حدود اللعبة السياسية ..!
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الهادي البابي

حينما نتحدث عن الواقع الذي تعيشه العملية السياسية في العراق اليوم ، وخصوصاً مايتعلق بالقضايا الرئيسية التي شغلت الحيز السياسي كله في الآونة الأخيرة ،كقضية إنسحاب القوات الأمريكية من العراق ومايرتب على هذا الإنسحاب من مستحقات وواجبات وطنية عالية المستوى ستكون - بلاشك - بمثابة الإمتحان الحقيقي للعملية السياسية برمتها ، وأما القضية المهمة الأخرى فهي الموقف الرسمي العراقي مما يحدث في سوريا ومدى إلتزام العراق عن كل مايصدر من قرارات ووصايا من الجامعة العربية حتى وإن كانت تلك القرارات والتوصيات ربما لاتخدم في بعض جوانبها المصالح العراقية العليا في المستقبل ، وهناك أيضاً حزمة من القضايا التي برزت على سطح الأحداث في الفترة الأخيرة كقضية بعض المحافظات التي تريد أن تكون أقليماً تدير نفسها بنفسها حسب المواد والفقرات التي وردت في الدستور العراقي ، ومنها قضية الشد والجذب بين حكومة أقليم كردستان والحكومة المركزية والتهديدات التي بلغت ذروتها في الآونة الأخيرة ، ومن القضايا التي لازالت عالقة منذ زمن طويل قضية أختيار وترشيح الوزراء الأمنيين التي لازالت تتقاذفها التجاذبات العنيفة بين الكتل السياسية الرئيسية في مجلس النواب ، ثم ظهرت فجاة مسألة الأبتعاد المتدرج من قبل المجلس الأسلامي الأعلى من التدخل المباشر في عمل الحكومة ووقوفه في الصف المنتقد لها بشدة ، والتي رآها البعض بأنها بداية طبخة سياسية جديدة يحّظر لها المجلس الأعلى الأسلامي بزعامة السيد عمار الحكيم الذي كان غير مقتنع منذ البداية بتشكيلة الحكومة الحالية ،والتي أعتبرها البعض بداية الأنسحاب من الحكومة والأنظمام إلى المعارضة داخل مجلس النواب وهذا الأمر مطروح داخل أكثر من كتلة سياسية ومنها قائمة العراقية كما لوح بعض أعضائها أخيراً..
وهناك أيضاً مجموعة سيناريوهات قد تكون هذه أحداها وقد تكون بشكل آخر حيث يعتقد البعض بأن القائمة العراقية هي أول المستفيدين من دفع المجلس الأعلى خارج الأئتلاف الوطني ، بعد أن ضمنوا وقوع الطلاق السياسي على الأقل بين السيد مسعود البرزاني ورئيس الوزراء السيد نوري المالكي ، وذلك لمحاصرة دولة القانون والضغط عليه وهي بداية تفكيك الأئتلاف الوطني ، وهذه اللعبة السياسية مشروعة وغير ممنوعة كما يراها البعض طالما أنها تدور بشكل سلمي، ويأملون من ذلك تشكيل تحالفات جديدة وواقع جديد قد يقذف دماءاً جديدة في جسم العملية السياسية الذي أصابه الوهن والضعف !
والعملية السياسية هي ليست مسألة حكم أو مسألة جماعة أو فئة أو حزب جاء أولاً وأستلم السلطة قبل غيره ، ولكن العملية السياسية هي عملية حكم ديمقراطي خاضعة لجميع هذه الأجراءات السياسية والتحالفات واللعب السياسية من أجل بلورة نظام حكم جديد مادامت في حدود القانون ووفق الدستور ، وليس عبر القتل والتهديد والسيطرة والأقصاء ، وإنما ضمن نطاق وحدود اللعبة السياسية التي تفرض نفسها على جميع الذين يجدون في أنفسهم القدرة على أدارة البلاد ،وكل شيء مطروح ومتوقع في ساحة العمل السياسي...
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat