الطقس الحسيني ثقافيا ( 1 )
حيدر زوير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حيدر زوير

سيباشر المقال الاتي موضوعه من غير مقدمات استنادا الى سلسلة منشورات سابقة كان قد تناولت ما يمكن عده المقدمات ... و الشيء الاخر نزولا عند رغبة بعض الاصدقاء الذي انتقدوا بشدة اللغة البحثية في الكتابات السابقة ، سأعمل على الكتابة بابسط أسلوب : جميعنا يلاحظ التغيرات الي تحصل في الطقوس الحسينية ، و جميعنا يرى كذلك تنوع هذه الطقوس من منطقة لاخرى و من جماعة لاخرى ، حتى صار يمكن الحديث عن طقوس الفقراء و طقوس الاغنياء و طقوس المتعلمين و طقوس البسطاء و هكذا ، هذا التنوع يكمن خلفه ما يحدده ، ماهو هذا الشيء هذا ما سيتضح مع نهاية المقال ، و الشيء الاهم هو الاساس في هذا الموضوع الذي له القدرة على التنوع على المستويين الكمي و الكيفي ، و هو الطقس ، من حيث المبدأ العام لا يوجد انسان لا يمارس طقسا ما ، سواء كان هذا الانسان يعيش في أقصى شمال الارض أو أقصى يمينها ما دام إنسان فهو طقسي بمقدار و بشكل ما ، يمكن الاستفادة من فكرة يقولها عالم تاريخ الاديان الروماني ميرسيا الياد : " أن تكون إنسانا فأنت متدين " و الدين كل دين يعد الطقس احد اركانه ، حيث لا يوجد دين من غير طقس . و حتى المجتمعات المدنية و الحداثية أو فلنسمها أو ممن تعد نفسها لا دينية لا يعني ذلك أنها غير طقسية ، فطريقة تناول الطعام و اعداده و ترتيب المنازل و الاحتفالات العائلية و الوطنية أو القومية هي جميعها تشتمل على سلوك طقسي
هنالك موضوع يتعلق بكيف تحافظ بعض الطقوس على نفسها ، و بمعنى اكثر دقة كيف تكون قابلة للإستمرار و التكرار ؟ و هذان الشرطان " الاستمرار و التكرار " هما اساسان في عد نصٍ ما أسطورة أو لا . لن يذهب المقال الى موضوعات تتعلق بالاسطورة و الطقس و العلاقة بينهما ، و هل أن هنالك جانب أسطوري بالمعنى الميثلوجي في الطقس الحسيني ، بقدر الاستفادة من فكرة التكرار ، بمعنى أن الاسطورة هي النص الذي يملك قابلية على الاستمرار و التكرار و بفاعلية ، هذا المعنى يصدق على الطقس ، فليس طقسا من لا يتكرر و يستمر و يملك فاعلية ما .
مؤكدا أن الاحاديث المروية عن الائمة من أهل البيت في فضل و اهمية اقامة الطقس الحسيني لها الدور الاكبر في تأسيسه ، لكن هذه المرويات على أهميتها أسست الطقس ، فيما روح الطقس أو بمعنى أخر مضمونه فالمجتمع هو من يصوغه
ماهو المجتمع ؟ هذا سؤال معقد بالنسبة للمسلمين الشيعة في الوقت الحاضر لكنه ــ أي السؤال ــ يحل إشكالية منهجية مهمة : فالحديث عن الطقس الحسيني يشتمل على ثلاث أبعاد
1: الحدث " معركة الطف "
2: تأسيس الطقس " الممارسات الطقسية الاولى و المرويات الحاثة على اقامته
3: الطقس بمعناها الاثنوغرافي " الطقس الان و هنا "
و على الرغم من أن الابعاد الثلاث مرتبطة بعضها ببعض لكنها مرتبطة بجزء بسيط و ليس بشكل كامل و لا يمكن تحليل كل منها بالاخر ، و هو ما يحصل في غالب الاحيان من قبل الخطباء و المعلمين الدينيين ، و هي مشكلة منهجية لا بد من الالتفات لها ، بمعنى ان الطقس الحسيني صحيح انه احياء للحدث الحسيني و امتثال للمرويات القدسية التي تأمر بهذا الاحياء الا أن الصلة بين هذه الابعاد لا تتيح فهم الطقس و هو البعد الثالث من طريق البعدين الاولين ، و ما هو أهم أن الطقس بوصفه موضوع اثنوغرافي ، أي بإمكان الباحث ملاحظته رصده مشاركته لا يتحقق في البعدين الاولين ، صحيح أن هنالك ما يمكن ثبيته بشكل كامل و هو : أن معركة اسمها الطف قد وقعن سنة 61 للهجرة و فيها قتل الامام الحسين بشكل مأساوي و كل من كان معه من اهل بيه و اصحابه ، و كذلك أن هنالك مرويات كثيرة عن الائمة من اهل البيت تأمر بأحياء ذكرى الامام الحسين خاصة ذكرى معركة الطف ، لكن أكثر من هذا لا يمكن ان يمثل موضوع للاثنوغرافيا و هو كذلك غير ذا اهمية للدراسات الاثنوغرافية
يتبع
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat