صفحة الكاتب : اسماء محمود

عندما نعتبر.. بعد فوات الأوان
اسماء محمود

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

التأريخ يعيد نفسه, والأنسان يكرر أخطائه.. طالما قرأنا هاتين العبارتين, لكننا ربما لم نستشعر حقيقتهما مثلما نعيشهما الآن.

أثناء متابعتنا لآراء الناس, في مواقع التواصل, وأثناء تجاذب الحديث مع الأصدقاء, حول أوضاع بلدنا, من بين مؤيد ورافض للتظاهرات, ومنتقد ومتفهم لخطب المرجعية الدينية.

من المفيد أن نستذكر حادثتين هنا, أولاهما تغير أتجاه القبلة, بأمر من الله سبحانه لنبيه الكريم عليه وآلة أفضل الصلوات, في بداية الدعوة, عندما كان الموحدون يتجهون إلى بيت المقدس في عباداتهم, لتتحول تجاه مكة المكرمة.. فقوبل الأمر برفض شديد, وإعتراضات كثيرة, وتشكيك برسول الله من أتباعه انفسهم!

بعد هذا بين الباري حكمته من الأمر, وتعلقت بمنح المسلمين إستقلالية قبلتهم, وخروجه ممن التبعية لقبلة اليهود, كما بين في نص الآية {وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وأن كانت كبيره إلا على الذين هدى...} سوره البقرة (١٤٣)

الحادثة الثانية فهي " رفع المصاحف" في معركة صفين, فبعدَ أن شعرَ معاويةٌ أنهُ سيُهزمُ في صفِّينَ، إستعانَ بأبناءِ الدواهي والنوابغِ, للخروجِ من مأزقه، فأشارَ عليهِ عمرو بن العاص, برفعِ المصاحفِ على الرماحِ, في وجهِ جيشِ أميرِ المؤمنينَ عليه وأله أفضل الصلوات.

خدعةَ رفعِ المصاحفِ وهتافاتِ جيشِ معاويةَ بأن "لا حكم إلا لله" أنخدع بها ضعاف الإيمانِ, والعقيدةِ المتزلزلةِ, في جيشِ الإمام، فإنقلبوا عليه وشهروا سيوفَهم بوجهه, مطالبينَ بوقفِ الحربِ, والتحاكمِ بالقرآنِ بينهُ وبينَ معاويةَ.. رغم أن الإمام حاججهم وبين أنه "القرآن الناطق" لكنهم وقعوا في الفتن’ وعميت قلوبهم.

في كلتا الحادثتين تبين من يتبع الحق وأهله, بقلب واثق ويعتبرهم خلفاء الرسول.. وبين من ينافق وقلبه مزعزع ويتبعهم حسب أهوائه.

فالأزمات التي نمرُ بها, أفرزت ومحصت من يتبع المرجعية, بقلب واثق ويعتبرها تنوب عن الأمام المعصوم, وأن كل قرار أو صمت يتخذه المرجع هو لحكمة ولمنظار معين يُرجى به الصالح العام, وبين من يتبعها حسب ما تؤول إليه مصلحته, فإذا خالف مصالحه يبدأ بالتشكيك وبالسب ووكيل الاتهامات لمقامها.

كثيراً ما سمعنا من "الإتكالين" لماذا لا يعطي المرجع الفتوى بهذا الأمر؟ لماذا فعل هذا ولم يفعل ذاك؟

فإذا ما تكلم تعاملوا معه بأهوائهم, يأخذون ما ينفعهم ويتجاهلون ما يتعارض مع مصالحهم, وأساليب تفكيرهم, كمن يؤمن ببعض الآيات ويكفر ببعضها.. فإن صمت أنهالوا عليه بالإتهام والتشكيك, حتى يقول احدهم.. هل السيستاني حي يرزق!

كأنهم يعلّمون المرجعية تكليفها الشرعي, أو يسيرونها بآرائهم التي لا تعرف للحكمة معنى, ولا للظروف مقياس, فبالأمس القريب كانوا يستجدون النصح والإرشاد, منها عندما دخلت داعش وهتكت الأرواح والأعراض والمقدسات, فكانت فتواها الفيصل والمؤثر الأقوى في الحيلولة, دون الولاية الثالثة لمن نهب الثروات وأضاع البلاد.. في الوقت ذاته جاءت توجيهاته لخلفه, بأن يضرب الفاسدين بيد من حديد.. لكن فتوه لم تجد أذنا صاغية, فأغلقت أبوابها بوجهه الساسة في إشارة لفشلهم وفسادهم.

آخر توجيهاتها في الانتخابات حينما حثت على عدم تجريب المجرب الفاشل, ومن لديه أجندة خارجية , فكيف كانت إستجابتنا؟! جمعينا يعرف النتائج.. أليس كذلك؟!

اليوم يعود من لم يستمع لوجيهها, فيتهمها باللامبالاة, وعدم الإكتراث لمظلومية الشعب العراقي.. عجبا!

من هذا كله نصل إلى حقيقه أوردها عالم الإجتماع الدكتور علي الوردي, تبين أن شخصية الفرد العراقي, متناقضة مع ذاتها فكيف لا تتناقض في اتباع المرجعية؟

التأريخ حافل بعبر تبين مدى الندم, لمن يتعالى أو يشكك في الأولياء أو رواة حديثهم, لكن نخشى أن يكون هذا بعد فوات الأوان فصدق أمير المؤمنين حينما قال " ما أكثر العبر وأقل الاعتبار " .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسماء محمود
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/08/01


  أحدث مشاركات الكاتب :



كتابة تعليق لموضوع : عندما نعتبر.. بعد فوات الأوان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net