صراع الارهاب وحرب التصفيات ما بين النصرة واخواتها.. هل ستشتبك تركيا مع النصرة؟

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لم تستطع برودة الجو ان تخفف حدة حرب الانهاء وصراع الاستخبارات التي سجلت في ارياف حلب إدلب بين عناصر ومجموعات ارهابية مسلحة، حرب اتسعت جغرافيتها لتشمل مناطق واسعة كانت تعتبر معبرا ومقرا لاخوة الارهاب في “جبهة النصرة” وحركة “نور الدين زنكي” ومن بعدهم ما يسمى بمجموعات “الجيش الوطني”.

هم انفسهم الارهابيون شحذوا سكاكينهم لتهشيم ورمهم السرطاني في ريف حلب الغربي، وانتقلوا الى ريف ادلب، حيث بدأت المعارك بين الطرفين في 1/1/2019 بسبب قيام الزنكي بقتل 5 مسلحين من النصرة بالقرب من جبل الشيخ بركات في اواخر الشهر 12 من العام 2018، لتدخل “جبهة النصرة” التي تقاتل تحت مسمى ” هيئة تحرير الشام” الى دارة عزة، جبل الشيخ بركات، الهباطة، كفرنتين، كفربسين، خان العسل، بلنتا، مكلبيس، قيلة، سنخار، قيلون، عنجارة، بابيص، معارة الارتيق، عرب فطوم، قبتان الجبل، وتمدتت المعارك إلى بلدات عدة في جبل الزاوية، وأطراف مدينة سراقب في ريف ادلب، بعد إعلان ما يسمى بـ”الجبهة الوطنية” النفير العام، وبذلك تكون “جبهة النصرة” قد فصلت مناطق سيطرة وهم درع الفرات وغصن الزيتون التابعين لتركيا، ترافق ذلك مع انباء عن هرب توفيق شهاب الدين قائد ما يسمى بحركة نور الدين زنكي الى تركيا، بعد اقتحام “جبهة النصرة” لمقره، في الوقت الذي تتابع النصرة تثبيت سيطرتها في مناطق ريف حلب الغربي لما له من اهمية في الاطلالة على ارياف ادلب وحماة وصولا الى عفرين حتى معبر باب الهوى الذي يصل الى لواء اسكندرون ، مع فرض طوق كامل على حلب من الجهة الغربية يكون كله تابع لـ”جبهة النصرة”.

تحت سقف هذه التطورات الميدانية، تكمن اهداف كثيرة وراء هذا الصراع، منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو ميداني وجميع تلك الاهداف تحركها اذرع استخبارات واضحة المعالم، فخلف التلة يكمن الخبر، فبعدما استطاعت الدولة السورية عبر استراتيجية حصر الارهابيين في منطقة ادلب، حصرت معهم سبل التمويل والدعم، واصبحت تلك المجموعات تقاتل تحت اسباب عدة ومنها الحصول على مصادر التمويل، ومن اهم مصادر التمويل في تلك المنطقة هي المعابر، التي تدر على المجموعات المسلحة الارهابية الاموال التي تساعدها في الاستمرار.

من هنا جاء السبب الاقتصادي وراء اختيار “جبهة النصرة” بلدة دارة عزة وتلة الشيخ بركات، لتفتتح فيها موسم المعارك مع اخوة الارهاب في الزنكي، كون هذه المنقطة مرتفعة وتشرف بشكل مباشر على الحدود التركية، حيث يبلغ ارتفاع تل الشيخ بركات حوالي الالف متر عن سطح البحر، وعبر التحكم بهذه المدينة، تستطيع جبهة النصرة فرض الاتاوات والرسوم على الحركة التجارية القادمة من الحدود التركية، وبالذات الوقود، اضف الى ذلك ان تلك المنطقة سيكون لها دور اقتصادي بعد قيام الاتراك بفتح معبر من منطقة جنديرس غرب حلب، ليكون مساعدا لمعبر باب الهوى، وسيخصص لنقل المواد الغذائية وسواها، وهذا يفسر ايضا الهجوم على منطقة ريف ادلب ومحاولة السيطرة الممرات الواقعة في منطقة طريق دمشق حلب الدولي، ومحاولة الوصول الى معرة النعمان.

في المقلب الاخر من غبار المعارك، يبدو واضحا ان الجماعات المسلحة، بدأت تتحسس الخطر القادم من كل اتجاه، بعد انهاء الجيش السوري الحشودات عليها، وهي تسعى بشكل واضح الى تنفيذ اجندة اجهزة المخابرات التي تديرها، ومن هنا كانت المعارك ردا على رفض بعض الفصائل لدعوة المخابرات التركية لهم بالتوحد الكلي وتحت مسمى واحد لتقديمهم للمجتمع الدولي ككتلة واحدة، وليس فصائل متفقة على اسم ما، ومن هذه الفصائل كان رد “جبهة النصرة” بالرفض، ولم يرق رد جماعة “نور الدين زنكي” للاتراك، فبدأت العملية التي تديرها اجهزة مخابرات لاستئصال تلك المجموعات، وتقوم الخطة على انهاء تواجد المسلحين الاجانب عبر قتلهم بمعارك داخلية، وانهاء زعامة بعض الفصائل عبر معارك مع “جبهة النصرة” العدو التقليدي لهم، ومنهم حركة “نور الدين زنكي”، ومن ثم كان لا بد من الوصول في نهاية المطاف الى مجموعات مسلحة لا تحمل الفكر التكفيري في تلك المنطقة، والتقدم باتجاه الحل النهائي لادلب وريفها، وهذا ما يفسر تصريحات الارهابي قائد ما يسمى بحركة “احرار الشام” المدعو جابر علي باشا، حول قتال “جبهة النصرة” في تلك المنطقة، وبالذات بعد اعلان “جبهة النصرة” مشاركة ما تسمى بـ”فرقة العصائب الحمراء” في القتال الدائر في ريف حلب الغربي، وهذه الفرقة مكونة من المقاتلين الاجانب، اي ان وقود هذه الحرب هم من جنسيات غير سورية.

ولا يمكن ان نغفل عن الحراك السياسي الدائر حول تلك المنطقة واثره الواضح في المعارك، بالذات بعد ابلاغ الروسي للتركي ان هناك مدة زمنية محددة امام حسم ملف ادلب، ان لم تلتزم تركيا ستكون هناك عملية عسكرية واسعة في المنطقة، وكلما تأخر الجانب التركي في الإلتزام بمخرجات أستانا، كلما خرجت الأمور عن سيطرته وكلما زادت خساراته في تطبيق اجندته المرتبطة بالتخفيف مما يسميه بالخطر الكردي، وبما أن فقد المبادرة في منطقة منبج ويحاول أن يعتبر نفسه كورقة مؤثرة ومرتبطة بالحل في سوريا وشمالها تحديداً كان هذا الصراع الميداني في ارياف ادلب وحلب.

بالمحصلة، دخول الجيش السوري إلى إدلب سيكون أسرع مما نتصور، ولن تكون كما يتصور من يدعمون المجموعات المسلحة، حيث يوجد الزام من قبل مخرجات أستانا بضرورة قيام بعض المجموعات المسلحة بالتصدي لـ”النصرة” وغيرها من الجماعات الإرهابية، ونحن نؤكد أن كل من يحمل السلاح ضد الدولة السورية هم إرهابيون، والجانب التركي لم يعد بامكانه ان يماطل، والقيادة السورية تأخذ موضوع ادلب كأولوية، وهناك عدد كبير من المسلحين أرسلوا رسائل واضحة كما حصل في بعض المناطق، سيرمون السلاح وسيتمكن الجيش من الدخول الى العديد من المناطق في الشمال السوري، إضافة للوضع الإجتماعي الصعب الذي يعاني منه أهالي إدلب خصوصاً بسبب السلوكيات المشينة لبعض المسلحين من الجنسيات العربية.

هل ستشتبك تركيا مع النصرة؟

بعد مرور عدة ايام من المعارك الضارية بين “هيئة تحرير الشام- النصرة” وجماعة “نور الدين الزنكي” في غرب حلب سقطت هذه الجماعة تماما وفر ما تبقى من مسلحيها الى منطقة عفرين في شمال سورية والتي تقبع تحت سيطرة تركيا.

التحليل:

– على اثر سقوط جماعة الزنكي وقعت سيطرة منطقة غرب حلب الاستراتيجية، التي تعد همزة الوصل بين المحاور الاستراتيجية السورية وتربط بعضها البعض، وقعت هذه المنطقة في يد تنظيم “جبهة النصرة”، وهذا يعني ان اشهر تنظيم ارهابي في سوريا الذي كانت الظروف متاحة للهجوم عليه وتدميره في اي لحظة، تزداد قوته الان يوما بعد يوم، فيما لم تنجح تركيا في مهمتها التي كان يجب بناء على اتفاق سوتشي ان تسيطر على هذا التنظيم والتنظيمات الاخرى.

– يذكر انه مع ايجاد معابر تم تهريب ما تبقى من مسلحي جماعة الزنكي الى عفرين القابعة تحت السيطرة التركية، وبالطبع مازال الغموض يحوط بمصير قيادات هذه الجماعة. وبينما يتداول البعض اخبار مقتل هؤلاء، يتحدث البعض الاخر عن تهريبهم الى تركيا، لكن بغض النظر عن حياة او مصرع هذه القيادات، يبدو ان تركيا مازالت مصرة على حفظ ما تبقى من هذا التنظيم الارهابي وليست لديها ارادة قاطعة لمواجهة النصرة. ويعتقد بعض المحللين ان تركيا ليست ممانعة ان تبقى التنظيمات الارهابية داخل سوريا حتى تصارع الاكراد في الشمال السوري او بعبارة اخرى ان تحتفظ بهم لوقت الحاجة على اساس ان احتمال وقوع مواجهة بين الاتراك مع النصرة مستبعدة.

– في الميدان السوري ترغب تركيا ان تقضي على الاكراد او على الاقل ان تبعدهم عن حدودها الى مسافة كبيرة ومن هنا يظهر مدى الاستغلال التركي لهذه الجماعات المسلحة، وفي المقابل يرغب الاكراد ان يبقوا في امان من شر الاتراك ولذلك شكلت هيئة من اجل استمالة الروس للتوسط بينها و بين الحكومة السورية. وبالرغم ان امريكا اعلنت انسحاب قواتها عن سوريا منذ اسبوعين ولكنها تؤجل هذه الخطوة بحجج مختلفة. وفي هذه الاثناء ترى الدولة السورية وحلفاؤها (روسيا وايران) انه يجب المحفاظة على وحدة الاراضي السورية واعادة الاكراد الى احضان الوطن واعادة الوحش الارهابي وعلى راسهم النصرة الى الفانوس السحري ولايجب ان يجد منفذا للخروج من هذا الفانوس مرة اخرى. الحقيقة انه ليس من المستبعد انه بمجرد ان تجد النصرة والتنظيمات الارهابية الاخرى فرصة لعرض عضلاتهم ان يفرضوا سيطرتهم مرة اخرى على الاراضي السورية وان يجدوا لهم مبررا ويتشبهوا بطالبان افغانستان، التي تقول بما انها تسيطر على جزء من الاراضي الافغانية فيجب ان تشارك في اي مفاوضات تتعلق بمصير هذا البلد.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/01/06



كتابة تعليق لموضوع : صراع الارهاب وحرب التصفيات ما بين النصرة واخواتها.. هل ستشتبك تركيا مع النصرة؟
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net