الاثرياء الاشد فقرا في العالم !!
د . ماجد اسد
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . ماجد اسد

من اكثر المشفرات استحالة على التفكيك والقراءة والترجمة ان بعض اثرا اثرياء الارض لا في البلدان ذات الموارد الخيالية او في البلدان المنتجة و المصنعة للثروات فحسب ، بل في البلدان الاقل تطلعا للخلاص من مأزقها و استعادة مكانتها بين الامم الحديثة ، اقول : ان بعض اثرا اثرياء العالم على مر العصور ، هم ، و هم بالدرجة الاولى من اشد فقراء العالم فقرا ...!
و هذه ليست شفرة بحاجة الى تفكيك و حفر و اعادة قراءة ، بل لان اثرياء بعض الازمنة و في مختلف بقاع المعمورة ، كانو اساس العمران و اساس النهوض و اساس التقدم ، وليس علينا الا ان نلقي نضرة الى خارطة الكنوز و الاثار و العلامات النادرة للمنجز الحضاري ... فلولا هؤلاء الذين كانو يتمتعون بسلطة القرار ، و سلطة القوة ، و سلطة المال ، لكانت تلك المنجزات في عالم المجهول ...!
فأين هي المفارقة اذاً ... و اين هي الشفرة التي تنتظر الفك واعادة القراءة ...؟ انها هنا مع عدد من اثرا اثرياء العالم الذين لا نعرف شيئا لا عن اعمالهم ، و لا عن اثارهم و لا عن النافع الذي صنعوه للبشرية ... و لكننا نعرف شيئا ما عن ثرواتهم و مواردهم و كنوزهم الشخصية وما في قصورهم من عالم عظيم البذخ ! فلا علامة ابداعية على صعيد المخترعات العلمية او العمرانية او الجمالية او على صعيد ما ينفع الناس ، وكانت حياتهم التي بنوها على حساب سلب حقوق الاخرين واحتكروها ، تحولت الى اداة لعزلهم ، ومحو اسمائهم من اسفار التاريخ و ذاكرة الشعوب !
اثرا الاثرياء هؤلاء - و هم قلَ و الحمد لله - كانوا يمتلكون مساحات شاسعة من الارض ، و يتحكمون بمصادر الثروات بعد فرض اقسى القوانين في استلاب حريات الاخرين و التحكم بمصائرهم على خلاف بعض الاثرياء الذين وازنو بين ثرواتهم وبين بناء اساسات العمران الحضاري .
هل هي مفارقة اننا لا نتذكر شيئا من اصحاب الثراء الفاحش الا الفقر الذي تركوه في عقول و مدونات في ذاكرة الشعوب !
لانهم لم يكتفوا بأحتكار الثروات للتمتع بها واشباع نزواتهم ورغباتهم من حريم وجواري و لذائذ فاحشة لا تعد و لا تحصى فحسب ، بل اسهمو في مد مساحة الفقر على البلاد و العباد كما يقال، فلم يكتفو انهم اشد البشر ( فقرا ) في المعرفة والحكمة والرحمة فحسب بل سنوا للفقر سننا ككراهية العمل والاجتهاد و الابداع و كراهية محاسبة النفس التي ستقود الى كراهية الاخر ... و صاغوا انظمة للعبودية لا للخالق عز وجل بل لمخلوقاته التي مكثت ترزح تحت سياط الظالمين و الفاسدين !
و اي فقر هذا الذي لم يجد مأواه الا عند من أثر ان يعيش في الفقر ولا يموت الا فيه ! كالذين عملوا على هدم الذاكرة والحضارة والجمال فما لقوا منها الا عقوبة المحو بالنسيان !!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat