صفحة الكاتب : محمد رضا عباس

عندما يصبح "خبير اقتصادي"  بوقا للسياسيين
محمد رضا عباس

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أصبحت تصريحات " الخبيرة الاقتصادية" سلامة سميسم قريبة الى السخرية والضحكة بسبب ما تطرحه من " أفكار اقتصادية" لا تجدها الا في كتب النكتة والفكاهة. بالحقيقة , أصبحت اتابع تصريحاتها " الاقتصادية" لا لأجل إضافة معلومة جديدة , ولكن من اجل الترفيه من يوم مثقل بالعمل. قبل أيام أعلنت " الخبيرة" ان فرض الضرائب على المشروبات الروحية و التدخين والمعسل سوف يزيد التضخم المالي في البلاد , موضحة ان السبب هو ان الضرائب على هذه المواد المدمرة لجيب المواطن وصحته سوف تتحول الى المواطن العراقي عن طريق رفع الأسعار مثل الخبز والرز والدهن والشاي والايجارات . المفارقة الجميلة هو ان وزارة التخطيط بعد خمسة أيام من تصريحها , أعلنت عن انخفاض في نسبة التضخم المالي , وبذلك دعمت مقالتي الخاصة في موضوع الضرائب.
في يوم 19 نيسان , اطلقت "الخبيرة الاقتصادية " صاروخ عابر للقارات اخر مفاده ان المصاريف على الحملة الانتخابية في العراق هي السبب في انخفاض قيمة الدولار الأمريكي قبل أيام , معللة السبب الى قانون العرض والطلب الشهير , حيث ان كثرة ضخ الدولار في الاسواق تودي الى انخفاض قيمته . 
طبعا تعليلها بانخفاض قيمة أي شيء يباع ويشترى في السوق بقانون العرض والطلب كان صحيحا, ولكن تشخيصها الى أسباب انخفاض  قيمة الدولار في الأسواق العراقية كان خطا , بل مشكوك حتى برقم مجموع المصاريف على الانتخابات والتي ذكرته بانه على الأقل 7 مليارات دولار. ولمناقشة أطروحة "الخبيرة الاقتصادية " حول ما طرحته نقول:
1. ان مبلغ قدره 7 مليارات دولار , ان صح هذا الرقم , سوف لن يؤثر على قيمة الدولار , ولسبب بسيط وهو ان حجم الاقتصاد العراقي يبلغ حوالي 250 مليار دولار وعليه ان مبلغ سبع مليارات دولار سوف لن يؤثر على قيمة الدولار , هذا مع العلم ان مصاريف الحكومة العراقية الشهرية تزيد على عشرة مليارات دولار , فكيف تأثر صرف سبعة مليارات دولار على قيمة الدولار ولا تأثر صرف 10 مليارات دولار على قيمته؟
2. لا اعرف كيف توصلت " الخبيرة الاقتصادية " عن رقم " على الأقل سبعة مليارات دولار" في ظل عدم وجود مراكز بحثية ترصد مصاريف الأحزاب السياسية على حملتهم الانتخابية . المبلغ كبير جدا مثل اتهام الناس المالكي بسرقة  70 مليار دولار و النجيفي 45 مليار دولار  والبارزاني 25 مليار دولار. على ما يبدوا ان " الخبيرة الاقتصادية" هي الأخرى لا تعرف حجم المليار دولار وهو واحد وبجانبه تسعة اصفار ولا يملكه الا القلة القليلة في هذا العالم . كما لا افهم عن ما هو هدف مواطن عراقي يملك مليار دولار يريد ان يورط نفسه بان يكون سياسي في العراق ؟ هذا السياسي يستطع شراء جزيرة في البحر الكاريبي يعيش فيها بأمن وامان الى يوم عزرائيل يأخذ أنفاسه.,ولعلم القارئ الكريم , فان كلفة الحملة الانتخابية للولايات المتحدة الامريكية الأخيرة قد كلفة 6.8 مليار دولار حيث دامت الحملة اكثر من سنة وغطت مساحة ما يقارب خمسين مرة مساحة العراق ونفوس بلد يتجاوز عشرة مرات نفوس العراق.  
3. "الخبيرة الاقتصادية " اطلقت تصريحها بصرف 7 مليارات دولار والحملة الانتخابية كانت في يومها السادس , وبقى على يوم الانتخابات اكثر من عشرين يوما , وعليه اذا اخذنا تصريح " الخبيرة" على محمل الجد , فان مجموع المصاريف على الحملة الانتخابية في العراق ستكون على الأقل 15 مليار دولار, وهو مبلغ لا يصدقه حتى المجنون. ماذا تريد ان تحصل إيران او السعودية او الامارات , المتهمين بتمويل الحملات الانتخابية , من العراق من هذه المصاريف؟ 
4. حتى لو افترضنا من صحة رقم " الخبيرة" , فان صرف مبلغ 7 مليارات دولار على الانتخابات سيكون مصدر دعم للاقتصاد العراقي ولا يضره. السبب هو ان هذا المبلغ سوف يستفاد منه بعض المكاريد من الفنانين العراقيين والذين هم في اشد الحاجة الى المعونات مثل الرسام , المصور, الخطاط . كما وسوف يستفاد من هذا الرقم وسائل الاعلام بكل أنواعها وبذلك تؤمن العمل لمنتسبيها للسنوات القادمة, وسوف يستفاد منها أصحاب المطاعم , سواق السيارات التكسي, أصحاب الفنادق, باعة القماش الأبيض, وحتى أصحاب الجوقات الموسيقية و الحبربشية . انها سنة ينتظرها بعض العراقيين بفارغ الصبر. فما هذه العداوة  مع هذه الطبقة العراقية الفقيرة ؟ 
5. وحتى تتلاعب " الخبيرة الاقتصادية" بمشاعر العراقيين , فقد ادعت ان مبلغ 7 مليارات دولار " لو صرفت في أي قطاع لأنعشته بشكل كامل ". نقول للخبيرة : اليس الصرف على الحملة الانتخابية يدعم قطاع الخدمات , وهو الأكبر في العراق؟ هل الخطاط محسوب على الزراعة او على الخدمات ؟ وهل صاحب سيارة الأجرة محسوب على قطاع الصناعة او قطاع الخدمات ؟ 
6. واذا ادعت وصدقت " الخبيرة" , بان أموال التي تصرف على الحملات الانتخابية " تعد من أموال الشعب والتي استحوذت عليها تلك الأحزاب عن طريق الفساد" , فان الانتخابات تعد نعمة على الشعب العراقي , حيث ان المبالغ المسروقة ترجع الى الشعب بدون محاكمات وحكام ومحامين واخذ وشد وايام طويلة , ومن بعد كل هذا يخرج المتهم بريء مثل براءة الذئب من دم يوسف. 
7. ومن اجل إتمام المنفعة للقارئ الكريم , فان انخفاض الدولار العراقي في الأسواق العراقية قبل أيام يعود الى ارتفاع أسعار النفط وزيادة الواردات العراقية من الدولار الأمريكي . يضاف الى ذلك , ان الاستقرار السياسي والأمني التي شهدتها البلاد طمئن المستثمر الأجنبي و المحلي عن مستقبل الاقتصاد العراقي الواعد . 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد رضا عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/05/04



كتابة تعليق لموضوع : عندما يصبح "خبير اقتصادي"  بوقا للسياسيين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net