الرابح والخاسر من زيادة أسعار برميل النفط
محمد رضا عباس
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد رضا عباس

زادت أسعار النفط في السوق العالمية بنسبة 46% في الأشهر الاثنا عشر الماضية, وأصبح سعر البرميل الواحد ما يقارب 80 دولار. جزء من سبب الارتفاع في أسعار النفط هو النمو الاقتصادي العالمي الغير متوقع والذي بلغ 3.9% هذا العام , وهي النسبة الأقوى منذ عام 2011. الأسعار سوف لن تتراجع وبذلك سوف يشعر أصحاب المركبات بزيادة أسعار اللتر من البنزين في محطات التعبئة .
بينما من الصحيح القول ان ارتفاع أسعار النفط سوف يشكل عائق امام النمو العالمي , الا ان استخدام البترول في الإنتاج كمادة أولية بدء يتقلص , حيث ان الكثير من الدراسات تذهب الى القول ان الاقتصاد العالمي يستعمل اقل من البترول لإنتاج السلع والخدمات قياسا الى عام 2007. بطبع ان تأثيرات ارتفاع الأسعار النفط سوف تختلف من بلد الى الاخر , فالبلدان التي تعتمد على استيراد النفط بكثافة سوف تدفع اكثر , بينما ستزداد الايرادات المالية للحكومات المصدرة له .
بموجب احصائيات بلوومبرغ , فان أسعار النفط قد ازدادت هذا العام 18% , حوالي نصف هذه الزيادة يعود الى قوة نمو الاقتصاد العالمي , بينما النصف الثاني يعود الى سيطرة الدول المنتجة للنفط على سوق النفط ( السيطرة على الإنتاج) , السيطرة على الإنتاج من قبل المصدرين الكبار ( المملكة العربية السعودية و روسيا) , وبذلك فان كلا البلدين سوف ينتفع من ارتفاع الأسعار. الرابحين الاخرين هم أيضا نيجيريا و كولومبيا والعراق والذي سمح لحكومات هذه الدول تخفيف ازمتهم المالية . مصر , الهند , تركيا , واكرانيا سوف يضطرون لزيادة مدفعاتهم من اجل شراء النفط , وبذلك سوف يزداد العجز التجاري في هذه البلدان . اقتصاد أروبا أيضا سيكون معرض الى التأثير السالب لصعود الأسعار , وذلك بسبب ضعف نسبة النمو الاقتصادي فيها.
تصاعد أسعار النفط سيكون اقل خطرا على الاقتصاد الأمريكي من السنوات الماضية , وذلك بسبب ازدهار انتاج النفط الحجري (الصخري) . لقد كانت القاعدة ان كل 10 دولارات ارتفاع في أسعار النفط , يخصم من النمو الاقتصاد الأمريكي ما يقارب 0.03% في السنة القادمة . الدراسات الحديثة والجديدة وجدت ان التأثير سيكون 0.01% فقط , وذلك لان النفط الصخري المنتوج في الولايات المتحدة سوف يعوض الخسارة , حيث ان عدد من الولايات المنتجة للنفط سوف تتنعم بزيادة أسعار النفط , مثل ولاية تكساس , ولاية شمال داكوتا , و ولاية وايامنك .
ارتفاع أسعار النفط في الأسواق العالمية سوف يؤدي الى ارتفاع نسبة التضخم المالي للدول التي تعتمد بصورة كبيرة على استيراداته , وبذلك فمن المتوقع ان ترتفع نسبة التضخم المالي في إندونيسيا , ماليزيا , ونيوزلندا الى اكثر من 10% , وسيضيف بعض التضخم الى الاقتصاد الصيني , بينما سوف لن يكون له اثر كبير على الاقتصاد الأمريكي بسبب ان مشاركة النفط كمادة أولية في انتاج السلع والخدمات قد تقلص , إضافة الى ان الاقتصاد الأمريكي لم يصل ذروة نموه لحد الان. التضخم المالي في الدول الصناعية يظهر كنتيجة زيادة الطلب الكبير على الإنتاج يفوق طاقة البلد الإنتاجية , فيما ان طاقة الإنتاج الأمريكي من السلع والخدمات ما زالت تعاني من بعض الفراغ.
وحتى ارتفاع نسبة التضخم المالي في البلدان المستوردة للنفط ممكن معالجتها بدون مشاكل كبيرة , وكل ما تحتاجه الدول المتأثرة من التضخم هو رفع أسعار الفائدة على القروض , كما صنعته الهند , حيث قامت بزيادة أسعار فائدة القروض لتجنب تأثيرات التضخم وتقليل نسبته , حيث من المعروف ان زيادة الفائدة في السوق المحلية تقلص حجم الاستثمارات , وتقلص الطلب العام مما يؤدي الى السيطرة على الأسعار.
الاقتصاديون يتوقعون حتى لو تسلق سعر النفط الى 100 دولار للبرميل الواحد سوف لن تكون تأثيراته مثل تأثيراته قبل عام 2011, وذلك بسبب توفر النفط الصخري . فحسب توقعات المحللين , فان زيادة أسعار النفط الى 100 دولار للبرميل الواحد بدون الفحم الصخري سوف يخصم من النمو الاقتصادي ما يقارب 1.3% من الإنتاج المحلي الأمريكي , الا ان مع توفر النفط الصخري فان تأثيراته على انتاج السلع والخدمات قد لا يزيد على 0.4% . و هذا سوف ينطبق على العالم أيضا.
ملاحظة: بعض الأرقام اخذت من مجلة بلوومبرغ الامريكية لشهر أيار 2018.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat