صفحة الكاتب : محمد جواد الميالي

موعد مع الحصار..مرة أخرى!
محمد جواد الميالي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 أسوء ما يمكن أن يصيب الشعوب قبل أن يهتك حرمتها الموت بعنوان الحرب، هو أن يخنقها حصار، يعمل على تجويعها وإذلالها، فكعادته سيكون متطرفا طائفيا، لا يمس الطبقة الحاكمة، وكأنه ولد ليقضي على الشعب المنهكة حصرا!

عندما انتقل العراق من الحكم الملكي للجمهوري، دخل قليلا في أجواء الإعتدال السياسي، لكن سرعان ما جائت شعارات القومية العربية، للبعث الإشتراكي، لتفتك بعقلل الشعب الجمعي، وتقتل الجمهورية قبل أن ترى بصيص للنور، حينها جلست الدكتاتورية على قلب شعبنا، حتى كسرت كل أضلعه على مدار أربعة وثلاثين عاما.

عاش العراق فترة السبعينات ولإنشغال النظام بتثبيت قبضته، في أجواء من بحبوحة نسبية للعيش، قبل أن تجرفه قرارات الدكتاتورية، بأموال خليجية، إلى دخول حرب إيران، التي أستمرت لمدة ثمان سنوات، أودت بحياة ما يقارب المليون عراقي!!

مركبة السيول السماوية، حملت شهيداً من الفقد، مع قرصة العسكري، وساعته المتوقفة، وبضعة دنانير ماعادت تصلح لشراء رغيف خبز.. و قلمه الذي جف من طول الإنتظار و بقايا عظام.. هذه إحدى الروايات التي كتبها الوجع العراقي، على مدى أربعة وثلاثين عام من الحكم الدكتاتوري.

لم تبدأ إستراحة الإنتهاء من حرب الثمانينات، حتى دخلنا في معترك حصار التسعينات، الذي فرضته أمريكا على شعبنا المنكوب، فصار بعضنا يعرض حتى شبابيك منزله للبيع، من أجل أن يوفر قوته اليومي، و آخر هتك حرمة منزله الفقر، ولكن غيمة الحصار لم تمطر جوعاً و فقراً سوى على شعبنا، و مظلة الحكم كانت تحمي للطاغية وجلاوزته بقوة.

لاحت خيوط الشمس لعراقنا الحبيب، فتخلصنا من نظام القمع الظالم، و دخلنا عام 2003 في نظام الديمقراطية العرجاء، بقيادة معظمها من الهواة.. وكثير منهم لا يفقهون في السياسة سوى مبدأ السرقة، إلا أن الشعب إستعاد جزءا من عافيته، من حيث حرية الرأي و التعبير، و توفر الطعام و أنتهاء فترة الجوع الكافر، إلا أن هذا لايلبي طموحات وطن مليئ بالموارد والأموال.

سوء إدارة العملية السياسية، التي حطمت الزراعة والصناعة في بلدنا، جعلت من حدود الوطن مستوردة لا مصدرة، و أكثرت من البطالة بين صفوف الشباب، حتى أصبح العراق بين طبقتين، حاكمة ومحكومة، و بات لكل دول الجوار ذراع داخل وطننا، تحرك به جزءا من الساسة.. إلا ما رحم الباري.

بما أن قرار حكومتنا ليس عراقيا، فهو مازال يترنح بين مؤيد لقرار أمريكا ضد العقوبات الإيرانية، وما بين معارض لها، والكارثة بدأت تقترب من شعبنا مرة أخرى فهو بين نارين، إحداها أن يقطع العلاقة بينه وبين الجارة إيران، فيصيبه جفاف الإستيراد لأن غالبية إستيرادنا منها، و بين أن يعارض القرار الأمريكي، فيصبح على موعد مع الحصار.

رغم أستهانة البعض بعودة الحصار، و أستهتار غالبية الساسة في الإدارة الحكومية، إلا أن العودة باتت قريبة، خاصة بعد التصعيد بين الجانبين الأمريكي والإيراني، و المتضرر الأكبر هو الشعب.

إن أراد شعبنا الحياة فلابد أن يتغير.. ويفهم اللعبة جيدا، ويترك سلبيته فالتفرج لن يغير حاله.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد جواد الميالي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/05/18



كتابة تعليق لموضوع : موعد مع الحصار..مرة أخرى!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net