صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّادِسةُ (١٧)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   {للهِ فِيهِنَّ رِضىً وَلِهؤُلاءِ الجُلَساءِ فِيهِنَّ أَجرٌ وَثَوابٌ}.
   لو أَنَّنا نلتزم بهذَين الشَّرطين فقط، والذَينِ حدَّدهُما الإِمام عليُّ بن الحُسين السجَّاد زين العابدِين (ع) [إِستُشهِدَ في ٢٥ محرَّم الحرام عام ٩٥ للهِجرة] عندما طلبَ من الطَّاغية يزيد أَن يعتلي المِنبر في مجلسهِ بالشَّام، كلَّما هممنا بنشرِ شَيْءٍ على مواقع التَّواصل الإِجتماعي لكنَّا الْيَوْم بخيرٍ وقد حمَينا أَنفسنا وعقولنا وذاكرتنا من الغش والتَّضليل، فلا تمرُّ علينا أَكاذيب ولا تخدعنا مقالات مُفبركة ولا نصدِّق بصورٍ وفيديوهات مُركَّبة أَو مُجتزأَة.
   والشَّرطان يجمعهُما جَوهرٌ واحدٌ هو المنفعة، منفعةُ الإِنسان {أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ} فرضا الله يتحقَّق بكلِّ ما ينفع خلقهُ ولذلكَ وردَ في الحديثِ الشَّريف [خيرُ النَّاسِ من نَّفعَ النَّاس] و {خَيرُكُم خَيرُكُم لأَهلهِ، وأَنا خَيرُكُم لأَهلي} والأَجرُ والثَّواب الذي يحصل عليهِ الخَلق عندما تَكُونُ المعلومة مُفيدة وصالحة للإِستعمال، تُزيدُ من عِلمهِ مثلاً أَو تُحسِّن من عملهِ وإِنجازهِ أَو تُكرِّس نجاحاتهِ أَو تحميهِ من خطرٍ.
   رضا الله لا يتحقَّق، بالتَّأكيد، بنشرِ الأَكاذيب حتَّى إِذا لم تكُن تعرف بها وتسرَّعت باستنساخِها ونشرِها تحت عنوان [هكذا وردني] أَو [منقول] أَو ما أَشبه من هَذِهِ العناوين التي لا تُسقط المسؤُوليَّة الدينيَّة والأَخلاقيَّة والوطنيَّة بأَيِّ شَكلٍ من الأَشكال لأَنَّ الآية الكريمة واضحةٌ جدّاً بقولِها {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ۚ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولً}.
   رضا الله تعالى لا تتحقَّق بمنشورٍ لم تتحمَّل أَنت مسؤُوليَّتهُ ثمَّ تُبادر لاستنساخهِ ونشرهِ.
   كما أَنَّ المرء لا يحصل على أَجرٍ وثوابٍ عندما يغذِّي النَّاس بمعلوماتٍ مُفبركةِ تضرُّ ولا تنفع، كما أَنَّ المُتلقِّي سوفَ لا يحصل على شَيْءٍ من الأَجر والثَّواب إِذا تابعَ منشوراتٍ مُضلِّلة تهوي بهِ في وادٍ سحيقٍ.
   المعيارُ هو المنفعة فحسب.
   تعالُوا، إِذن، نحقِّق هذَين الشَّرطَين في كلِّ ما ننشرهُ، خبراً كان أَو تقريراً أَو فيديو أَو صورة أَو أَيِّ شَيْءٍ آخر، فنتساءل مع أَنفسِنا؛
   *هل أَنَّ الذي سأَستنسخهُ وأَنشرهُ يُرضي الله تعالى؟! على اعتبار أَنَّ النَّشر عبادةٌ و {مَن أَصغى إِلى ناطِقٍ فَقَد عَبَدَهُ، فإِن كانَ النّاطِقُ عَنِ اللّه‏ِ، فقد عَبَدَ اللّه‏َ، وإِن كانَ النّاطِقُ عن إِبليسَ، فقد عَبَدَ إِبليسَ}.
   طبعاً ليس كلَّ ما صحيحٌ يُرضي الله تعالى، وليسَ كلَّ ما هو غَير صحيح يُسخطهُ، فقد يَكُونُ الصَّحيحُ يشيعُ فاحشةً أَو يؤَدِّي إِلى اغتيالِ شخصيَّةٍ عامَّةٍ أَو يسبِّب بإِشاعة اليأس في نفوسِ النَّاس، ولذلكَ فلقد كانَ رَسُولُ الله (ص) يوصي قادةَ السَّرايا الذين يبعثهُم للتجسُّس على العدوِّ أَن ينقلُوا أَخبارهُ إِليهِ بسريَّةٍ وكُتمان ليُعالج الخبر قبل نشرهِ على أَصحابهِ، فكما قُلنا ليس كلَّ صحيحٍ ينفعُ وفيه رضا الله تعالى، كما أَنَّهُ ليس كلَّ خطأٍ يُسخط الله عزَّ وجلَّ، فقد يَكُونُ في إِطار الحرب النفسيَّة التي نشنَّها ضدَّ أَعدائنا، فـ {الحربُ خُدعة} كما في قولِ رَسُولِ الله (ص).
   *هل أَنَّ الذي سأَستنسخهُ وأَنشرهُ في القروبات وعلى مواقع التَّواصل الإِجتماعي، فِيهِ أَجرٌ وثوابٌ لي قَبْلَ المُتلقِّي؟! فإِذا لم يكن كذلك أَضربهُ عَرض الحائِط حتى إِذا كان المنشورُ صحيحاً [١٠٠٪؜].
   بالمجملِ فإِنَّ السُّؤَال الذي يجب أَن يقفز شاخصاً أَمامنا كلَّما هممنا بنشرِ شَيْءٍ هو؛
   هل فِيهِ خيرٌ ومنفعةٌ ومصلحةٌ؟ سواء على المُستوى الفردي أَو العام، فإِذا كانَ كذلك فتأَكَّد بأَنَّهُ سيكونُ بنشرهِ لله فِيهِ رضاً وللمتلقِّين أَجرٌ وثوابٌ، وهو المطلوب.
   وإِيَّاكَ أَن تعبث بعقولِ النَّاس والصَّالحِ العام وبأَمنِ المُجتمعِ بالإِستنساخِ والنَّشر!.
   لقد بِتنا الْيَوْم أَدوات بيدِ الجيُوش الإِليكترونيَّة، فهي التي تُخطِّط وهي التي تُحدِّد الأَهداف وهي التي تُحدِّد طبيعة المتلقِّين، أَمَّا نَحْنُ فمهمَّتنا النَّسخ والنَّشر فقط، وبالتَّالي نَحْنُ أَصبحنا الْيَوْم هذا الظَّهر الذي يركبهُ قادة الجيُوش الإِليكترونيَّة والضَّرع الذي يحلبونهُ من حيثُ نشعر أَو لا نشعر.
   ليُراقب أَحدنا نفسهُ ليرى كم مرَّةٍ يستنسِخ وينشر في الْيَوْم الواحد؟! وكم مرَّةٍ يقرأ قبل أَن ينشر؟! وكم مرَّةٍ يفهم الهدف الخفيِّ وراءَ هذا المنشُور؟! وكم مرَّةٍ توقَّف عن النَّشر إِذا ما شعرَ أَنَّ وراءهُ هدفٌ خفيٌّ يقصد تدميرنا؟!.
   إِنَّ العِبرةَ ليست في عددِ ما تستنسخهُ وتنشرهُ، وإِنَّما العبرةُ في عددِ المنشوراتِ التي ينطبق عليها الشَّرطان المذكُوران، في عددِ المنشورات التي تُحقِّق نفعاً من نوعٍ ما، وإِلَّا فإِنَّ الشَّيطان أَكثرنا وأَسرعنا نسخاً ونشراً للمنشُورات {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ}.
   ٢٤ أَيلول ٢٠١٩
لِلتَّواصُل؛
‏E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/09/26



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ السَّادِسةُ (١٧)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net