آيتان متشابهتان بخاتمة مختلفة...
عبدالاله الشبيبي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبدالاله الشبيبي

الآية الأولى: قال تعالى: وَإِن تَعُدّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تحْصوهَا إِنّ الإنسان لظلوم كفار. سورة إبراهيم آية34.
الآية الثانية: قال تعالى: وَإِن تَعُدّوا نِعْمَةَ اللّهِ لا تحْصوهَا إِنّ اللّهَ لَغَفُورٌ رّحِيمٌ. سورة النحل آية18.
لاحظ عزيزي القارئ اللبيب الآية الأولى ختمت بتعامل الإنسان مع الله عزوجل بالكفر والجحود والنكران والظلم، والآية الثانية ختمت بتعامل الله مع الإنسان، بالرحمة والمغفرة والرضوان والإحسان.
حيث قال صاحب الميزان عن خاتمة الآية الأولى: أي انه كثير الكفران يظلم نفسه فلا يشكر نعمة الله ويكفر بها فيؤديه ذلك إلى البوار والخسران، أو كثير الظلم لنعم الله لا يشكرها ويكفر بها.
وقال عن خاتمة الآية الثانية: أن خروج النعمة عن حد الإحصاء إنما هو من بركات اتصافه تعالى بصفتي المغفرة والرحمة فإنه بمغفرته يستر ما في الأشياء من وبال النقص وشوهه القصور، وبرحمته يظهر فيها الخير والكمال ويحليها بالجمال.
وإذا ما طالعنا الكتب المختلفة في العلوم الطبيعيّة والإنسانيّة والنفسيّة وأمثالها فسوف نرى إلى أي مدى تتّسع أطراف هذه النعم، وفي الحقيقة إنّ لكلّ نَفَس يتنفّسه الإنسان نعمتان، ولكلّ نعمة شكر واجب.
وأكثر من ذلك فنحن نعلم بأنّ متوسّط عدد الخلايا الحيّة في جسم الإنسان نحو العشرة ملايين ميليارد، وكلّ مجموعة تشكّل قسماً فعّالا في الجسم، وهذا العدد كبير جدّاً بحيث لو أردنا إحصاءه نحتاج إلى مئات السنين! فهذا قسم من نعمه علينا، ولذلك ـ حقّاً ـ لا نستطيع عدّ نعمه، وإن تعدّوا نعمة الله لا تحصوها.
كما ويوجد في دم الإنسان مجموعتان من الكريّات "وهي خلايا صغيرة سابحة في الدم ولها وظائف حياتية مهمّة" ملايين من الكريّات الحمراء وظيفتها إيصال الأوكسجين لأجل الإحتراق وصنع خلايا الجسم، وملايين من الكريات البيض وظيفتها حفظ سلامة الإنسان مقابل هجوم المكروبات، والعجيب أنّ هذه الكريات في حالة حركة مستمرة لخدمة الإنسان. المصدر: تفسير الأمثل، ص519.
وعليه يجب الاهتمام بالشكر وشكر المنعم المتفضل علينا بكثرة النعم ظاهرها وباطنها واجب والتي نعجز عن إحصائها والاحاطه بها فهو المنعم.
وإذ كان الله سبحانه هو الذي يرفع حاجة كل محتاج ممن سواه لا يتعلق شيء بذاته فيما يحتاج إليه في وجوده وبقائه إلا بذيل جوده و كرمه سواء أقر به أو أنكره وهو تعالى أعلم بهم وبحاجاتهم ظاهرة وباطنة من أنفسهم كان كل من سواه عاكفا على باب جوده سائلاً يسأله رفع ما حلت به من حاجة سواء أعطاه أو منعه وسواء أجابه في جميع ما سأل أو بعضه.
أضف الى ذلك إِنّ كل دقيقة تمر من عمرنا نكون فيها مدينين لفعاليات ملايين الموجودات الحيّة في داخل بدننا وملايين الموجودات الحية وغير الحية في خارجه، والتي لا يمكننا أن نحيا ولو للحظة واحدة بدونها.
ولكنّ ضبابية الغفلة حالت دون معرفتنا لهذه النعم الجمة التي كلّما خطا العلم الحديث خطوة إِلى الأمام اتّضحت لنا أبعاد واسعة وانفتحت لنا آفاقاً جديدة في معرفة النعم الإِلهية، وكل ما ندركه في هذا المجال قليل جدّاً ممّا قدّره الباري لنا، فهل بإمكان المحدود أن يعد ما أعطاه المطلق؟!. نفس المصدر السابق.
ولكن هذا لا يمنع من أن نتتبع ونحصي النعم الرّبانية بقدر المستطاع، لأنّ ذلك يزيدنا معرفة للّه، وعلماً بعالم الخليقة، وآفاق التوحيد الرحبة، كما يزيد من حرارة عشقه سبحانه في أعماق قلوبنا، وكذا يحرك فينا الشعور المتحسس بضرورة ووجوب شكر المنعم جل وعلا.
ولهذا نجد أنّ الأئمّة(عليهم السلام) يتطرقون في أقوالهم وادعيتم ومناجاتهم إِلى النعم الإِلهية ويعدون جوانب منها، عبادةً للّه وتذكيراً ودرساً للآخرين.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat