صفحة الكاتب : نزار حيدر

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٧)
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

   أَوليس شعارُنا الذي نتغنَّى بهِ ليلَ نهارٍ هو [حبُّ الحُسينِ يوحِّدُنا]؟! فلماذا نَحْنُ متفرِّقونَ طرائقَ قِدداً يُحاربُ بَعضُنَا بعضاً ويسقِّط بَعضُنَا بعضاً ويدمِّرُ بَعضُنَا بعضاً؟!.
   لماذا نَحْنُ أَقربُ إِلى مفهومِ الآية {بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ} من قولهِ تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ۚ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ۖ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖ سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ۚ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ ۗ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} وأَبعد ما نكونُ عن قولِ الله تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}؟!.
   عندما نظنُّ أَنَّ عاشوراء توحِّدنا بالشِّعارات الخاوية والكلامِ الفارغ وبلقلقةِ اللِّسان! وليسَ بالوعي الرِّسالي والسُّلوك القويم والنَّجاحات والإِنجازات والعمل الصَّالح والنَّوايا الصَّادقة! عند ذاك لا توحِّدنا بل تقرِّقنا وتمزِّقنا تمزيقاً! فالحُسينُ الشَّهيدُ سلوكٌ ونهجٌ والتزامٌ وليسَ شعارات ووهم!.
   كلُّ شَيْءٍ في واقعِنا متفرِّق؛
   علماؤُنا وحركاتُنا السياسيَّة وعشائرُنا وحُسينياتُّنا ومُدنُنا وكلُّ شَيْءٍ! فأَين الشِّعارُ [حبُّ الحُسين يوحِّدنا] من هذا الواقعِ؟!.
   ذاتَ مرَّةٍ مررتُ في العاصمةِ بغداد على مزبلةٍ كبيرةٍ على قارعةِ إِحدى الطُّرق الرئيسيَّة وقد علَّقت فوقها مُباشرةً أَحد الأَحزاب الدينيَّة [التي كانت إِسلاميَّة] لافتةً عريضةً وكبيرةً جدّاً تقولُ [الحُسينُ (ع) مشروعنا]!.
   كان يقفُ عِنْدَ المزبلةِ وتحت اللَّافتة شخصٌ يبدو أَنَّهُ من المُنتَمين لحزبِ [اللَّافتة] فقلتُ لَهُ؛
   إِمَّا أَن تُزيلَ المزبلةِ من تحتِ اللَّافتة أَو أَن تُزيلَ اللَّافتة من فوقِ الزِّبالةِ! فالنَّقيضانِ لا يجتمعانِ!.
   وهكذا هِيَ حياتنا الْيَوْم! كلُّ شَيْءٍ فيها على العكسِ من رسالةِ عاشوراء! فأَين الخللُ؟!.
   لا يختلفُ إِثنان على أَنَّ الخللَ في العقليَّةِ وفِي الفِهم والوعي! فعاشوراء التي تمتلك من القُدرةِ الروحيَّةِ والطَّاقةِ المعنويَّة ما يمكنُ أَن تُغيِّر أَمَمٌ وشعوبٌ وواقعٌ لا تعجز عن تغييرِنا خاصَّةً وأَنَّنا ندَّعي إِنتمائِنا وولائِنا لها! فلماذا لم تغيِّرنا إِذن؟!.
   نَحْنُ بحاجةٍ إِلى ثورةٍ ونهضةٍ ثقافيَّةٍ وفكريَّةٍ ومعرفيَّةٍ حقيقيَّةٍ تغيِّر العقليَّة أَوَّلاً لتغيِّر طريقة تفكيرِنا وتعاملِنا مع الواقع وكذلك طريقة فهمِنا للأُمور! وفِي غيرِ هَذِهِ الحالة فسوفَ لن تغيِّرنا عاشوراء أَبداً لأَنَّها ليست بديلاً عنَّا وإِنَّما هِيَ مدرسةٌ لنا! والله تعالى يَقُولُ {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
   وأَنَّ أَوَّل شروط نجاح الثَّورة الثقافيَّة هو أَن نفكِّرَ بصوتٍ عالٍ وبكلِّ صراحةٍ فلا نجاملَ أَبداً ولا نمسحَ ذقونِ بَعضِنا أَو نُطبطِبَ على ظهورِ بعضِنا على حسابِ الحقيقةِ!.
   يَجِبُ أَن لا نُشرنِقَ أَنفسنا بالخطوطِ الحُمرِ التي كثُرت جدّاً هذه الأَيَّام! حتَّى لم يعُد بإِمكانِ أَحدِنا أَن يفكِّر في شَيْءٍ خشيةَ أَن يدوسَ على ذيلِ [عجلٍ سمينٍ] فيبلي ويبتلي!.
 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/09/16



كتابة تعليق لموضوع : عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٧)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net