فضاء العراق لا يتسع إلا لعلم واحد
رياض البياتي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
رياض البياتي

كنا صغارا نحتضن قراءتنا الخلدونية و نركض الي المدرسة لكي لا نتأخر عن جرس البداية وكان يوم الخميس هو اليوم المميز كان هناك عمالقة كبار يقفون بساحة المدرسة بطقس أسطوري يرفعون علم العراق علمونا أن لا نحني رؤوسنا عندما يرفع العلم وعلمونا كيف نقرأ وعلمونا الأخلاق وحب الوطن. افترقت بنا السبل وكان قدري إن أكون فارسا أمتطي مهرتي كانت مهرتي جامحة كالبرق والشهاب وكانت تحتضنني في داخلها اقرب ما يكون إلا قلبها وتحلق لتلعب على قمم الغيوم التي نادرا ما تزور سماء بلادي وترتقي إلا ما لم يصله نسرا أو عقاب وكان معلمي الجدد حريصون إن يطرزوا مهرتي بعلم العراق في أعلى نقطة فيها حيث لا يعلوه شيئا أخر ويضعون العلم على خوذتي ليكون اقرب شيئا إلا جبيني وعلموني إن لا اركع لغير (الله عز وجل) وطرزوا العلم على صدري لكي يحضنه قلبي . كانت مهرتي وفية رافقتني في أسفار الموت والدخان وكنا دائما حريصين إن نعود بالعلم نظيفا ولكنه أحيانا كان ملطخا بدخان الحروب التي كانت قدر جيلي كانت المهرة تكبوا أحيانا ويذهب برفقتها أخ عزيز نلفه بعلم العراق وفي أحدا المرات وأنا أرافق أخا عزيزا كان العلم الذي يلفه قد تحرك من مكانه فطلب مني أب مفجوع ( وليدي عدل العلم ) كان العلم شيئا كبيرا لذلك الجيل الطيب وجاء الهمج غيروا نجمات العلم وضل الناس على وفائهم للعلم واغرقوا العلم بدم الكثير من الشباب اليافعين . بدا العلم يهرم وكانت دموعه تنسكب مع كل الضحايا الذين احتضنهم لم يكن هؤلاء فرسانا اختاروا موتهم مثلي كانوا أناس طيبون ذبحوا بدون ذنب ارتكبوه وتصادف إن يولدوا في زمن القائد الضرورة. أسروه وحولوه الي علم القائد الرمز لم يعد علم العراق ومن حق الناس إن لا تحبه وكان هو نفسه يبكي على ساريته كانوا منافقين حملوه اسم الجلالة بحرف أشبه بكتابات طفل في الابتدائية بدلا من الحرف العربي الجميل لقد كانت هذه خربشات القائد الضرورة الذي اجبره إن يرفع في بلادة مع علم أخر في فضاء كان السيد فيه وعندما حان وقت إن يستريح تحدث الكثير عن لفض الجلالة الذي يحمله ونسى السادة إن النبي المصطفى (ع) احرق المسجد الذي بني على النفاق وكان يرفع فيه اسم الجلالة لقد حان لهذا العلم الذي ظلم إن يستريح ويصبح جزأ من تأريخ نحاول نسيانه وليرتفع علما جديدا في سماء لم يشارك علما أخر فيها .
إن سماء ميسوبتيميا لا تتسع إلا لعلم واحد
رياض ألبياتي
ك1 2011
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat