قانون المرور الجديد ماله وما عليه
نعمه العبادي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعمه العبادي

تمس شؤون المرور حياة جميع افراد المجتمع دون استثناء، فالجميع له صلة مباشرة او غير مباشرة بها، وان الواقع المخجل الذي تعيشه شوارعنا ومدننا في غياب نظام مروري محترم يستحق وقفة جادة وصارمة.
اطلعت على السقوف الجديدة التي وضعتها مديرية المرور والتي ذكرت حزمة من العقوبات واذكر جملة ملاحظات تتصل بالموضوع:
- ان اصلاح قوانين المرور هو امر ايجابي ومتطلب ضروري ولكن لا بد ان يكون اصلاحه متسقا مع اصلاح شامل للسياسة التجريمية والعقابية للدولة فلا تكون تلك السياسة مثل قطعة ( الجودلية) كل قطعة فيها من لون وقماش، ثم ان هذا الاصلاح لا بد ان يمر بقنواته القانونية من اقتراح حكومي ثم نقاش ومصادقة في مجلس النواب ثم مصادقة نهائية، فمن غير المعقول ان تقوم كل جهة لوحدها بوضع حدود عقابية وفقا لرؤيتها ومزاجها.
- ان تشريع وتطبيق اي قانون لا بد ان يسبقه تهيئة البيئة والظروف اللازمة لنجاحه، وان القوانين الضابطة تقع ضمن منظومة الحقوق والواجبات المتبادلة بين المواطن والدولة، فعندما ترفع المرور سقوف عقابها لا بد لها من :
اولا : وضع حد لفوضى الاستيراد المطلق الذي يغذي الشوارع بآلاف السيارات دون اي سياسة مرورية واعية.
ثانيا: تهيئة شوارع وممرات وانفاق وجسور وساحة تستوعي الحركة المرورية بشكلها الواقعي.
ثالثا : تخطيط الشوارع ووضع العلامات المناسبة ووضع الاشارات الضوئية في محلاتها الضرورية والعمل بنظام تحديد حركة السير لانواع معينة واوقات معينة.
رابعا: تهيئة ساحة وقوف مناسبة في الاسواق والمناطق السكنية بعيدا عما يحدث اليوم من تحويل المتنفذين واصحاب القوة الارصفة والشوارع الرسمية والحدائق والاراضي المخصصة كمتنزهات الى كراجات وساحات وقوف يجبون بفضلها ملايين الدنانير ظلما وعدوانا بدون اي رادع ، وفي حالة اخرى يبقى صاحب السيارة لساعات وساعات يطوف بسيارته دون ان يجد محل لوقوفها.
خامسا العمل بنظام النقل العام الباصات والقطارات الصغيرة والانفاق خصوصا في مراكز المدن، فمن غير المعقول ان ترى في الشارع كل موظف في دائرة لوحده او مع شخص اخر يذهب بسيارة خاصة في ظل شوارع مختنقة وانعدام لساحات الوقوف، فلو كانت هناك خطوط باصات منتظمة ومنضبطة ونظيفة بحيث يضمن الموظف وصاحب العمل وصوله لمحل عمله بالوقت المناسب كما يحصل في كل دول العالم.
سادسا :ان يكون للمرور رجال يقفون في الشارع ومهمتهم ضبط السير والحفاظ على النظام والتعامل بمساواة مع الجميع دون ان ينشغل هو واصدقائه باحاديث جانبية او يمسك موبايله طوال الوقت وهو مشغول به دون ان يدري ما يجري في الشارع او ان يكون جزء من منظومة الخلل كما نلاحظه في بعض المناطق من شراكة المرور مع مفسدي النظام المروري كما تلاحظه مثلا في ساحة باب المعظم من تحويل الشارع الحكومي الى كراج جباية واخذ اتاوات بشراكة وعلم من كل الذين يحرسون الشارع.
سابعا: ان تكون لدينا طرق سريعة حقيقية كما كان حال الطرق السريعة ايام زمان بشوارع مخططة وعلامات مرورية واسيجة ونظام رصد مناسب، فلك ان تشاهد اي طريق سريع وتلاحظ ما يجري فيه من مأساة وموت مجاني، والكثير يهرب للاتجاه المعاكس اما هربا من الحفر او الازدحام الخانق او التوقفات المزاجية ولك ان تسافر بطريق بغداد الموصل وتلاحظ المأساة.
ثامنا: ان يتم نشر ثقافة مرورية كافية توصل الشارع لوعي وادراك صحيح وان يكون ذلك باستخدام الطرق المناسبة والمتنوعة.
تاسعا: ان يكون هناك وقفة شجاعة وتنظيم لانواع العجلات التي تتحرك في الشارع مثل الستوتات والدراجات النارية وغيرها بحيث يكون الشارع متناسب مع حجم الزخم المروري للسيارات.
- لقد تضمن القانون مجموعة غرامات مالية وهي غير قليلة ، وفي الوقت الذي اؤكد واشدد على ضرورة تنظيم الشارع وضبط حركة المرور وردع المخالف، اخشى في ظل غياب كاميرات المراقبة والشفافية في تطبيق القانون وانتشار الفساد ان تكون تلك الغرامات اداة للابتزاز وانتشار الرشوة ، فبدل من ان يدفع السائق المخالف غرامة 200 الف دينار يتفاهم مع رجل المرور ب 25 الف وتنتهي القصة، وقد لاحظت مثل هذه القضايا في دول اخرى مثل مصر.
- احتوى القانون عقوبة شديدة توصل الحبس لثلاث سنوات تتعلق بالاعتداء على رجل المرور، وهي قضية مقلقة جدا، فلا ريب ولا شك في ضرورة حماية رجل المرور واحترامه خلال تادية عمله، وعمله لا يختلف عن كل موظفي الدولة الذين يقدمون خدمة للناس ويتعرضون للاذى، وان هذه العقوبة في ظل مزاج شرطوي يشعر بفوقيته على القانون وغياب لثقافة احترام المواطن وعدم تاهيل صحيح للكوادر البشرية ومع الظروف الصعبة التي يعيشها الكثير من الناس ان تتحول الى مدخل للابتزاز وتكون مفتاح لفساد اكثر مما هي مدخلا للضبط والحماية.
- ختاما اشدد وبقوة على ضرورة احترام وتقدير كل من يقدم خدمة عامة ومنهم رجال المرور وضرورة حمايتهم وتسهيل ما يحقق اداء واجبهم، وكذلك وجوب اصلاح وضعنا المروري والخلل والفوضوى التي يعيشها ولكن قبل كل شيء لابد ان يتم تهيئة الظروف المناسبة لذلك والتي عددتها في مجموعة نقاط ، فمن يريد حقوقه عليه ان يؤدي واجباته وإلا ستكون تلك التعليمات خلل ومدخل لفساد اعظم.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat