عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الخامِسَةُ (٥)
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر

هل نَحْنُ بحاجةٍ إِلى الخُرافات والخُزعبلات والمنامات لنشرِ رسالة عاشُوراء؟! فلماذا، إِذن، يفعل ذَلِكَ بعض خُطباء المِنبر الحُسيني؟! فَيَكُونُ ضررهُم أَكثر من نفعهِم وإِثمَهُم أَكبر ثوابهُم؟!.
إِنَّ مَن يلجأ إِلى ذَلِكَ ليحدثنا هو واحدٌ من ثلاثةٍ؛
*فإِمَّا أَنَّهُ لم يفهم شيئاً مِنها ولذلكَ هو يعجز عن الحديثِ عنها بشَكلٍ سليمٍ وعقلانيٍّ ومنطقيٍّ! فيعمد إِلى نقل الخُرافات والمنامات ليملأَ مِنبرهِ!.
**وإِمَّا أَنَّهُ مُغرِضٌ يتعمَّد الإِساءة إِلى عاشوراء بمثلِ هَذِهِ المنابر والذي يُهين بها عاشوراء ويُسطِّح بها المعرِفة ويستغفِل العقولِ ولا يُفيدُ في شيئٍ.
***أَو أَنَّهُ مُرتزقٌ يأكلُ بعاشوراء! همَّهُ أَن يملأَ جيبهُ من المِنبر من دونِ أَن يسأَلَ نَفْسَهُ؛ كيف؟!.
إِنَّ عاشوراء قِيمٌ راقيةٌ وأَهدافٌ نبيلةٌ وأَدواتٌ ووسائل طاهرةٌ لو أَنَّ أَعظم الخُطباء والفلاسِفة والعُلماء والمفكِّرين أَرادَ أَن يتحدَّث عن وَاحِدَةٍ منها بواقعيَّةٍ لاحتاجَ إِلى أَيَّامٍ وليالٍ ليوفِّيها حقَّها!.
أَمَّا إِذا أَردنا أَن نتحدَّثَ عن صفاتِ ومُميِّزاتِ شهيدٍ من شُهداء عاشوراء كالعبَّاسِ بن أَبي طالبٍ (ع) أَو القاسم بن الحَسن (ع) لنقدِّمهُم أُنموذجاً يُحتذى وقُدوةً تُلتزم وأُسوةً تُتَّبع فسنكُونُ بحاجةٍ إِلى زمنٍ لا ينتهي!.
للأَسف الشَّديد فلقد ابتُلينا جميعاً بالقصور والتَّقصير في تبليغ رسالةِ عاشوراء؛
*بالقُصور لأَنَّنا لم نقرأ عاشوراء إِلَّا عندما تحلُّ علينا الذِّكرى! في الوقت الذي يجب أَن نعيشَ عاشوراء بقيمِها وأَهدافِها وتضحياتِها دائماً وأَبداً.
أَلا ترَون معي كيف أَنَّ ما كتبهُ الأُدباء ودوَّنهُ الشُّعراء عن عاشوراء لا يضاهيه أَيَّ حَدثٍ آخر؟! فماذا يعني ذلك؟! أَلا يعني أَنَّهم عاشوا الرِّسالة كلَّ حياتهِم ولَم يقتصرُوا على الذِّكرى فحسب؟!.
**وبالتَّقصير لأَنَّنا عِشنا عاشوراء العَبرة وقلَّما نعيشها عِبرة!.
من جانبٍ، ومن جانبٍ آخر، نعيشها ذِكرى نملكها ولا نعيشها ذكرى تملكها الإِنسانيَّة كلَّها! ولذلك قصَّرنا في تبليغِها للآخر بعد أَن فهمناها بلغتِنا دون لُغة الآخر!.
عليهِ؛
أ/ يجب علينا، خاصَّة أَصحاب المنابِر والأَقلام، أَن نوسِّع من معارفِنا عن عاشوراء بالنَّقل والتَّحليل فلا نظلُّ نجترَّ المعلومات التي حفِظناها أَو تعلَّمناها قبل نصفِ قرنٍ مثلاً.
ب/ كما يجب أَن نُزيد من التفكُّر والتَّفكير في عاشوراء فلا نكُن مِثْلَ الملائِكة النقَّالة ننقُل للمتلقِّي ما نقرأَهُ في بُطُونِ الكُتب!.
لقد تطوَّر وعينا بالقرآن الكريم ليس بمُطالعةِ التَّفاسير فحسب وإِنَّما بالتدبُّر والتفكُّر ومساعي تجدُّد وتجديد إِستنباط كلَّ ما يمكنُ أَن يكونَ حلّاً لمعضلةٍ مُعاصرةٍ أَو رُؤيةٍ جديدةٍ ترسمُ معالم حاضرٍ ومُستقبلٍ!.
كَذَلِكَ عاشوراء، فرسالتها لا يمكنُ إِستيعابها بالقِراءة والمُطالعة واجترارِ المعلوماتِ فقط وإِنَّما بالتدبُّر والتفكُّر والبحث العلمي والمنطقي لنستنطقها رُؤيةً جديدةً!.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat