المالكي الرجل الذي يسابق الزمن
بتول الحمداني
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بتول الحمداني

المتابع المنصف لأداء رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يدرك الحاجة القصوى للعراق ومستقبله السياسي والامني والاقتصادي لهذا الرجل .
فمنذ فوزه الكبير في الانتخابات التشريعية التي جرت عام 2010 عمل المالكي على تأسيس دعائم دولة عراقية قوية ، بعد ان كانت دولة تستبيحها العصابات الاجرامية والميلشيات المسلحة والتنظيمات الارهابية التي تأتمر وتحرك من قوى خارجية وداخلية على حد سواء .
وعلى المستوى السياسي ، فبرامجه التي يطرحها واراؤه التي يتبناها ، تعبر في مجملها عن عمق رؤيته واصراره الذي لا ينقطع على بناء العراق الجديد الذي يسعى اليه ويحلم به كل انسان غيور على وطنه ، حريص على مبادئه وقيمه ، على الرغم من محاولات الخصوم المستمرة للنيل من انجازاته الكبيرة .
ونحن هنا في هذا الجانب لا نورد الكلام جزافا ، ولا نحاول ان نقول ماهو مجاف للحقيقة او مخالف للواقع ، فالسيد المالكي استطاع خلال ادارتة للملف الامني ان يبني قوات امنية استطاعت ان تفرض سيطرتها على الشارع العراقي ، بعد ان بقي هذا الشارع مستباحا من القوى الارهابية والمجاميع والميليشيات المسلحة . وقد ابتعد عن المحاباة على حساب امن المواطن والوطن ، عندما قاد بنفسه عمليات فرض القانون التي نفذتها القوات الامنية العراقية في جنوب وشمال وشرق وغرب العراق . وهي دليل واضح على تعامله مع الخارجين عن القانون والذين يريدون اضعاف وايقاف العملية السياسية الجديدة في العراق ، بمستوى ردع واحد ، مهما كانت انتماءاتهم الطائفية او الحزبية .
كذلك فان مايحسب للمالكي ، دون ان نبخس حق اخرين عملوا في ادارته ، نجاحه الكبير في انتزاع انتصارات لصالح العراقيين ومستقبلهم ، خلال ترؤسه الجانب التفاوضي مع الولايات المتحدة الاميركية خلال الاتفاق على المعاهدة الستراتيجية التي اثمرت عن انسحاب الجيش الاميركي من العراق ، وهو انسحاب تاريخي مشرّف للجانب العراقي ستذكره الاجيال اللاحقة بكل فخر واعتزاز .
فلم يسبق في تاريخ اي اتفاق ان تخرج قوات محتلة ، دون ان تخلّف ورائها قواعد عسكرية تمكنها من ادارة مصالحها بوسائل ضغط عسكرية ، فلم يتبق ضمن اطار هذه الاتفاقية اي جندي اميركي على الارض العراقية . وتم تسليم المعسكرات والقواعد التي كان يعمل فيها الجيش الامريكي الى القوات الامنية العراقية بالكامل .
اضافة الى ذلك ، فقد استطاع رئيس الوزراء نوري المالكي وعبر مواقفه وتعاملاته مع القوى السياسية الاخرى الفاعلة في العراق ، ان يبني ويؤسس لمنظومة سياسية فاعلة اساسها اشراك جميع القوى في صنع وصياغة القرار السياسي من خلال ممثليها في البرلمان المنتخب . وهو بهذا قد ادرك مبكرا ان البرلمان هو الانعكاس الحقيقي لارادة الشعب ، وخياراته في صنع وتشريع قراراته ، بما ينسجم مع التطلعات التي يريدها ابناء هذا الشعب ، ضمن اطار الديمقراطية الحديثة في العراق . ورغم محاولات التسقيط السياسي التي مازالت تمارسها بعض القوى السياسية مدعومة باجندات اقليمية وخارجية ، ضد التوجهات الوطنية للمالكي ، الا انه استطاع بجهده المثابر وذكائه الثاقب ، ان يبني جسور تواصل قوية مع الشعب ، تحول دون ان تتأثر هذه العلاقة بما يحيكه الاخرون من مؤامرات لاتستهدف المالكي وحده بقدر ماتستهدف تطلعات هذا الشعب الذي عانى طويلا من الفقر والظلم والاستبداد .
وخلال الفترة القصيرة من عمر رئاسته للحكومة العراقية ، تمكن المالكي وفي سباق مع الزمن ، من بناء علاقات قوية ومتينة مع محيطه الاقليمي ، ومع دول كان النظام السابق قد حرم الشعب العراقي من الاستفادة من امكاناتها وخبراتها الاقتصادية ، عبر سياسات الحروب النزقة ، والاهواء الفارغة ، التي اوصلت البلاد والعباد الى عزلة دولية خانقة ، كان المواطن العراقي فيها غير مرحب به في اغلب دول العالم سواء العربية منها او الاقليمية او الغربية .
فقد انفتح العراق على العالم باتفاقات وشراكات ستراتيجية واقتصادية ، مبنية على الاحترام المتبادل ، وبما يضمن المصالح المشتركة لجميع الاطراف ، وبما يعيد للعراق مكانته الدولية والاقليمية التي يستحقها عمقه التاريخي والحضاري المؤثر .
واذا كان لنا ان نتذكر الايام الاولى التي استلم فيها المالكي قيادة الحكومة العراقية فاننا لا يمكن ان ننسى محاولات المقاطعة التي مارستها اطراف عربية واقليمية ودولية لحكومته ، في محاولة منها لثنيه عن اداء مهماته التي اوكلها له الشعب بانتخابه رئيسا للوزراء ، فاننا يمكن ان ننظر اليوم الى واقع علاقات هذه الدول مع المالكي نفسه ، وسعيها الى توطيد وترسيخ اواصر هذه العلاقة ، ادراكا منها بقدرة هذا الرجل على ادارة الازمات بحنكة سياسية لم تجدها في سواه من القادة السياسيين العراقيين .
واذا كنا ندرك ان سياسة الولايات المتحدة الاميركية انما تدعم وتقف الى جانب الاقوياء والمؤثرين في الساحة السياسية ، فليس من الصعب علينا تفهم الدعم الكبير الذي يلقاه المالكي من لدن الادارة الاميركية ، ولو انها وجدت القوة والتأثير في رجل اخر لحادت عن دعمه والوقوف الى جانبه .
ان اميركا بتقديمها الدعم والمساندة لحكومة المالكي انما هي مدركة تماما لحجم التأثير الذي يشكله ، والمساندة التي يلقاها من قاعدته الشعبية العراقية العريضة ، وعلى السياسيين والقوى الاخرى في الساحة العراقية ان تدرك هذه الحقيقة وتتعامل معها ، والا فان رصيدها من التأييد الشعبي يمكن ان ينحسر ويتلاشى نتيجة عدم تفهمها لارادة الشعب العراقي .
ان قراءة معمقة وناضجة لواقع العراق اليوم ، وما يمكن ان يؤول اليه مستقبله السياسي ، تجد في رئيس الوزراء نوري المالكي الاصلح والانسب والافضل في التصدي لهذا الواقع ، مثلما انه الاصلح والانسب والافضل للمستقبل الذي يطمح اليه العراقيون . وعلى من يريد او يدّعي الحرص على امن وامان ورخاء ونماء العراق ان يضع يده بيد المالكي ، وان يسير معه بنفس الاتجاه بما يحقق هذه الاهداف النبيلة ، لا ان يستمر في القاء العصي في عجلة العراقيين التي يقودها هذا الرجل والذي نراه يسابق الزمن من اجل تحقيق تلك الاهداف .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat