفضل الطرق وأكثرها جدوى في معالجة هذه المعاناة أو تلك ومنها البلاغة وحسن اختيار الكلمات لإيصال رسالة مفادها التصحيح والنهوض من واقع مرير فعندما تغيب الثقافة عن السياسي يبحث عن سلاح آخر من دون أن يعلم , يلجأ إلى القوة مثلا لتحقيق أهدافه وهنا تحدث الكارثة فالنتائج مخيفة تؤدي إلى شيوع العنف في التعامل وما يعرف بالفعل وردة الفعل أو التعامل بمبدأ تسقيط الآخر لتحقيق أهداف مشروعة وغير مشروعة أحيانا التسقيط داخل الحزب الواحد فينتج عنه انشقاقات وتشرذم , في التجارب الديمقراطية المتقدمة يوجد صراع على من أجل الحصول على الأغلبية وبالتالي الظفر بالحكم لاشك في ذلك لكن الطريق الوحيد هو العمل والانجاز ومدى فائدة وتأثير هذا العمل وهو ما قلنا عنه في وصف الثقافة من حيث التحسس لحاجة الرعية والتعامل الأمثل معها يصاحب ذلك قدرة عالية في إيصال البرامج والخطط مشفوعة بالقرائن وفي النهاية يترك القرار إلى الناخب في اختياره معتمدا ًعلى هذه الأسس دون حدوث أي انشقاقات داخل المجتمع من النتائج الوخيمة الأخرى لتصدر غير المثقفين للمشهد هو التغييب القسري للمثقفين الحقيقيين لان وجود مثل هؤلاء بإمكاناتهم يكشف الغطاء عن أشباه المثقفين لذا كانت الهجرة سمة غالبه لكل المثقفين الذين لديهم أطروحات لا تنسجم مع من طرأ على مجال معين , أما في المجال الصحافي فالموضوع أخطر أذا ما أخذنا بنظر الاعتبار بأن الصحافة قد أخذت على عاتقها حمل رسالة نبيلة وهي إنقاذ العقول من التحجر وديمومة ألقها من خلال إيصال الحقيقة كما هي دون تحريف أو تزويق وهذه مهمة لن ينهض بها غير المثقفون لذا أنا أرى أن تراجع عدد قراء الصحف له علاقة بالرؤية والغاية للقائمين على الصحف من خلال الصدق والثبات في اتخاذ قواعد المهنة أساس للعمل الصحفي , وهذا أمر لا يستطيع النهوض به إلا المثقفون فالأديب والشاعر والكاتب عندما يذوب في مجتمعه بحس مرهف وصادق فأنه يبدع في نتاجه أيا ً كان نوعه ليجد مساحة عريضة من القراء قد تفاعلت معه بإيجابية كونه حمل همومهم وعبر عنها بأروع الصور وهذا ما لا يحدث الآن فاللغة بين المثقفين ومن تصدروا المؤسسات الإعلامية الرسمية وغير الرسمية لغة بتراء وغير مفهومة وأختلط بها الصح والخطأ وظلما  يجيب البعض عند السؤال لماذا هذا النهج الركيك والمتقعر تكون الإجابة الناس يريدون هكذا وهذا تجني لأنه لو كان الناس كل الناس يريدون هكذا لما تراجع عدد المتابعين والقراء ولما غابت تلك الصورة الجميلة و الارتباط الروحي بين القارئ والصحيفة , أخيرا نحن غير قلقون لأنه في النهاية لا يصح إلا الصحيح ومع انقشاع الغيوم سيأخذ المثقفون على عاتقهم النهوض بهذا المجال من خلال حمل تلك الرسالة الإنسانية النبيلة. 

 

 Helalysalah@yahoo.com

الموضوع السابق اوتوقراطية المالكي في العراق

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat