أَلذِّكْرَى [الأَربَعُونَ] لانتِفَاضَةِ [ الأَرْبَعِينَ] [١١]
نزار حيدر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نزار حيدر

إِنَّ الحُسين السِّبط (ع) هو ضحيَّة الارهاب باسم الدِّين!.
ومنذُ عاشوراء [٦١ هـ ] ولحدِّ الآن فانَّ أَنصارهُ ومحبِّيه ومريديه ومَن سَارَة على نهجهِ هم كذلك ضحيَّة الارهاب باسم الدِّين! فكانت إِنتفاضة صفر الخالدة أُنموذج لِهذهِ الحقيقة التي لا تقبل الزَّيغ والزَّيف! فعندما يواجه النِّظام ثُلَّة من المؤمنينَ العُزَّل بجيشٍ جرَّارٍ مُسلَّح بكلِّ أَنواع الأَسلحة الخفيفة والثَّقيلة بذريعة [حماية الدِّين] فهذا يعني أَنَّهُ يواجههُم بالارهاب والعُنف والقَسوة والتوحُّش!.
لقد فضحت الانتفاضة إِرهاب النِّظام! لتُكرِّس مفهوم المواجهة التَّاريخيَّة بَيْنَ الظَّالم والمظلوم! المُستكبِر والمُستضعَف! المُؤمن والمُنافق الذي لبَس الاسلام لَبْسَ الفَروِ مقلوباً! وبينَ الشَّجاعة التي تتسلَّح بالايمان والجُبن الذي يتسلَّح بالسَّيف! وأَخيراً لتُكرِّس مفهوم [إِنتصار الدَّم على السَّيف].
وبعدَ مُرور ِ [٤٠] عاماً على تلك الانتفاضة المُباركة التي غذَّت الرَّضيع حليبَ التَّحدِّي والمُقاومة ليشِبَّ على الحريَّة والكرامة ورفض الذُّلِّ والعبوديَّة والاستسلام ليهبَّ للدِّفاعِ عن حِياض الدِّين والوطن والأَرض والعِرض عندما لبَّى الشَّباب الحُسيني نداء فتوى الجِهاد الكِفائي التي أَصدرها المرجعِ الأَعلى في أَحلك الظُّروف وأَقسى المُنعطفات التي مرَّت على الْعِراقِ في تاريخهِ المُعاصر!.
إِنَّ الحشد الشَّعبي هو الثَّمرة الطَّاهرة والنقيَّة الحقيقيَّة لتلكَ الدِّماء الطَّاهرة التي أُريقت في إِنتفاضة صفَر على طَريقِ الحُسين السِّبط (ع) وما أَعقبها من إِنتفاضاتٍ باسلةٍ إِستمدَّت روحها وجوهرها من عاشوراء، ولذلك كانَ إِنجازهُ الحشدِ تاريخيّاً عظيماً لا يتنكَّر لهُ إِلَّا كلَّ مُنافقٍ وطائفيٍّ أَو ابْنُ حرامٍ!.
وما أَروعَ وصف الشَّاعر لهؤلاءِ الفِتْيَةِ الَّذينَ {آمَنُوا بِرَبِّهِمْ} فزادهُمُ اللهُ هُدًى، وهُم يُرابطونَ في سوحِ الجهادِ وعيونهُم على طَريقِ [المشَّاية] السَّائِرونَ إِلى ضريحِ الحُسين السِّبط (ع)؛
ها حَشِدْنا شلُونكُم بالأَربَعِين
إِحْنَه زِرْنَه وبالنَّصِر نِدعِیلكُم
ماكُو داعِي ولا تِجُون لكَرْبلاء
هُوَّ يُومِيَّه الحُسَين يـــزُوركُم
لقد مثَّلت الانتفاضة المُباركة المصنع الذي يُنتجُ الرِّجال الحُسينيِّين الذين لا يخافونَ في اللهِ لومةَ لائمٍ إِذا لبَّوا نداءَ الوطن والدِّين والشَّرف! فهم أَبداً مِصداقُ قولِ اللهِ تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ}.
أُنظروا كيفَ جمعَ أَعداء العراق لهؤُلاء الفتيَة المُؤمنة؟! عُنفاً وإِرهاباً وحملات إِعلاميَّة للتَّضليلِ وتشويهِ الحقائِق وقلبَها رأساً على عَقِب! فهَلْ فلَّ كلَّ ذَلِكَ بعضِدهِم؟! هَلْ قلَّلَ من عزيمتهِم؟! هَلْ خافوا أَو تَراجعوا أَو تردَّدوا أَو انقلَبوا على أَعقابهِم؟! أَبداً! بل بالعكسِ تماماً! فلقد زادهُم كلَّ ذَلِكَ إِيماناً وتصميماً وإِصراراً وتوكُّلاً على الله الذي هوَ حسبهُم! أَلا تراهُم كيفَ يتعقَّبونَ الارهابيِّينَ في جحورهِم؟! أَلا تراهُم يُلاحقونَ فلولهُم تحتَ كلِّ حجَرٍ ومدَرٍ؟! ليقفُوا اليوم شامخينَ مُستنفَرينَ لحِراسةِ الحُدود؟!.
وأَقولُ هُنا بضَرسٍ قاطعٍ؛ لولا الحُسين السِّبط (ع) لكُنَّا اليَوم كلُّنا [دواعش] و [إِرهاببِّين] فلقد مثَّلت عاشوراء مائِزاً بين منهجَين؛ منهج المَظلوم الذي ينتصر بالدَّم، ومَنهج الظَّالم الذي يعتدي بالسَّيف! وليس بينهُما منهجٌ ثالثٌ أَبداً! ولذلك ينبغي أَن يعرِفَ العالَم هذهِ الحقيقة بِلا مُجاملةٍ أَو خجلٍ أَو تضليلٍ أَو مُداراةٍ! يجب أَن يعرِفَ أَنَّ الذي يُمارس الارهاب يعودُ بجذورهِ إِلى المنهجِ الأَمويِّ الذي يوظِّف الدِّين للقتلِ والتَّدمير، وأَنَّ الضَّحيَّة هو أَبداً يعودُ بجُذورهُ إِلى المنْهَجِ الحُسيني الذي يُضحِّي بالغالي والنَّفيس مِن أَجْلِ الانسانِ! كما يفعلُ الحشدُ في بلادِ الرَّافدَين عندما لبَّى نِداء الفَتوى!.
فمِن أَجْلِ إِفشالِ كلِّ المُحاولاتِ الرَّاميةِ إِلى غسلِ أَدمغةِ الرَّأي العام! سواءً مِن خلالِ خلطِ الأَوراق أَو بشعاراتِ [الوحدة الاسلاميَّة] المُزيَّفة ورفضِ التَّمييز بين المَنهجَين! ينبغي التَّبيينِ والتَّوضيحِ!.
يا أَنصارَ الحُسينِ السِّبطِ (ع)؛ أَظهِرُوا وأَصحِرُوا وأَعلِنُوا وأَكشِفُوا وأَشهِرُوا عن هويَّتِكُم الحُسينيَّة الكربلائيَّة العاشورائيَّة بلا تردُّدٍ أَو خَوفٍ! وبكلِّ الطُّرُق! خدمةً للانسانيَّة! فخلطُ الأُمورِ يخدِمُ الباطِلَ! فحَذارِ!.
٥ تشرينِ أَلثَّاني ٢٠١٧
لِلتَّواصُل؛
E-mail: nazarhaidar1@hotmail. com
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat