نحو تطوير العلاقات الاقتصادية مع ايران وتركيا
محمد رضا عباس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد رضا عباس

ايران وتركيا قوتين اقتصاديتين كبيرتين في الشرق الأوسط , وكلاهما يحدان العراق , حيث ايران من الشرق و تركيا من الشمال. العلاقات الاقتصادية بين العراق وكلا البلدين قوية منذ تأسيس الدولة العراقية , مع بعض التراجعات في بعض الأعوام مرة مع ايران ومرة أخرى مع تركيا. ولى عهد التقاطعات , وبدء عهد التعاون الاقتصادي وخاصة في هذا الوقت , حيث ان العراق يواجه تحدي الإرهاب , وايران تواجه تحدي العقوبات الاقتصادية التي تريد فرضها عليها الولايات المتحدة الامريكية , وتركيا التي تواجه تحدي تراجع تجارتها مع الصين وألمانيا .
ان تجاور العراق مع هاتين الدولتين له فائدة كبيرة للعراق وهي رخص تكاليف نقل البضائع , حيث ان كلفة نقل حاوية من ايران الى العراق اقل بكثير من نقل نفس الحاوية من الصين او كوريا الجنوبية , وهذا المثال ينطبق أيضا على تركيا , حيث ان المسافة التي تقطعها الحاوية من الحدود التركية الى بغداد لا يتجاوز 600 كيلو متر .
هذا التقارب في المسافات هو احد اهم الأسباب في توسيع التجارة بين بغداد وطهران , و بغداد وإسطنبول . فبعد التغيير بدء حجم التجارة مع الدولتين يتعاظم حتى بلغ ما يقارب 13 مليار دولار مع تركيا وحوالي 10 مليارات دولار مع ايران عام 2018 . فقد جاء في تصريح امين عام غرفة التجارة الإيرانية العراقية المشتركة حميد حسيني ان مجموع صادرات ايران الى العراق هو اكثر من 10 مليارات دولار " وهو يعادل اجمالي صادراتنا الى قارت افريقيا و أوربا وأميركا والمحيط الهادئ". السيد حسيني توقع ان يزداد الحجم التجاري مع " العراق الى 15 مليار دولار مع بدء عملية إعادة اعمار العراق في غضون العامين المقبلين".
بكل تأكيد ان تركيا هي الاخرى تتحضر لزيادة صادراتها الى العراق , خاصة وان أسعار النفط في الأسواق العالمية بدأت تنتعش والتي ستضيف دخل إضافي الى العراق و تزيد من قوته الشرائية , إضافة الى برنامج إعادة اعمار العراق والذي سيبدئ في مطلع العام القادم .
العراق يجب عليه تقوية علاقاته التجارية والاقتصادية بين البلدين لأسباب متعددة , منها :
1. العلاقات التاريخية والدينية التي تربط العراق بهاتين الدولتين.
2. طول حدود كلا الدولتين مع العراق وتأثيرهما على امن العراق من الهجمات الإرهابية.
3. تشارك العراق وايران مع حقول نفطية متعددة و المياه , وتشارك العراق وتركيا في موضوع المياه .
4. كلا البلدين يوفران بضائع صناعية توافق المعيار العالمي وبأسعار تنافسية.
5. كلا البلدين مهمان للأمن القومي العراقي.
6. جارك , ثم جارك, ثم جارك , كما جاء في توصية الرسول الأعظم .
وطالما ونحن نتحدث عن الجار , فلابد ان نتحدث عن أهمية مساعدة الجار لجيرانه , وفي هذه الحالة مساعدة كلا البلدين العراق على القضاء على البطالة المزمنة من خلال تأسيس مشاريع اقتصادية في العراق تقلص اعتماده على الاستيرادات . بكلام اخر بدلا من استيراد العراق السيارات الإيرانية , على شركة صناعة السيارات في ايران تأسيس مصنع لها في العراق على شرط تشغيل الشباب العراقي فيه . وبدلا من استيراد ملابس مصنعة من تركيا , على الشركات التركية المصنعة لهذه الملابس هو تأسيس مصانع لها في العراق يعمل بها العراقيون . و يا حبذا لو قامت كلا من ايران وتركيا والدول المجاورة مثل السعودية والكويت بالاستثمار في المناطق الزراعية وبذلك تكون المنفعة مضاعفة , الاستفادة من الإنتاج الزراعي للدول المستثمرة , تشغيل الايدي العاملة العراقية , وتامين الامن الغذائي للمنطقة .
ان التشابك الاقتصادي بين البلدان , وخاصة بين الدول المتجاورة يزيد من التعاون بينهما ويبعد شبح التقاطعات السياسية والأمنية والحروب , واضافة المنافع الاقتصادية الى الدول المستثمرة والدول المستلمة للاستثمار . ان توسع تركيا في استثماراتها في العراق وخاصة في الصناعة سيعوض خسارتها بعض المشترين الالمان والصينيين , و توسع ايران في استثماراتها في العراق سيسهل علاقاتها الاقتصادية مع العراق بعيدا عن الازعاجات الامريكية . لان الكثير من الدول المصدرة للسلع الى الولايات المتحدة الامريكية تجنبت الازعاجات الامريكية ( فرض الضرائب, تحديد حجم الاستيراد بعدد معين من البضاعة , وحتى العقوبات) عن طريق تأسيس مشاريع صناعية لها داخل الولايات المتحدة الامريكية . على سبيل المثال ما يقارب 35% من السيارات في أمريكا هي يابانية والمانية وكورية الصنع , ولكن جميع هذه السيارات تنتج داخل الولايات المتحدة الامريكية . الولايات المتحدة الامريكية هددت دول أوربا بفرض ضرائب على صادراتها اليها , ولكن الولايات المتحدة لم تتحدث عن فرض ضرائب على استيرادات سيارات فوكس واكن او اودي او مرسيدس او فولفو او بي ام دبليو لأنها تصنع داخل الولايات المتحدة الأمريكية.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat