الوحدة الاسلامية ... النكتة الكبرى
حميد آل جويبر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
حميد آل جويبر

لاشيء في هذه الدنيا يثير بيَ الضحك والبكاء في آن واحد كما تثيره عبارة " الوحدة الاسلامية " وما يستتبعها من شؤون لعل في مقدمها مؤتمرات الوحدة الاسلامية التي لم اسمع باخبارها منذ حين وهذا مؤشر خير والحمد لله. ولهذه المؤتمرات قصة مستقلة لا شان لهذا المقال بها، فهي ان عُقدت فان اعمالها تنقسم الى قسمين ، شطر يخصص امام الكاميرات لتبادل الابتسمات الصفراء والقبل المكذوبة بين الاخوة الاعداء كالذي يحصل عندما يجتمع المسؤولون العراقيون على مائدة يدعو لها طالباني او عمار الحكيم ، وشطر آخر خلف الكواليس للعراك وتبادل التهم كما يحصل في مؤتمرات القمة العربية عادة، والمتابع يتذكر معركة الصحون الطائرة والشتائم المقذعة بين الوفد العراقي من جهة والكويتي - السعودي من جهة اخرى ايام حكم القائد الضرورة صدام التكريتي . ما يسمى بالامة الاسلامية جزافا منقسم اليوم الى فرق ونِحَل بينها من الخلاف اكثر بكثير مما يجمعها من الوفاق ، والذي يجمعها فقط هو الادعاء بالايمان بالله وبنبوة محمد " ص" . اما الخلاف فانه يبدأ من القرآن الكريم وموضوعات خلقه و قِدَمه و زيادته و نقصانه وجمعه ، ولا ينتهي بجواز ارضاع الكبير . وبين هذين الاثنين يقف طابور مرعب من الخلافات المريرة عمره الف واربعمئة عام في كل يوم منها كارثة ومصيبة يشيب فيها الصغير ويهرم فيها الكبير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه . كل هذا الركام الهائل ويريدون منا ان نصدق براءة الابتسامات والقبل المتبادلة بين الشيخ التسخيري والشيخ القرضاوي في كل مرة يجمعهما مؤتمر، والله وحده يعلم كم من الضغينة يحمل الواحد منهما في قلبه للاخر . طبعا الاثنان اللذان ضربناهما مثلا يُعدان من خيرة معتدلي الطرفين . اما اذا اردنا ان نضيف لهما ما يسمى علماء المملكة واغلبهم عميُ بصر وبصيرة وفي احسن الاحوال حُولٌ ، فان الكارثة ستكون ادهى وامر . ولا اشك ان هؤلاء يذهبون الى مؤتمرات الوحدة - ان ذهبوا - تتدلى من احزمتهم خناجر يمنية تسر الناظرين صنعها لهم العاملون في ورشة رئيس اليمن السعيد ردا لجميل اعادة الحياة اليه في الرياض بعد ان اسود وجهه في الدنيا قبل الاخرة . تصور لو ان رجل دين سعوديا ذائبا في افكار شيخ الاسلام ابن تيمية وابنه الشرعي محمد عبد الوهاب ، سمع الشيخ التسخيري يندب : يا علي ، وهو يهم بالنهوض من مقعده في مؤتمر للوحدة الاسلامية في بوركينافاسو مثلا. ماذا سيكون رد فعله آنذاك . اليس صاعقة كصاعقة عاد وثمود ستعصف براسه وترسل بشكل لا ارادي بكفه الشريفة المتوظئة الى خنجره اليماني ليطبع به قبلة اخوية محمومة في صدر الشيخ الايراني الذي جمع المجد من طرفيه كونه عراقي الاصل . قبل قليل فرغت من قراءة مقال في صحيفة الحياة اللندنية لكاتب سعودي عن مثوى راس الامام الحسين "ع" واين انتهى به الامر، وهو بحث ليس بالجديد وعليه خلاف دائر لا اراه يستحق تلك الاهمية الكبرى . المهم في المقال ان سيدنا الكاتب يريد بشتى الطرق ان يبين لنا ان سيدنا يزيد ابن سيدنا معاوية برىء من قتل سيدنا الامام الحسين براءة الذئب من دم يوسف . وقد ورد في المقال المزبور ان يزيد ندم على ما صـُنع بالامام الحسين لذا فانه كرّم الراس وبعثه الى واليه في المدينة المنورة عمرو بن سعد واوعز اليه بان يغسله ويكفنه ويدفنه الى جوار جثمان امه الزهراء فاطمة بنت محمد عليهما السلام . يا سلام .... انظر الى هذه الرأفة السفيانية التي لا تقف عند حد . انظر الى جينات هند آكلة الاكباد كيف تنتقل الى الاحفاد ... وانظر معي كيف يعبر خليفة المسلمين عن ندمه باحترام راس ابن بنت النبي . انظر كم ظلمة هم هؤلاء الشيعة الروافض وكم هم مجحفون في اطلاق الاحكام الجائرة على الصحابة والتابعين وابناء كتاب الوحي رضي الله عنهم جميعا وارضاهم . ماذا يريدون بعد كل هذا التبجيل لراس سيدنا الحسين بعد ان جُز من جسده سهوا!!! سادتي مُضلَلين ومُضلِلين ... الشرط الاول في التقريب - ولا اقول الوحدة - هو الاتفاق على تصحيح ما تشوه من صفحات التاريخ الاسلامي على يد الدولة الاموية البغيضة ومن ثم اجراء عملية فرز حقيقية بين اهل بيت كرام لم يرشح عنهم سوى نهج البلاغة والصحيفة السجادية وفقه الصادق ومكارم الاخلاق ، وعصابة موتورة كانت وما زالت تناصب الاسلام واهل البيت العداء وتتحين الفرص للاطاحة بالمشروع الاسلامي لانه اطاح بهيبتها وكبريائها الجاهليَين. اذا استطعنا ان نتوصل الى هذين الامرين فان الاختلاف على تفاصيل الوضوء او التكتف بالصلاة او زيارة القبور لن تفسد للود قضية ، امّا ان نواصل مسيرة المكابرة وتبادل الابتسامات الصفراء والقبل المسمومة والترضي على القاتل والقتيل معا حتى وان كان الطرفان ازهد خلق الله علي بن ابي طالب واَلْأَمَ خلق الله معاوية بن ابي سفيان ، فان هذه النكتة الكبرى ستظل تضحكنا وتبكينا الى ابد الابدين
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat