منذ أن تغير النظام في إيران من حكم الشاه الموالي للغرب وإسرائيل الى نظام حكم معادي لهما, حتى بدأت نذر الحرب والتلويح بها على إيران.
قادت الولايات المتحدة الأمريكية وتزعمت هذا المشروع تساندها دول الغرب والدول العربية المحكومة بالحكم الشمولي والديكتاتوري والقببلي.ففي أيام الشاه وفي ظل حكمه لم نسمع أحدا يطالب بعودة الجزر الثلاث الى إمارة الشارقة ولم نكن نسمع بشكوى عن تدخل إيراني في الشؤون العربية.بل كانت علاقات إيران بدول العرب سمن على عسل.
شنت حرب الخليج الأولى على إيران, بمخطط ممول من دول المشايخ الخليجية .ولم يكن لشعب العراق فيها قرار أو مصلحة . من أجل خنق ثورة إيران الأسلامية في المهد, والتخلص من حكم يساند مطالب شعب فلسطين بإقامة دولته على ترابه الوطني أسوة بشعوب الأرض.
فبنظرهم إن نظام الحكم في إيران تجاوز الخطوط الحمراء والثوابت المتمثلة بدعم إسرائيل, مع عدوانيتها وعنجهيتها ورفضها تطبيق أي قرار من القرارات الدولية بالأنسحاب الى حدود 4حزران عام 1967 .
كما إن وجود نظام حكم في إيران يعادي إسرائيل يخل بميزان القوى العسكرية الذي تحرص أمريكا و الغرب أن يكون لصالح إسرائيل .
أجندتان إتفقتا ونسقتا سوية لشن هذه الحرب, بشتى صنوفها الأقتصادية والأستخباراتية والعسكرية.أجندة الغرب وأجندة دول الخليج الطائفية التي رأت بقيام دولة إسلامية في إيران بمذهب شيعي يحفز أهل الأحساء والقطيف والمدينة المنورة والبحرين وسائر دول الخليج على المطالبة بحقوقهم الدستورية والأنسانية.
وزاد من غضب الغرب مساندة إيران لحماس و فصائل أخرى كحزب الله والقوى المناهضة لأسرائيل.وهذه منظمات يعتبرها الغرب حركات إرهابية لتبنيها مشروع المقاومة, ولكنه لا يعتبر إسرائيل دولة إرهابية. وهي تمارس الأرهاب يوميا ,وفي كل ساعة بحق شعب فلسطين وعرب الجولان و لبنان.إسرائيل تقتل وتهجر وتعتقل وتجرف الأراضي وتستوطن وتقصف وتنهتك الأجواء وتعربد .ولا ترتضي أمريكا حتى إدانة هذه الأعمال, إن حاول مجلس الأمن ذلك. بل تستعمل حق النقض الفيتو,لتنقض كل قرار دولي يدين إسرائيل.مهما كان الفعل ومهما إقترفت إسرائيل من جرائم
كجريمة قصفها مركز الأمم المتحدة في قانا في لبنان. وقتل أكثر من ثلثمائة لبناني لجأوا لهذا المركز مستجيرين بالأمم المتحدة ,طالبين الأمان.
تمتلك إسرائيل خزين من القنابل الذرية منذ عشرات السنين ولا تسمح لمنطمة الطاقة النووية بزيارة أي موقع إسرائيلي كموقع ديمونة وغيره. ولا أحد يعترض.وكأن إسرائيل دولة مسالمة,رغم عدوانيتها الواضحة. ولكن تقوم الدنيا ولا تقعد عند محاولة إيران تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية. وتقرع طبول الحرب وتفرض العقوبات الأقتصادية تلو العقوبات على إيران ,أو دول عربية تنحى هذا المنحى المباح دوليا.لأن العلم و التسلح من حق إسرائيل وحدها لا من حق العرب والمسلمين.ولأن إسرائيل يجب أن تبقى الأقوى.ولا سماح ولا تهاون مع أي تغيير لميزان القوى, حتى لو بالتعادل ما بين كل العرب والمسلمين من جهة مقابل إسرائيل من جهة أخرى.
وقد سارعت إفرازات ثورات الربيع العربي من وتيرة التهديد بالحرب على إيران. لأن فوز الأسلاميين في الأنتخابات التي أعقبت ذلك أخاف إسرائيل وأميركا والغرب من مواقف الشعوب وحكوماتها, للتغيير من قيادات سياسية موالية للغرب الى قيادات ذات إنتماء وطني وعروبي إسلامي.وما تفجير أنابيب الغاز التي تمد إسرائيل بالغاز المصري إلا نذير شؤم لأسرائيل وحماتها.فإن فجرا جديدا قد بزغ وسينقلب الميزان لصالح الحق العربي. وسيفرض ذلك السلام الذي ترفضه إسرائيل ,وتحتال من أجل فرض الأمر الواقع ودوام الأحتلال,بدل السلام العادل الذي ننشده.
أخذ يعلو صوت الحرب على إيران وتزايدت حدة تخويف الدول الخليجية المحكومة بشيوخ قبائل خائفين على عروشهم .التي إهتزت أو ستهتز حتما, بأن قوة إيران تعني نهايتهم وعليهم بالتسلح وإنفاق مليارات الدولارات على أسلحة ليسوا بحاجة لها. ولكن لدعم الأقتصاد الأمريكي والأوربي المتهاوي.وإندفع هؤلاء المرتعشون خوفا وفرقا للتسلح بدافع أمريكي غربي إسرائيلي من جهة وبدافع طائفي كون إيران دولة شيعية المذهب .
ومع الأسف الشديد فسياسة إيران وحلفائها الكلاسيكية في راديكاليتها وجهلها بالأساليب الإعلامية الحديثة التي توضح أحقية موقفها من قضايا المسلمين والعرب وكونها غير معادية لأحد.وإنها لا تفرق بين مسلم شيعي وآخر سني . كما إنها لم تكن بالذكاء والدبلوماسية الحاذقة المطلوبة. فساهمت في تخويف العرب من إيران والشيعة .وساعدت في تمرير المخطط المعادي لإيران وشعبها وضد العرب والمسلمين.لقد تصرف قادة إيران بطائفية واضحة مكشوفة عندما سنّوا دستورا لأيران جعل إيران دولة شيعية المذهب. ولم يقتصروا على كون إيران دولة إسلامية كما هو عنوانها (جمهورية إيران الأسلامية). فتخوف العرب سنيو المذهب من هذا التوجه ونتائجه.فعمل الأيرانيون على إيقاظ الطائفية وفتنتها النائمة.وإختارت إيران وحكوماتها الوقت الغير مناسب لقضية حقها في تطوير برنامجها النووي.فقد وقعت في نفس الفخ والشرك الذي وقع فيه صدام حسين, ولم تستفد من الدرس.وخاصة عندما لم تعلم منظمة الطاقة النووية بإنشائها مفاعلات نووية سرية غير معلن عنها .مما إستدعى أن تستنفر إسرائيل كل إمكانياتها الدبلوماسية والمخابراتية المدعومة بكل ما للغرب من إمكانيات, للأيقاع بإيران ومنعها من تغيير توازن القوى العسكرية في الشرق الأوسط لصالح العرب والمسلمين .فأتاحت إيران وأعوانها الفرصة لأعدائها لتحقيق ما يبغون.كما إن سجل حقوق الأنسان في إيران لم يكن نظيفا, بل مرفوض شرعيا وإنسانيا. مما لم يوفر لها غطاءا دوليا للدفاع عن سياساتها ونظامها. كما ساهم التدخل الأيراني في العراق ودعمها لأطراف معينة وتشجيعها ودفعها لمواقف طائفية إستعدى العرب عليها. فصاروا ينظرون لها بعين الريبة والتذكيربالأطماع الفارسية القديمة في بلاد العرب التي لم تغب عن الأذهان بعد.
إن سياسة إيران وحلفائها في سوريا ولبنان تجاه المطالب المشروعة للشعب السوري زادت من تعاطف العرب والمسلمين مع مشروع الحرب على إيران. حيث كان يفترض بالحكام في سوريا المسارعة بتلبية إحتياجات شعب سوريا للديموقراطية والكرامة, وإقامة دولة دستورية حديثة .يتمتع فيها السوريون بكل الحقوق وإنهاء حالة الطغيان والتهميش والظلم الذي يقع على السوريين من مخابرات لا تعي ولا تفهم شيء عن حقوق الأنسان. فكان من المفترض بإيران وحزب الله الوقوف الى جانب السوريين المحقة,وإحتواء الموقف بواقعية لا بمزيد من القتل والأرهاب والقمع الذي تمارسه سلطات بشار على السوريين العزل.
كل هذا دفع وساعد على رفع عقيرة الحرب على إيران بقيادة أمريكا و مشاركةالغرب ودول الخليج ,لحماية ودعم إسرائيل. فقد كان دور إيران وحلفائها مساندا وعنصرا مساعدا لتبرير هذه الحرب.فهل تنبه الأيرانيون , وهل تنبه العرب والمسلمون لما هم فيه قبل فوات الأوان وأحبطوا هذا المخطط؟؟أم إن حكام إيران وحلفائهم أميون دبلوماسيا, فاشلون سياسيا سذج في قراءتهم للأحداث وإسقراء ما سيحدث لاحقا,ولم يتعضوا بما حدث. فالهدف واضح سوريا ثم إيران ثم حزب الله وحماس وقد تكون روسيا مشمولة أيضا بالفوضى الخلاقة.وقد لاحت المؤشرات في الأفق.
إن مشروع الفوضى الخلاقة والشرق الأوسط الجديد ماضيان بمخطط متسارع ,لتفتيت بلاد العرب وزجها في صراعات طائفية. يساهم فيه حكام عرب وساسة لا يدركون عواقب ما يفعلون .فهل يتداركون الأمر ويخرجون الأمة من هذا المأزق والمصير المجهول, بتلبية مطالب الشعوب المحقة بالحرية والكرامة؟وهل يعي قادة التغيير خطورة الأمر؟ وينحوا للحوار والسعي للتبادل السلمي للسلطة دون عنف وتدخل أجنبي.
إن المتتبع والمراقب للثورة السورية والمحلل الواعي يرى إنه لا مناص من الحوار والقبول بالحلول التدريجية لنقل السلطة سلميا للشعب ,وإنهاء الحكم الشمولي التعسفي.ففي ذلك الخلاص للشعب السوري من دولة الرعب والخوف المخابراتية. وفيه طوق النجاة لبشار وأركان حزبه.فإن العنف مبتغى إسرائيل وما تتمناه. وإن إراقة الدماء لن تفضي للتغيير المنشود بل لحرب أهلية أو طائفية قد تشمل المنطقة بأسرها .وهذه هي الفوضى الخلاقة لتبقى إسرائيل هي الأقوى والمتحكمة بشعوب الشرق الأوسط.
إن جهل ساسة إيران وحلفائها سياسيا, رغم ما يضعون على رؤوسهم من عمائم كبيرة, ويتسمّون ويتلقبون بأسماء وألقاب أكبر فهم جهلاء سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا وقد فقدوا مصداقية المقاومة التي يتبنون,بسبب ذلك. ولو لم تكن إيران في الصف المجابه لأسرائيل, ولو كان قادتها يتمتعون بشيء من الذكاء والواقعية, ويفهمون معنى السياسة هي فن الممكن, وكيفية الوصول للغاية بأقل الخسائر. لما أعلنت عليها هذه الحرب الضروس ولا هذه العقوبات الأقتصادية ولا الحصار.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat