نحن ودستورنا بين الفراغ والاطمئنان
علي التميمي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
علي التميمي

أصدقاء وأقرباء في آن واحد ويجمعهما مكان عمل واحد، في يوم كان الظلام فيه أشبه بما ينذر بحدوث تغيير، لم يعرف أحد ما ستؤول اليه لحظة من الهزل الذي أعتادوا عليه، في كل مكان يجتمعون به غير مبالين بماهية خصوصيته، معتبرين ان ما يقومون به، هو شيء لا يمكن تفسيره بشكل خاطيء لعفويته، شابين لم يتجاوزوا عقدين من عمرهما، شاء القدر ان يفرق بينهم بحادث بدايته هزل كما يحدث في كل يوم، والاختلاف يكمن في هزل مصحوب بالسلاح الذي كان معهم لطبيعة عملهم وهو حماية أحدى الدوائر الحكومية .
لم تدم العفوية طويلا حتى بدأ الجد وتغير الحال في لحظة، حيث أطلق فيه أحدهم عيارا ناريا أصاب فيه صديقه وقريبه الذي لا يفارقه، ادى الى قتله في الحال دون عمد لكن القوانين لا تحمي الفاعل، لأي سبب كان فقد وقع المحظور، هب الجميع لمعرفة تفاصيل الحادث، أهل وأقرباء المقتول يهددون بالثأئر، وأهل وأقرباء القاتل يشرحون ملابسات الحادث، لكن دون جدوى الهرج والمرج يملأ المكان، القوة الامنية المتواجدة في المكان على علم بما حدث، لكن العرف العشائري كان أقوى فأصبحت الأمور خارج السيطرة والمألوف .
العشائر وقوانينها على إختلاف وتقاطع مع القوانين الحكومية، فهذه مسألة تدخل فيها عدة أمور لا يسجلها القانون، منها الثأر المتعارف عليه في هذه الحالات، والتي يغيبها القانون إذا ما كان هناك منفذ قانوني، قد لا يقتص من الجاني مثل ما يحدث في مسألة أخذ الثأر، تعددت الحلول وأصبح الجميع في متاهة، والسبب هو العلاقة الوثيقة التي تربط الجاني بالمجني عليه، فكل يوم يمر يصدر أمر مختلف عن سابقه، تماما كما حصل مع البرلمان العراقي في الايام، حيث لم تتفق الاطراف على أي حل الذي لا زال مستمرا .
مع إنتهاء عمر البرلمان بدأ المغادرون لقبته، نقاشا الغرض منه إطالة عمره لكسب شخصي، قد ينفعهم لأيامهم القادمة وهم خارجه دون النظر وإغفال تام لما خط على ورق الدستور، فتارة يطعن بنتائج الانتخابات، وأخرى مناقشة لقرار يجعل منهم أصحاب القرار لفترة أطول، أما الدستور فقد كتب أن عمر البرلماني هو أربع سنوات لا غيرها، فمن كان له رأي آخر فيندرج في خانة العرف العشائري المنفتح على جميع الخيارات .
الخوف من الفراغ الدستور والذي أصبح مصدر قلق المواطن، قد تلاشى في هذه الايام التي نشهد فيها انتهاء عمر البرلمان، فكل الامور تسير على طبيعتها، دون مشاكل تذكر إلا في بعض الحالات والتي ليست من إختصاص البرلمان، تاريخ العراق الحديث شهد الكثير من الاحداث المهمة، وأصعبها هو بعد سقوط النظام البعثي الدكتاتوري، حيث الفراغ الذي حدث في كل مفاصل الحياة ورغم ذلك استمرت الحياة وعلى طبيعتها المعتادة، والآن ونحن نعيش أيام بدون برلمان والذي انتهى وبأنتظار الجديد، الجميع وعلى عكس ما يشاع يشعر بأرتياح وإطمئنان دستوري بدل الفراغ الدستوري .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat