يجب علينا أن نعيش أحراراً ...
عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبد الهادي البابي

عندما نعيش عقلية الحرية في داخل كياننا ،فلن يستطيع أحد أن يستعبدنا ، لأن الحرية تصرخ من أعماق نفوسنا حين يحاصر الآخرون أجسادنا ،وإذا ما عشنا العبودية في نفوسنا ، فلن يستطيع أحد أن يحررنا ،لأن العبودية تكون جزءاً من ذواتنا ..
لهذا فعلينا إذا أردنا أن نتحرر أن نزرع الحرية في أعماقنا ، وعندما نريد أن نرفض الأستعباد والتسلط في واقعنا فعلينا أن ننزع الأستعباد من نفوسنا ،لأن هذه الأمور علينا أن نفكر بها، وأن الله تعالى قد أكد لنا حقيقتها :[إن الله لايغير مابقوم حتى يغييروا ما بأنفسهم ] ، فالله سبحانه وتعالى جعل تركيبة الوجود الأنساني خاضعة لهذه الخطوط ، فنحن في المجالات العامة يمكن لنا أن نكون أحراراً إذا نزعنا من أنفسنا روح العبودية للآخرين ، وبقينا عبيداً لله وحده..
وما دام الأنسان يبقى مستعداً من أجل أطماعه وشهواته وملذاته لأن يبيع نفسه للآخرين ، وأن يستعبد نفسه للآخرين ،فانه لو إنطلق في كل شعارات الحرية فإنه سيبقى عبداً ذليلاً ، ولكنه إذا حرر نفسه من عبودية الآخرين وشعر بأن الله خلق له إرادة حرة ، ويريد لها أن تبقى حرة ،وأن الله خلق له كياناًحراً، ويريد له أن يبقى حراً، وإذا آمن الأنسان بالحرية كأساس في عقله وفي إرادته ، فلو أن الكون كله أطبق عليه ليستعبده ، فأنه لاينال من حريته شيئاً ،وهذا ماعبر عنه الإمام علي (عليه السلام )عندما قال :[ إن الحر حر على جميع أحواله إن نابته نائبة صبر لها ، وإن تداكت عليه المصائب لم تكسره ، وإن أُسر وقُهر وأستُبدل باليسرِعُسراً ] ..
أن القيم في الأسلام تبدأ من الداخل ، والله يريد للناس أن يؤمنوا بالقيم في الجانب الروحي ، وهذا مانريد أن نؤكده في حركتنا وحياتنا ، عندما نواجه الأستعباد الذي يريد أن يفرضه الوضع الأجتماعي علينا ، والأستعباد الذي يريد أن تفرضه الظروف القاهرة علينا ، والأستعباد الذي يريد أن يفرضه الظالمون علينا والأستعباد الذي يريد أن يفرضه المحتلون وأعوانهم وذيولهم علينا ..
وفي هذا الأطار فإن الناس على قسمين : هناك قسم يلهث وراء أصحاب المناصب والمهيمنين على مقدرات الناس ،ليأخذ منهم شيئاً لدنياه وليكون عبداً لهم في هذه الدنيا، وليجعل الناس لهم عبيداً ، وهذا البعض الذي يفكر بهذه الطريقة مستعد أن يبيع نفسه ، ويبيع بلده ، ويبيع الناس من حوله ليحصل على مال ، أو على جاه ، أو على شهوة دنيا ، أو على منصب أوماأشبه ذلك ، فهؤلاء يظلون عبيداً ، حتى لو إستقل بلدهم من الأحتلال، وتخلص من الطواغيت ومن الحكومات الشمولية ، ولهذا فإن كثيرين من الناس قد يعيشون في مجتمعات الأستقلال والديمقراطية ولكنهم لايطيقون الحرية ، لأن نفوسهم مجبولة على العبودية ، ولهذا فهم يجتذبون القوي إليهم ليستعبدهم !!
وهناك إناس يعيشون في دهاليز الحرمان والفاقة وفي كل ساحات الأضطهاد الأجتماعي والأقتصادي ،ولكنهم يطلقون نداء الحرية ، ويصارعون كل القوى المتسلطة من أجل الحصول على الحرية ، ويضحون بأنفسهم على مذبح الحرية ، لأنهم يريدون للناس أن يكونوا أحراراً كما يريدهم الله ان يكونوا أحراراً ، ويعتبرون الحرية جزءاً من قضية الأيمان ، فمن لايؤمن بحريته أمام الطغاة ، فهو ليس بمؤمن ، لأن الأيمان يفرض عليك أن تكون عبداً لله ، وحراً أمام الكون كله ...
abdilhadialbabi@yahoo.com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat