العقد النفسية وأثرها على سوء الخلق
انعام عبد الهادي البابي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
إن النفسية المعقدة تكون مهيأة لأستقبال كل أنواع العلل والأمراض النفسية الخطيرة ومنها سوء الخلق ،والذي هو: [إنحراف نفساني يسبب إنقباض الأنسان وغلظته وشراسته ، وهو نقيض حسن الخلق]([1]) !!
ومن الثابت أن لسوء الخلق آثاراً سيئة ، ونتائج خطيرة في تشويه المتصف به وحط كرامته ، مما يجعله عرضةً للمقت والأزدراء ، وهدفاً للنقد والذم ، وربما تفاقمت أعراضه ومضاعفاته،فيكون حينذاك سبباً لمختلف المآسي والأزمات الجسمية والنفسية والمادية والروحية .
ويكفي في خسة هذا الخلق وسوء آثاره ، هو أن الله تعالى خاطب سيد رسله وخاتم أنبيائه ،وهو المثل الأعلى في جميع الفضائل والمكرمات قائلاً :[ ولو كنت فظاً غليظ القلب لأنفضوا من حولك]....من أجل ذلك فقد تساند العقل والنقل على ذمه والتحذير منه ،قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
[عليكم بحسن الخلق ، فأن حسن الخلق في الجنة لامحالة ، وإياكم وسوء الخلق ، فأن سوء الخلق في النار لامحالة ]([2]).....وقال الأمام الصادق عليه السلام :[من ساء خلقه فقد عذب نفسه ]([3])....
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : [أبى الله لصاحب الخلق السيء بالتوبة ، قيل :فكيف ذلك يارسول الله ؟ قال :إذا تاب من ذنب وقع في ذنبٍ أعظم منه]([4]).....وهكذا نجد أن أكثر أسباب سوء الخلق هو تراكم العقد النفسية السيئة في أعماق الأنسان المعنوية،وتمكنها منه ، والتي تكونت من عدة عوامل منها :([5])..
أولاً : الوهن والضعف الناجمان عن مرض الأنسان وإعتلال صحته، أو من أعراض الشيخوخة والتقدم في السن ، مما يجعله مرهف الأعصاب ،عاجزاً عن التصبر ، وإحتمال أمزجة وطبائع الناس ومداراتهم.
ثانياً: الفقر :فإنه قد يسبب تجهم الفقير وغلضته ، هروباً من هوان الفقر وألم الحرمان أو حزناً على زوال نعمته السالفة ، وفقد راحته وغناه .
ثالثاً :الهموم :فإنهاتذهل اللبيب الخلوق، وتحرفه عن أخلاقه الكريمة ، وطبعه الوادع.
رابعاً :الغنى : فكثيراً مايجمح صاحبه نحو الزهو والتيه والكبر والطغيان ،وكما قال الشاعر العربي :
لقد كشف الأثراء عنك خلائِقاً ...............من اللؤمِ كانت تحت ثوب ٍمن الفقرِ
خامساً: المنصب :فقد يحدثُ تنمراً في الخلُق ، وتطاولاً على الناس ، منبعثاً عن ضعةِ النفس وضعفها ، أو لؤم الطبع وخسته .
سادساً : العزلة والتزمت : فإنه قد يسبب شعوراً بالخيبة والهوان ، مما يجعل المعزول عبوساً متجهماً .
وحيث كان سوء الخلق من أسوأ الخصال وأخس الصفات ، فجدير بمن يرغب في تهذيب نفسه ، وتطهير أخلاقه ،من هذا الخلق الذميم و[العقدة النفسية السيئة ] عليه أن يتبع النصائح التالية :
أولاً :أن يتذكر مساويء الخلق وأضراره الفادحة ،وأنه باعث على سخط الله تعالى ،وإزدراء الناس ونفرتهم ..
ثانياً : أن يتذكر فضائل الخُلق الحسن ومآثره الجليلة ، وماورد في مدحه والحث عليه في الكتاب والسنة وآثار أهل البيت عليهم السلام .
ثالثاً: التريض على ضبط الأعصاب ، وقمع نزوات الخلق السيء وبوادره ،وذلك بالتريث في كل مايصدر عنه من قول أو فعل ، مستهدياً بقول الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم :[أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه ]..أما من ساء خلقه بأسباب مرضية جسمية ،فعلاجه بالوسائل الطبية ، وتقوية الصحة العامة وتوفير دواعي الراحة والطمأنينة ، وهدوء الأعصاب .
فعلينا أن نعالج أمراضنا الداخلية[النفسية ] قبل أن نعالج الأمراض [العضوية]الجسدية وذلك لأن الأمراض الجسدية قد تؤدي بالأنسان إلى موت الجسد ، أما الأمراض الداخلية [ النفسية ] فتؤدي بالأنسان إلى موت الروح وموت الأيمان وموت الأنسانية المتحضرة العاقلة في نفسه ، وهذا من أخطر أنواع الموت الذي قد يصيب الأنسان...
[1] - مهدي الصدر ، أخلاق أهل البيت (ع) ، ص15.
[2] - الشيخ الصدوق ، عيون أخبار الرضا ،ص 97.
[3] - الكليني ، الكافي ،ص43.
[4] - نفس المصدر .
[5] - بقليل من التصرف عن كتاب (العقد النفسية ) . للباحث الوالد عبدالهادي البابي ..
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
انعام عبد الهادي البابي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat