صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

الإمام السيستاني سيد المقاومة ومحطم مشاريع التقسيم
ثامر الحجامي

حين جاءت ساعة الصفر، وأريد للعالم أن تتغير موازينه وترسم خرائط جديدة غير معهودة، ويستبدل الطغيان بطغيان جديد وأشد، وتغيير الوجوه الحاكمة بممثلين جدد يؤدون مشاهد جديدة في العمالة والظلم والطاعة لدول الاستكبار، ويكملون ما يريده الاستعمار من تقسيم المقسم وسرقة ثروات الأمة والهيمنة على مقدراتها، وإيهام حركات التحرر والطبقات المظلومة، بان ما يجري هو لمصلحتهم وإنقاذهم مما هم فيه.

فكانت البداية من قلب العالم والشرق الأوسط لإسقاط أول حجر في لعبة الدومينو، فكان الهجوم على العراق عام 2003 واحتلاله بصورة مباشرة، ليكون مركزا للتغيير والشروع في رسم خرائط جديدة جغرافية وسياسية، ورفع الستار عن الفصل الأول من المسرحية التي ما تزال أحداثها مستمرة الى اليوم، فتارة تصبح تراجيدية وتارة كوميدية شهدت استبدال الكثير من الممثلين، فكان الأول طاغية العراق تبعه مجنون ليبيا وكومبارس مصر، وفوضى واقتتال في تونس واليمن وحرب مستعرة في سوريا، وفوضى في البلدان المجاورة وإرهاب يضرب في دول العالم كافة.

في العراق كانت المعادلة مختلفة عن غيره، وحوائط الصد تجاه المخططات الامبريالية لم تكن هشة، بل كانت صلبة تكسرت عليها مخططات المحتل، وما كان يطمح له من السيطرة على هذا البلد وتنفيذ أجنداته الخاصة ومآربه الخبيثة، التي بدأها بعد الاحتلال المباشر وبسط نفوذه على ارض العراق، فكانت محاولته الأولى عام 2005 بفرض دستور عراقي، عن طريق تشكيل مجلس لكتابته يقوم بتعيين أعضائه، فكان الرد المزلزل من السيد العظيم : "إنكم لا تتمتعون بأي صلاحيات في تعيين أعضاء مجلس كتابة الدستور، ولابد من إجراء انتخابات عامة يختار فيها العراقيون من يمثله لكتابته، ثم يجري التصويت عليه من قبل الشعب العراقي " فكان الانتصار الأول في المواجهة المباشرة بين المرجعية وقوات الاحتلال، التي لم تألوا جهدا ومازالت في تشويه صورتها وإبعادها عن الجمهور.

لكن الاحتلال لم يقف عند هذا الحد، وما لم يتحقق على الورق من تقسيم للعراق وتفريق بين طوائفه، حاول تحقيقه على ارض الواقع، بإثارة الفتن الطائفية والاقتتال الداخلي بين مكونات الشعب العراقي، فاستخدم الاحتلال أدواته الشريرة في تفجير مرقدي الإمامين العسكريين في سامراء عام 2006، الذين لهما قدسية كبيرة عند الشيعة، وكل أمله إشعال نار الطائفية التي كادت أن تحرق الأخضر واليابس، وتهوي بالبلاد الى المجهول لولا كلمة جاءت من النجف، تدعو الى ضبط النفس وعدم اتخاذ إجراءات تؤدي الى أحداث فتنة طائفية يريدها من نفذ التفجير، فكانت مقولة الإمام السيستاني الشهيرة " السنة هم أنفسنا"، هي الماء الذي اخمد النار ووأد الفتنة في مهدها، واحرق قلوب المحتلين وأذنابهم وأجهض مخططاتهم، ومرة أخرى عاد الاستكبار العالمي يجر ذيول الخيبة والخسران.

وما إن تنتهي أزمة حتى تأتي أخرى اشد منها وأعتى، وهذه المرة كانت الاستعانة بجيوش الإرهاب ومجاميع التكفير وشذاذ الآفاق، التي تم جلبها من كافة بقاع العالم مجهزة بكافة صنوف الأسلحة الفتاكة، مدعومة بالأموال والإعلام المغرض، ملأ قلوبها الحقد ونزعت منها الإنسانية، لا تفرق بين الرضيع والمرأة والشيخ، تسترق النساء وتستعبد الأطفال، اجتاحت العراق من الموصل حتى وصلت أطراف بغداد، فبلغت القلوب الحناجر وسعير نارها كاد يحرق البلاد، ودول الاستكبار فرحة بما يجري وهي ترى أحلامها على وشك أن تتحقق، فانبرى لها السيد العظيم مرة أخرى، وأعلن فتوى الجهاد الكفائي ضد مجاميع الإرهاب وزمر التكفير، فماجت الأرض بحشود المجاهدين وتزينت السماء بنيران بنادقهم، فأبيدت زمر الموت وتحررت البلاد وردت السبايا، وتكسر قرن الإرهاب وداعميه مرة أخرى بصخرة المرجعية.

وما تكاد تنتهي صفحة داعش؛ حتى ظهر لنا مشروع جديدة للتقسيم، مستخدما ورقة جديدة غير استخدام السلاح والحرب الطائفية، وكأنه كان ينتظر ساعة الصفر بإنتهاء داعش، ولا غرابة في ذلك فصاحب المشروع هو نفسه، وإن تعددت التسميات وتغيرت أدواته الانفصالية، فكان هذه المرة مسعود البرزاني بديلا عن داعش، شاهرا سلاح الانفصال عن العراق عن طريق استفتاء بائس ليس له أساس قانوني أو دستوري، لا يبتغي منه إلا مصالحه الشخصية والحزبية والاستمرار بسرقة الإقليم وثرواته، مستعينا بالجهات ذاتها التي كانت ومازالت تريد تقسيم العراق، فإنبرى الإمام السيستاني لهذا الاستفتاء وأعلنها صريحة واضحة، إنه ضد الانفصال وعلى الأكراد العودة الى المسار الدستوري في علاقتهم مع الحكومة الاتحادية، فكانت الضربة التي قصمت ظهر المطبلين لمشروع الاستفتاء، وأعلنت إن العراق سيبقى موحدا من شماله الى جنوبه، رغما على مشاريع التقسيم التي تهدده كل حين.

ولنا إن نتصور العراق من دون أن يكون فيه السيد السيستاني، حافظا للوحدة وجامعا للكلمة، حطم مشاريع التقسيم وهزم الطواغيت وبدد أحلامهم، مطفئ نار الفتن أينما حلت قارب بين القلوب وألف بين النفوس، كل ذلك وهو يجلس على فراش بسيط في بيت مؤجر في النجف الأشرف، لكنه ينبض بالحكمة والإلهام ولن تضره أقوال المتخرصين وسهام الكذابين، وسيبقى جبلا أشم لاتناله رياح المعتدين.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/10/09



كتابة تعليق لموضوع : الإمام السيستاني سيد المقاومة ومحطم مشاريع التقسيم
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net