اعتقالات البصرة .. محاولة لايقاف الاحتجاجات ام اجراء لمحاسبة المخربين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

تجددت المظاهرات الاحتجاجية في محافظة البصرة جنوب العراق للضغط على الحكومة باتجاه حل الازمات الاقتصادية و تطوير البنية التحتية للمحافظة بعد حوالي اسبوع من انقطاعها اثر اعمال شغب تخللتها مما جدد الضغط على الحكومتين المحلية و الاتحادية اللتين لم تجدى حلولا لمشاكل المحافظة رغم مضي ثلاث اشهر على انطلاقة التظاهرات. و يبدو ان السلطات العراقية قد تلجأ لشن حملة اعتقالات ضد ناشطين و منظمين للمظاهرات في محاولة لايقافها ، اذ اقدمت قوة امنية في محافظة البصرة على اعتقال الناشط المدني وليد الانصاري احد الشخوص البارزة في الحركة الاحتجاجية التي تشهدها المدينة. اذ يقول علي المهنا و هو احد ابرز الناشطين المؤيدين لحركة الاحتجاجات الشعبية الجارية في البصرة منذ شهرين ان الانصاري اعتقل من منزلة في الساعة الثالثة فجر الاحد و انه من المشاركين في مخيم الاعتصام الذي يقام في حديقة ميدان عبد الكريم قاسم وسط المدينة و رغم مشاركته في التظاهرات التي شهدت اعمال شغب غير انه من اكثر المشاركين سلميتا و ليس له ارتباطات باي جهة سياسية" و يضيف المهنا " ان الانصاري من المتطوعين في مجال مساعدة جرحى التظاهرات" ، فيما يقول شقيقه ان قوة من عدة مركبات رباعية الدفع و مسلحين ملثمين وصلوا الى منزلهم الساعة الثالثة فجرا مدعين انهم ينتمون الى جهاز الاستخبارات و اعتقلوا شقيقه بدون اي مذكرة القاء قبض و بدون معرفة مكان اعتقاله و عند سؤالهم عن التهمة اجيبوا انه مطلوب "لمشاركته في المظاهرات". و في ذات الوقت كشفت مفوضية حقوق الإنسان العراقية عن اعتقال 31 متظاهرا في البصرة من قبل القوات الأمنية والمليشيات، مبينة أنّ المعتقلين مجهولو المصير، ولا أحد يعلم أماكن احتجازهم، بينما دعى قادة التظاهرات إلى توفير الحماية لهم من هذه الانتهاكات. وجائت الاعتقالات التي نفذتها قوات "سوات" ووحدات من الاستخبارات الداخلية للبصرة، في مناطق مختلفة من المحافظة؛ أبرزها: الزبير وأبو الخصيب والمعقل وشط العرب، بالتزامن مع تأكيدات لناشطين على استمرار التظاهرات التي عادت الى منطقة العشار وسط مدينة البصرة بعد لليوم السادس على التوالي بعد انقطاعها لعدة ايام اثر اعمال شغب تمثلت باحراق مبنى ديوان محافظة البصرة و العديد من مقرات الاحزاب السياسية و الفصائل الشيعية الرئيسة في المدينة. من جانبه، قال علي جمعة السليطي أحد وجهاء البصرة، يوم الأربعاء الماضي، إنّ "هناك انتقائية في تلك العمليات وعشوائية واضحة، إذ يتم الاعتقال على الشبهة"، لافتاً إلى أنّ الاعتقالات بشكل عام "استهدفت رموز التظاهرات في كل منطقة لا المتورطين بأعمال الحرق"، محذراً من أنّ عمليات الاعتقال تلك "قد تؤجج الوضع في البصرة مجدداً، خاصة وأنّ من بين المعتقلين أبناء قبائل كبيرة في البصرة". اما قائد الشرطة الجديد في محافظة البصرة الفريق رشيد فليح فقد توعد "المخربين ومن يضر بالممتلكات العامة" في المحافظة بانهم سيكونون “تحت اقدام” القطعات الامنية التي اعادت انتشارها في البصرة وقال فليح في تصريح متلفز "إن المتظاهر السلمي سيكون مفخرة للقوان الامنية التي ستحميه لكنه اذا تحول الى التخريب فإنه سيتحول الى مجرم جنائي وان القوات الامنية ستدافع عن المنشآت بكل السبل القانونية". وتبنت خلية الصقور الاستخبارية التابعة لوزارة الداخلية "بعضا" من عمليات الاعتقال اذ كشفت في بيان عن اعقال ما اسمتهم "افراد خلية تخريبية احرقت مبان حكومية" فيما افرجت عن ثلاثة عشر معتقلا اخرين و وفقا لكاظم السهلاني مدير معهد نيسان للوعي الديمقراطي الذي اشرف على عملية الاقراج عن المعتقلين الثلاثة عشر فإن المعتقلين لدى خلية الصقور لم يتعرضوا لاي عمليات تعذيب على عكس المعتقلين لدى قيادة عمليات البصرة. في ذات الوقت اعلنت هيئة الحشد الشعبي في البصرة عن انشاء قوة من المتطوعين على غرار الباسيج الايراني لحفظ امن البصرة ردا على التخريب الذي تعرض له مكتب مديرية التعبئة التابعة للحشد الشعبي و الذي يحتل موقعا في احد قصور صدام على ضفاف شط العرب و ان هذه القوة ستكون بتعداد عشرة الوية توزع على مناطق البصرة المختلفة و باشراف من مديرية التعبئة ذاتها. وعاد المتظاهرون يوم الثلاثاء الماضي لاغلاق الطرق المؤدية للحقول النفطية في منطقتي القرنة و بني منصور وسط مخاوف حول مصير عشرات المعتقلين يكتنف الغموض مصير بعضهم و اتهامات لقائد عمليات البصرة جميل الشمري باعطاء اوامر باستخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين ، دعم ذلك ما نشرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي أكدت في تقرير لها، في يوليو/تموز الماضي، أنّ القوات العراقية "استخدمت القوة القاتلة والمفرطة إلى حد كبير" ضد المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بالخدمات والوظائف والماء والكهرباء، ودعت القوات العراقية، إلى تنفيذ القانون وفقاً لمبادئ الأمم المتحدة الأساسية، بشأن استخدام القوة والأسلحة النارية. و هذا ايضا ما اكده النائب في البرلمان العراقي عن محافظة البصرة رامي السكيني الذي قال" شباب البصرة يتم اعتقالهم بطريقة بربرية وبدون مذكرة قضائية ويتعرضون لايام طويلة لعمليات تعذيب وحشية من قبل جهة مجهولة! و مهما تكن دوافع الاعتقالات و ضروفها فإن البصرة المدينة الجنوبية الثرية التي تسهم بالجزء الاكبر من الموازنة العراقية الاتحادية تعاني من مشاكل جمة منها ما يتعلق بالبطالة و منح فرص العمل المحلية لابناء المحافظات الاخرى و المشاكل البيئية التي تصاحب تلوث المياه و التلوث المصاحب لانتاج النفط ما اثر على الزراعة و السكان و جعل مشكلات المدينة مركبة. فيبدوا بالمحصلة ان الحكومة المحلية في البصرة فضلا عن الحكومة العراقية المركزية في بغداد تعانيان من ضغط كبير تسببه تظاهرات البصرة و ان المسؤولين العراقيين يدركون أن الطرق المتاحة لتهدئة الشارع صارت اقل من ذي قبل فيتسائل مراقبون ان كان المسؤولين الحكوميين قد استخدموا القوات الامنية فعلا كأداة لايقاف حركة التظاهرات.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat