الشيعة ومخاضات اختيار الحليف.
جمال العسكري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
جمال العسكري

المعروف بداهة أن في مفردات السياسة لامعنى لوجود مفردة الحدود، ومن ثم فان القاموس السياسي يعد خاليا من من هذه اللفظة المقيدة في دلالتها لكل مايشي بمعاني التغير والتبدل والتحول، ومايبرر هذا الخلو هو ارتباط السياسة بالمنافع ارتباطا كاثولكيا، حتى قيل في تعريف السياسة " بأنها فن الممكن"، ولأن المصالح تختلف بأختلاف الليل والنهار ومقرونة بتنامي وتراجع مقياس الاقتصاد والاجتماع فأن السياسة ايضا كذلك، تتحول وتتغير وتتبدل تبعا لتلك المصالح وتلك الاحداث.
بناءا على هذا التأسيس، فان دمج السياسة بالرواسب التراثية ومحاولة تفسير الاحداث التي تتطور بسرعة البرق على مائدة التأريخ والماضي وماتأسس من مشاعر على تلك الرواسب يعد معرقلا لبناء دولا قادرة على التعاطي مع المحيط الدولي والاقليمي، لان الحقيقة ليس هناك شعبا من الشعوب يستطيع أن يتجرد من حالته الاجتماعية والسياسية، فالتلاقي بين الدول والشعوب ضرورة تقتضيها سنن الاجتماع، حتى أن الحضارات تبنى على هدي من هذا التواصل والتعاطي والاستفادة من الاختلاف بالتعويض عن مساحات الفقدان بما هو موجود لدى الامم الاخرى والعكس صحيح.
الذي يهمني من هذا كله، ومااريد ان اصل اليه، هو ان الأمة الشيعية تعاني من اشكالية اختيار الحليف، وترجع اشكالية هذا الاختيار، الى ان العقل الشيعي يعيش السياسية من نافذة االتاريخ السلبي القائم على نرجسية الذات الواهمة، وربما من عقدة الآخر غير المسلم، والحقيقة اذا اردنا ان نعيش السياسة بمعناها الاصطلاحي، يتوجب علينا أن نتخطى مسألة الحدود بكافة دلالتها ومرادفاتها، طالما انها لاتخدش الهوية ولاتختزل الشخصية، ولن تحاول التخلي او الدمج، بل ترنو الى الجذب وجلب المصالح ودرء المفاسد.
روسيا اليوم هي الحليف الاستراتيجي للشيعة في العالم، وهذا ليس كلاما على الورق، وانما حقيقة على الارض، يصدقها الواقع. وخير دليل على ذلك الدعم الجلي لايران وسوريا ولبنان وتبنيها الى مصالح هذه الدول في المنظمات الولية الرسمية، وخصوصا تبنيها الى اعتبار القدس عاصمة ازلية لفلسطين.
اذن على الشيعة القيام بنقد موضوعي للمتخيلة الاسلامية، من اجل القيام بفرز موضوعي لما علينا القيام به في اروقة السياسة باعتبارها من الامور التي لاتخضع الى الزمان والمكان، وما لايجب علينا القيام به، لكونه يخرق الثابت الديني.
وروسيا اليوم تعد مدخلا موضوعيا مساعد يمتلك كل الادوات التي تساعد الشيعة على حفر وجودهم السياسي على الساحة الدولية من دون ان يكون هناك مساس بالهوية الدينية.
روسيا هي القطار الواقعي الذي يحب علينا ان نسقله الى منصات الدول المحترمة والمهابة، والتفريط بهذا العامل تفريط بمستقبلنا.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat