الدفاع عن النفس غير الدفاع عن العقيدة
عبد الله الجنابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الله الجنابي

اجازت الشرائع السماوية حق الدفاع النفس ، كما اقرت بذلك القوانين الوضعية والاعراف وجميع المجتمعات المتقدمة والبدائية . ان الشروع بالدفاع عن النفس لا يحتاج الى اذن من حاكم شرعي او قاض او رخصة من احد ، بل ان المدافع عن نفسه وماله وعرضه وممتلكاته يحق له الدفاع حال استشعار الخطر الذي يؤدي الى الموت او الجروح البليغة .
اما الدفاع عن العقيدة ، او عن فكر او معتقد ، فذلك ليس هجوما يؤدي الى سلب الحياة او اتلاف ممتلكات ، ولا يعرض المهاجم ( بفتح الجيم ) الى اذى جسدي او انتهاك او سلب الملكية ، لذلك يكون الرد هنا مناسبا لقوة الفعل ، فما دام الهجوم في نطاق استخدام الفكر والعقل والكلمة ، فالدفاع هنا ليس واجبا يقره الشرع ويعترف به القانون والاعراف ، بل على العكس ، فربما يكون التجاهل والصمت والحكمة ابلغ من الرد في بعض المواقف ، فضلا عن ان العقيدة لا تموت بفعل معتد ، ولا تصاب بجروح ، ولا تحبس او تختطف . وربما يرى بعضهم ان الادعاء بان عقيدة ما تمتلك كامل الحقيقة امر مجاف للصواب والواقع ايضا . ان الحروب التي تنشأ على اساس عقائدي هي حروب ملوثة ، يستغل فيها المنتفعون منها الابرياء والبسطاء لتبرير الحرب ، وربما تستدر عواطف الطيبين منهم كي يندفعوا للمشاركة في الحرب على انها حرب مقدسة . هكذا حدثنا التاريخ عن كيفية استغلال الحكام في العصرين الاموي والعباسي ( من سنة 41 هـ - 656 هـ) مثلا للمسلمين من اجل تبرير تلك الحروب التي اطلقوا عليها الفتوحات الاسلامية من اجل الدفاع عن العقيدة والدين والشريعة ، ولم تكن في الحقيقة في اي من احوالها دفاعا عن النفس . وحدث الامر نفسه ، بتزييف اكبر ، حين استغلت الكنيسة المسيحيين ودفعتهم للموت من اجل العقيدة فيما سمي بالحروب الصليبية ( 1096 م _1291م ) . وفي العراق حاول العثمانيون عام 1914م ان يستغلوا هذا العنوان من اجل تحشيد الناس للوقوف معهم ضد الانكليز .
وربما يتساءل البعض عن مبعث الحرب التي يخوضها العراقيون ضد داعش ، فيطلق احيانا عليها : حرب للدفاع عن العقيدة ، او الدين ، او المعتقدات ، وفي ذلك تجن كما ارى على قدسية وشرعية هذه الحرب . اذ لا يحق لنا ان نشن الحرب على داعش لو انها اكتفت بتكفيرعقيدتنا وتسفيه معتقداتنا او اننا نريد الانتصار للعقيدة او الدين او المذهب ، وانما هي حرب للدفاع عن النفس ضد معتد اثيم يريد ابادة الحياة وسرقة المال وانتهاك العرض وتدمير الممتلكات مما يعطينا الحق كاملا بالدفاع ، وكان ذلك مبعثا لوقوف العالم والامم المتحدة وجميع شعوب العالم المتحضر معنا في هذه الحرب
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat