(ماذا نريد من مجالس الزهراء فاطمة ؟!!
د . الشيخ عماد الكاظمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . الشيخ عماد الكاظمي

يا قومي أرجوكم ﭐسمعوني (دقيقتان).. ✍️
يمرُّ المجتمع –اليوم- بانحرافٍ خطيرٍ جدًّا ولأسباب متعددة، وفي مجالاتٍ مختلفةٍ، وقد جمعَ اللهُ لنا الناسَ في مثلِ هذه المناسباتِ العظيمةِ في رحاب أهل البيت (عليهم السلام) الذين هم رحمة للعالمين، فمثلًا سادتي الأفاضل الكرام إنَّ نسبة الطلاق في العراق لشهر (12 سنة 2018م أي قبل شهر) في (بغداد/ الكرخ 45%)، وفي (بغداد الرصافة 40%) أو العكس، وفي (عموم العراق 25%) وهذا في المحاكم الرسمية فقط .. يعني معدل نصف الذين يتزوجون يطلِّقون في بغداد، وربعهم في العراق، وهذا يؤدي إلى هدم الحياة الزوجية بين الشابَّيْنِ المِسْكينَيْنِ، وما يترتب عليه من علاقات الأسرة، والعوائل، والأرحام إنْ كانوا أقارب، والأطفال، (والأطفال يعني مجتمع مستقبلي مهدد)، وكيف سيُعالج ويُشبع هذان المتزوجان حديثًا بعد الطلاق الحاجة الزوجية التي كانوا فيها وسط هذا العالَمِ المفتوح المهتوك الفاضح، حيث ما تحتاجه من لذة محرمة هي حاضرة بين يديك وفي الغُرُفات -آسف-.. إلخ
* فأظن أنَّ الزهراء (صلوات الله عليها) لا تحتاج اليوم (فَدَكًا) لنبقى أيامًا نتحدث عن أصل عطاء أبيها إليها ومشروعيته، وعن حدودها، وعن أرباحها، وعن إرجاع عمر بن عبد العزيز لها، وعن .. وعن ..
* وأظن أنَّها لا تحتاج بيان كيف أنَّ الزنيم (حرق بابها)، وأسقط مُحسنها، وهدد كيانها، لنثبت ظلمه لها ووجوب لعنه و..و..
* وأظن أنَّها لا تحتاج حفظ (خِطْبَتَيْها) وعرضها على الأسماع ليتلذذوا ببلاغتها، ومعانيها، وسياقات جُمَلِها، وما فيها من أسلوبية وبيان وبديع و..و..
* وأظنَّ أنَّها لا تريد بيان حزنها (بفراق أبيها)، وسروها بلحاقه، ودهشة عائشة من سرورها يوم أسرَّ لها ذلك أبوها و.. و..
* وأظنَّ أنها لا تريد البكاء على (ولدها الحسين) على رغم عِظَمِ مصابه فنردد لحن (أَفَاطِمُ لو خِلْتِ الحسينَ مُجَدَّلًا ..) و.. و.. وغيره مما سمعناه وحفظناه وتعاهدناه جيلًا بعد جيل، وآنًا بعد آن (ويجب علينا أنْ نحفظه ونتعاهده ولكن..) ..
ومتيقنٌ أنَّها صلوات الله عليها لا تريد أنْ تبقى فاطمة التأريخ الإسلامي، بل تريد أنْ تكون فاطمة التأريخ الإنساني كله، بماضيه وحاضره ومستقبله؛ لأنَّها سيدة نساء العالمين فَيَرَاها الناسُ كُلُّهُم .. إنَّها تريد أنْ تكون رحمة للإنسانية كُلِّها؛ لأنَّها روح وجسد وبضعة مَنْ قال الله فيه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ﴾ .. إنَّها تريد أنْ يسمع أنينَها الناسُ كُلُّهُم لأنَّها زوجُ مَنْ يبكي بأنينٍ ويقول: ((كادَ الفقرُ أنْ يكونَ كفرًا)) .. إنَّها تريد .. إنَّها تريد ..!!
ولنعود سادتي إلى مشكلة (عراق فاطمة) التي عرضتها قبل سطور (الطلاق) وتهديم تلك الأسر، فكم تعتقدون نسبة تلك العوائل في بغداد هم من شيعة فاطمة؟! وكم هي نسبتهم في العراق؟! أظنُّها الغالب، إنْ لم يكن الأغلب.
سادتي .. إنْ تركنا عرضَ فاطمة قليلًا كما تقدم، وعرضناها بما يأتي -كما أراه قاصرًا- فسنجعلها فاطمة التأريخ والعقيدة والإنسانية كُلِّها، ولو في جزء من الوقت أو المكان، حتى يتحقق الكُلَّ بجهد وجهود الجميع.
فَلْنَعرض للإنسانيةِ كُلِّها، وخصوصًا المسلمين، وبالأخص الشيعة منهم فاطمة:
1- (البنت الصالحة) التي عاشت بين أحضان أبيها وأمها (الوالدان) فتعلمت منهما التربية، والأخلاق، والبر، والكلمة الطيبة، والطاعة، والعبادة لله تعالى، فكانت تراهما كالشمس في النهار، وكالقمر في الليل، فلا ينقطعا عن عطائهما لها، ولا تنقطع عن الاستمداد منهما، فلم تعترض عليهما يومًا، ولم يُجْبِراها على خُلُقٍ وطاعة ساعةً، فكانت نِعْم البنت التي يضرب بها المثل بين الأبناء ..
2- (الزوجة الصالحة) التي تعرف معنى الزواج، والزوجية، والزوج، وحقوق هذه الرابطة الإلهية العظيمة، فكانت تعينه على حاجاته الجسدية والروحية، وتصبر معه على بلاء الدنيا وأذاها، وتشجعه على الحق، والخير، والبر، والعمل الصالح، والجهاد من أجل المبادىء والأخلاق والدين، وكانت ترى زوجها سيد رجال الدنيا، وحافظ كيانها، ومأواها، ومنتهاها، ورفيقها في بناء سعادة البشرية، فكانت نِعْم الزوجة التي يضرب بها المثل بين الزوجات، حتى صار لسان الدنيا والآخرة يقول (بيت علي وفاطمة) ..
عماد الكاظمي:
3- (الأم المربية) التي تعرف معنى الأبناء، وأثرهم، وخطرهم، ومستقبلهم، فَغَذَّتهم من روحها لا من لَبَنِها فقط، وعملت فَعَلَّمتهم الأخلاق لا تُلَقِّنَهم الألفلاظ فقط، وكانت مرآة صالحة للتربية، والمُربية، والأم المجاهدة ليلًا ونهارًا؛ ليراها أولادها صورة مشرقة في كُلِّ زوايا البيت، بل في كُلِّ خبايا الروح، فلا تفارقهم صورة الكلمة الطيبة ولحن صوتها، ولا تفارقهم صورة العابدة بين يدي ربِّها وأنين دعائها، ولا تفارقهم كلماتها: ولدي . ﭐبنتي .. أولادي أريدكم أنْ تكونوا مثل أبيكم في الأخلاق، والتربية، والعلم، والعمل، والعبادة، ومساعدة الآخرين، وبر الوالدين، وحسن الجوار، وصلة الرحم، وﭐحترام كُلِّ الناس، فتزرع في نفوسهم بذرة حب هذه المُثُل والقدوة الصالحة إليها؛ لتبقى هذه الكلمات والأفعال التي يرونَها ليلًا ونهارًا نورًا يضيء لهم الدرب في ظلمات لهو ولذات وشهوات هذه الحياة، لتبقى الأمُّ مثالَ التربية في البيت الذي سيبني الأسرة، فالمجتمع، (فالأم مدرسة إنْ أعددتها أعددت شعبًا ...) فكانت نِعْم الأم التي يضرب بها المثل بين الأمهات ..
فهذه هي (فاطمة) التي يجب أنْ نعرَّفَ الناس بها في عصر الظلمات والجهل والشهوات، حتى أصبحت أمَّ أبيها، فأبوها الإسلام والإنسانية والرحمة، فهي أم ذلك كُلِّهِ، وغَدَا بيتها الذي يفخر به الله ليكون البيت الذي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا.
وهل المجتمع إلا (الأولاد، والآباء، والأزواج) فعلينا أنْ نبيِّن لهم ما تقدم من فاطمة في مثل هذه المناسبات وغيرها؛ لتكون فاطمة هي التي تتحسس آلامهم وآمالهم، وتبكي عليهم عندما يصيب المجتمع مثل هذه الأمراض الفتاكة التي تمزق أشلاءه الآن، وفي المستقبل، عن طريق مثل تلك الحالات السيئة (الطلاق مثلًا)، أرجوكم فلنجعل (الزهراء) تزهر علينا في جوانب حياتنا العقائدية والأخلاقية والقدوة الحاضرة، وليست فاطمة التأريخية فقال البخاري وقال مسلم والطبري وﭐبن الأثير ..
في الختام ..
أرجوكم لا تقولوا هذا شيوعيٌّ، أو علمانيٌّ، أو متصهينٌ، يريد أنْ يجعل السمَّ في العسل، فيذكر الأخلاق والمبادى؛ لِيُبعد الناس عن الدين!!
أرجوكم لا تقولوا هذا من المتأثِّرين بالغرب، أو دعاة الوحدة من العامة؛ لنترك بيان تلك المظالم التي كانت على الزهراء (عليها السلام)!!
أرجوكم لا تقولوا هذا من المتأثِّرين بفلاسفة الغرب والغربيين؛ فيريد أنْ نترك التأريخ لنصلَ إلى حالٍ فننكر الثوابت التأريخية!!
أرجوكم لا تقولوا .. وتقولوا .. فلعلها بصيصُ نورٍ في عصرِ ظلماتِ الجهل والطغيان والعمى الذي أوصل المجتمع إلى هذه الحال .. ولكم منِّي دعاء وسلام.
سيدتي فاطمة هكذا قد عرفتُكِ بمعرفتي القاصرة التي هي من ألطافكم، فَعَرَّفْتُ الدنيا بِكِ فاعذريني إنْ قَصُرَتْ بِكِ معرفتي، فيقيني بأنَّها قاصرة، بل وستبقى قاصرة، ولكنَّها على قدرها فهي غيرُ مُقَصِّرة، فأنتِ اُمُّ أبيها .. اللهم هذا مقالي وحالي في رحاب فاطمة .. اللهم ﭐشهد فأنت تعلم السر وأخفى. ☘️
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat